تظاهر آلاف عدة من أنصار عضو اللجنة المركزية المفصول من حركة «فتح» النائب محمد دحلان في باحة المجلس التشريعي الفلسطيني غرب مدينة غزة تحت شعار «غزة الى أين؟». وجاءت التظاهرة بموافقة من وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية التي تقودها وتهيمن عليها حركة «حماس» في القطاع، وسط انتشار كثيف لرجال الشرطة والأمن لحمايتها، والتدخل في حال وقعت احتكاكات أو خلافات مع أنصار الرئيس محمود عباس. وأعلن الناطق باسم وزارة الدخلية إياد البزم في تصريح، أن «الوزارة سمحت للعناصر الفتحاوية بالتظاهر في ساحة الجندي المجهول، وإقامة فعالية أخرى في المجلس التشريعي». وتأتي التظاهرة في وقت نشرت صحيفة «الرسالة» التابعة لحركة «حماس» مقابلة مع عضو المكتب السياسي للحركة خليل الحية قال فيها إنه لا توجد خلافات بين «حماس» دحلان. ورأى أن مشكلة دحلان مع حركة «فتح» وليس مع «حماس»، معتبراً أن من حق «حماس» التعامل مع مكونات الشعب الفلسطيني كافة بما يخدم القضية الفلسطينية. وجاءت هذه التصريحات في وقت تشهد فيه العلاقة بين عباس ودحلان تصعيداً كبيراً، والعلاقة بين «حماس» ودحلان تقارباً ملحوظاً على خلفية العداء لعباس. وتُعتبر التظاهرة الظهور العلني الأول لأنصار دحلان، الذين خاضت معهم «حماس» صراعات دموية عامي 2006 و2007 انتهت إلى طرده وأنصاره والسلطة الفلسطينية من القطاع، فيما واصلت «حماس» ملاحقتهم وزجهم في سجونها حتى وقت قريب. وجاءت التظاهرة، التي شاركت فيها زوجة دحلان جليلة وعشرات من أقاربه، تلبية لدعوة وجهتها مواقع على شبكات التواصل الاجتماعي، من بينها صفحة «عباس لا يمثلني» المقربة من دحلان، إلى أنصار «فتح» للنزول الى الشارع في مسيرات حاشدة دفاعاً عن «الكرامة ومستقبل الأطفال من التهميش والتشرد». وتعهدت أن «يدفع محمود عباس الثمن، ولن نتراجع». ورأى أنصار عباس أن «حماس» تحاول «اللعب» على خلافاتها مع عباس، والإفساح في المجال أمام أنصار دحلان للعمل بحرية في غزة، ومنع أنصار عباس من ذلك، وتعميق الصراعات داخل الحركة على قاعدة «فخار يكسّر بعضه». وردد المتظاهرون هتافات مناوئة للرئيس عباس، وتطالب بوقف إجراءات محاكمة دحلان بتهم تتعلق بشبهة ارتكاب جرائم فساد. ورفع أنصار دحلان، الذين وصلوا مدينة غزة من مناطق القطاع بعشرات الحافلات وسيارات الأجرة، صوراً لدحلان وأبرز المقربين منه القيادي في «فتح» سمير مشهراوي، والقيادي الراحل أبو علي شاهين، وأخرى ضخمة للرئيس الراحل ياسر عرفات، وأخرى لدحلان معه، وغيرها كتب عليها «كلنا دحلان». وحمل عدد من أنصار دحلان صوراً لعباس كتب عليها «كفى، آن الآوان للتصدي لعباس وزمرته. ترقبوا الحدث الفتحاوي في 15 كانون الثاني» (يناير) المقبل، وأخرى «كفى رمز الفساد والطغيان والانقسام والخنوع». وفي كلمة أمام المحتشدين، اتهم القيادي في «فتح» المقرب جداً من دحلان النائب ماجد أبو شمالة، قيادة «فتح» والسلطة الفلسطينية بظلم قطاع غزة ودحلان، وسط تغطية إعلامية كبيرة. وقال إن «السلطة والحكومة تفتقران لأي برنامج يتعلق بقطاع غزة، والظلم الذي وقع على أهلنا في غزة لم يعد