خرج عشرات آلاف الفلسطينيين في مختلف أنحاء الضفة الغربية، أمس، في مسيرات داعمة للرئيس محمود عباس في وجه الضغوط الأميركية الرامية إلى حمله على قبول اقتراح «اتفاق إطار» كأساس لمفاوضات مستقبلية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، يراه الفلسطينيون مجحفاً بحقوقهم الوطنية. وتأتي هذه المسيرات قبل ساعات من اجتماع الرئيس الأميركي باراك أوباما مع الرئيس الفلسطيني في واشنطن، في مسعى لإنقاذ جهود السلام الأميركية، وذلك بعد أسبوعين على دعوة الجانب الإسرائيلي إلى الموافقة على تمديد مهلة مفاوضات السلام. وأغلقت المؤسسات الحكومية والهيئات المحلية والمدارس في الضفة الغربية أبوابها صباح أمس، استجابة لدعوة من حركة «فتح» والحكومة، للمشاركة في المسيرات والمهرجانات التي أقيمت في جميع مدن الضفة الغربية. وفي مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، شارك حوالى 5000 فلسطيني في التظاهرة، ورددوا شعارات داعمة لعباس، بينما شارك حوالى ألف شخص في تظاهرة مشابهة في مدينة الخليل جنوبالضفة الغربية. وقال ناصر الدين الشاعر، وهو وزير سابق ومسؤول مقرب من حركة «حماس» الإسلامية في الضفة الغربية شارك في تظاهرة نابلس: «إن الرئيس عباس أعلن أنه على أبواب العقد الثامن، وأنه لن ينهي حياته إلا بصفحة بيضاء. ونحن هنا اليوم للوقوف في وجه أي ضغوط تمارس عليه كي يبقى ثابتاً على موقفه». وقال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدالله في كلمة ألقاها في مهرجان كبير وسط مدينة رام الله: «جئنا هنا اليوم لنؤكد دعمنا وتأييدنا لمساعي الرئيس وجهوده بحل قضيتنا العادلة والوصول بها إلى نهايتها الحتمية المتمثلة بإنهاء الاحتلال، وإقامة دولتنا المستقلة على كامل حدود عام 1967 والقدس الشريف عاصمتها، وغزة قلبها النابض والأغوار». وأضاف: «سنبقى الأوفياء دوماً لعذابات الأسرى وأهالي الشهداء، وسنبقى صامدين صمود أبو عمار، ولن نفرط بشبر واحد من أرضنا»، مشيراً إلى أن «أولويات قيادتنا الوطنية إنهاء الاحتلال والسعي لإحلال السلام عبر التمسك بمبادرة السلام العربية، وبقرارات الشرعية الدولية». وجدد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل يوسف، في كلمة «عدم الاعتراف بيهودية إسرائيل، وعدم المساس بالثوابت كحق العودة، والقدس العاصمة الأبدية لفلسطين». وقال محمود العالول عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»: «إن هذا التفاعل الكبير يوجه رسائل واضحة بأن الشعب الفلسطيني متمسك بعناد وبقوة بثوابته الأساسية بحقوقه ولن يفرط بها، وأن هذا الشعب رافض كل الضغوط، صامد في مواجهتها، ملتف حول قيادته، والرئيس عباس، داعم ومساند له في تمسكه بالثوابت الفلسطينية». وتوقع العالول أن تتعرض السلطة الفلسطينية لحصار مالي. وأضاف: «لكن، لا يمكن أن نبيع ثوابتنا بالمال». وذكر أحمد عساف المتحدث باسم حركة «فتح» أن «المسيرات حملت رسالتين: الأولى إلى إسرائيل والمجتمع الدولي، خصوصاً الإدارة الأميركية، بأن الشعب الفلسطيني يقف خلف قيادة أبو مازن ويلتف حوله لأنه عبر عن إرادة شعبنا ورفض كل الضغوط، وأنه متمسك بالثوابت الفلسطينية التي تقود شعبنا لإقامة دولته وتحقيق أهدافه الوطنية». وقال إن الرسالة الثانية هي أن «المواقف المشرفة للرئيس عباس محل اعتزاز من شعبنا الذي يعلن في كل المحطات التاريخية تمسكه بحقوقه ويرفض التنازل عنها». وفي قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة «حماس»، أعلن المتحدث باسم حركة «فتح» حسن أحمد أن أجهزة الأمن منعت الحركة من تنظيم مسيرة دعم لعباس، وذلك لليوم الثاني على التوالي. وقال شهود ل «الحياة» إن مئات من أنصار «فتح» تجمعوا أمام اللجنة الدولية للصليب الأحمر غرب مدينة غزة على هامش الاعتصام الأسبوعي لذوي الأسرى في السجون الإسرائيلية صباح أمس، وحاولوا التوجه إلى حديقة الجندي المجهول القريبة، إلا أن عشرات من رجال الشرطة اعترضوا طريقهم ومنعوهم، وصادروا صور عباس واللافتات. واتهمت «فتح» شرطة «حماس» بالاعتداء بالضرب على عدد من المشاركين ومنع عضو المجلس الثوري للحركة محمود النحال من إلقاء كلمته أمام الحشود ومحاولة اعتقاله، وذكرت أن الشرطة اعتقلت عدداً من أنصار عباس. كما فضت الشرطة شجاراً نشب بين مجموعتين من طلاب جامعة الأزهر في المدينة إحداها مؤيدة لعباس والأخرى مؤيدة للقيادي المفصول من الحركة محمد دحلان. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية أياد البزم ل «الحياة»: «إن الوزارة أكدت لقيادة فتح أول من أمس وقف أي فعاليات تتعلق بدعم عباس في إطار الحفاظ على الأمن والنظام العام والتجاذبات الشديدة» في الحركة. وشدد البزم على أن وزارة الداخلية «لن تسمح بعودة الفوضى والانفلات الأمني، وستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لذلك».