يُطاق». وأضاف أن «غزة جزء أصيل من الوطن، ومن يهمشها تهمشه غزة وأهلها ولن تسامحه، فاليوم نخرج لنقول لا للظلم، ولا لاستمرار المحاكمات الصورية للنائب محمد دحلان»، مشدداً على أن «دحلان يحصل على حصانته من الشعب والجماهير وليس بقرار ظالم». ودعا أبو شمالة عباس إلى وقف «المهزلة» في حق أبناء غزة، وإصدار مرسوم لإجراء الانتخابات فوراً، بعد إعلان «حماس» استعدادها لإجرائها. وتابع: «لنترك أهالي فلسطين يقولون كلمتهم ويختارون من يمثلهم من طريق الانتخابات، فنحن لسنا منشقين عن الحركة، إنما الذي انشق من يخرج عن حركة فتح (عرفات) أبو عمار و(الشهيد خليل الوزير) أبو جهاد و(الشهيد صلاح خلف) أبو إياد». وقال عضو المجلس الثوري المفصول من «فتح» عبدالحميد المصري، إن «الشعب الفلسطيني لم يعد يحتمل سكوتاً أكثر مما مضى، على تأخير إعادة الإعمار، وقطع الأرزاق وتهميش قضايا الموظفين». وأضاف في كلمته: «لن نصمت أكثر من ذلك على تهميش قطاع غزة»، محذراً قيادة الحركة في الضفة الغربية من «تداعيات قراراتهم في حق أبناء غزة». وشدد على أن انتماءهم الى الحركة «لم يكن لأجل الأموال أو المناصب، إنما من أجل القضية الفلسطينية»، مردداً مقولة «فليأخذوا الراتب والمناصب، وليتركوا لنا الوطن». «فتح» ترد --------------- من جهة أخرى، وصفت مفوضية الإعلام والثقافة في «فتح» الدعوات الى التظاهر بأنها «مشبوهة هدفها بث الفرقة وتمزيق الصف الفلسطيني». وقالت في بيان: «في وقت يخوض الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية معركة سياسية مصيرية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وفي وقت يتم العمل وطنياً من أجل إنهاء الانقسام وإعادة قطاع غزة إلى حضن الشرعية الوطنية، تطل علينا فئة ضالة توجه دعوات مشبوهة، لتقدم خدمة مجانية لدولة الاحتلال وأصحاب المصلحة في إدامة الانقسام، مستغلة معاناة أهلنا في القطاع». ودعت «جماهير شعبنا في قطاع غزة، إلى عدم الالتفات لمثل هذه الدعوات الجهوية، وتأكيد تمسكنا بالوحدة الوطنية والشرعية الفلسطينية». ورأت أنه «سيأتي يوم سيحاسب فيه شعبنا هذه الفئة الضالة المأجورة التي تتساوق في هذه اللحظة التاريخية الدقيقة مع الضغوط والتهديدات الإسرائيلية، بهدف نشر الفتنة وحرف البوصلة الوطنية عن العدو الرئيس المتمثل بدولة الاحتلال». وكان الفلسطينيون فوجئوا صباح أمس بمئات الصور ملصقة على جدران غزة وشوارعها تهاجم عباس، وتدعو إلى ترقب حدث فتحاوي كبير في 15 من الشهر المقبل. وقالت مصادر ل «الحياة» إن الحديث يدور عن احتفال ضخم ينوي أنصار دحلان تنظيمه في غزة لمناسبة ذكرى انطلاقة الحركة في الأول من الشهر المقبل. كما شهدت الأيام الأخيرة صراعات داخل صفوف الحركة بين أنصار عباس ودحلان، خصوصاً أثناء تنظيم انتخابات لاختيار قيادات الأقاليم والمناطق، وصلت الى حد الاشتباك بالأيدي وإطلاق النار. وقالت مصادر مقربة من دحلان إن عباس أصدر قرارات بوقف رواتب نحو 100 موظف من الكوادر «الفتحاوية» المؤيدة لدحلان. وأعلن مشهراوي عضو المجلس الثوري، الذراع الأيمن لدحلان، أنه سيتم دفع رواتب هؤلاء الموظفين وتعويضهم.