ما بين روحه الساخرة ونكتته الحاضرة جاء حواري مع عراب صحيفة عكاظ الكاتب المخضرم عبد الله عمر خياط في مكتبته بحي الحمراء بجدة مليئا بالمنعطفات والإسقاطات والمرتدات، وما يمكن أن ينشر وما لا ينشر.. الرجل الذي عاصر فترة التأسيس وعرف رجالها عن قرب تكرم فيه «عكاظ» تاريخها اليوم، الذي تكاد الأجيال الجديدة أن تنساه، لكن القراء الذين اعتادوا على مقالاته وتابعوا معاركه على مدى خمسة عقود، لم ينسوا أن الخياط نموذج لمن اتخذ من الصحافة كتابة، ومن الكتابة قلما، ومن القلم وجدانا وصقلا لا وظيفة ولا شهادة جامعية، فخرجت مقالاته من الشعور والأعصاب لتفترش اللغة. استودعني عصارة خبرته محررا ورئيسا للتحرير وكاتبا وعضوا مؤسسا فلم يترك بابا إلا وطرقه.. قال : إن ما تعيشه الصحافة الورقية من تراجع يشكل مأزقا كبيرا وأن القادم أسوأ، وطالب بالعودة إلى قرار دمج الصحف الضعيفة الذي صدر في الثمانينات الهجرية، وانتقد هيئة الصحفيين لرفضها عضوية رؤساء تحرير متقاعدين وقبولها محررين من الشارع، ومستغربا تشديد الرقابة على الصحف مما أضعف جرأة الطرح. الخياط أيد قرار الجمع بين منصب المدير العام ورئيس التحرير دون صلاحيات مطلقة، وأبدى أسفه على حال نادي الوحدة الذي تولى رئاسته في الماضي أشخاص قال إنهم دون المستوى المنشود.. محاور أكثر سخونة حملتها العناوين وتفاصيلها في ثنايا الحوار. لنبدأ أبا زهير من المشكلة التي انعكست على حياتك عندما قررت عدم الدراسة في مدرسة تحضير البعثات، وأسباب ذلك؟ ببساطة شديدة. كنت أضيق من حصة الحساب تحديدا، وقبل انتهاء السنة الدراسية بأسبوع أعطونا إجازة لكي نستعد للامتحانات النهائية، فقال لنا مدرس مادة الحساب الأستاذ جميل شقدار رحمه الله سأعمل لكم دروس تقوية بشكل يومي، في إحدى الحصص لم تكن هناك مساحة لتنظيف السبورة، وكنت أنا من يجهزها لهم من بقايا الأقمشة من دكان والدي، وفي ذلك اليوم دسستها عمدا في الدرج فأضطر الأستاذ لاستخدام عدد من الأوراق لمسح السبورة، فأحدث ذلك صوتا مزعجا في الفصل، فقمت برمي القماش على السبورة لكي لا يعرف الأستاذ من خبأها، فأصاب غبار الطباشير عينيه فالتفت متسائلا: من الذي رمى المساحة؟ فلم يجب أحد، وبعد بحث وتحقيق من مدير المدرسة خرج أحد الطلاب (الفتانين) رحمه الله وقال على اسمي، فأكلت فلكة محترمة، والغريب أنني كنت أضحك مع كل ضربة في قدمي، وعندما حاولت الوقوف بعد ذلك شعرت بالألم الشديد، لكنني فوجئت بصفعة على وجهي من الأستاذ جميل شقدار غفر الله له أثرت في نفسي كثيرا خصوصا أنني تلقيتها أمام زملائي، فلم تهن علي كرامتي فحلفت بعدها أن لا أعود إلى المدرسة ولم أندم على قراري، والحمد لله أن كتب الله لي خيرا بالقراءة المتواصلة، ووجهت من قبل بعض الأساتذة الطيبين لقراءة كتب المنفلوطي وطه حسين بدلا من قراءة قصص سندباد وغيرها ومن هنا بدأت شق الطريق. لم أستوعب فكرة أنك بدأت محررا أمنيا في شرطة العاصمة المقدسة؟ عندما خرجت من مدرسة تحضير البعثات أسست ندوة الشباب الأدبية ثم الندوة الأدبية الحديثة وهي على غرار المسامرات الأدبية التي تقيمها مدرسة تحضير البعثات كل أسبوع من أجل أن أجتمع مع زملائي، وفي أحد الأيام جاء ابن عمي عبد الفتاح خياط إلى دكان الوالد وكانت له رتبة عسكرية في الشرطة، فعرض علي وظيفة هناك بعد أن أخذ موافقة والدي، وقال لي: تأتينا غدا في المنطقة الرابعة في الحجون ويصير خير، فاستيقظت مبكرا وكانت العائلة تفطر معا مثل كل عائلة في ذلك الوقت، فذهبت إلى المنطقة الرابعة فأخذني ابن عمي لمدير شرطة العاصمة في الحميدية آنذاك العقيد أحمد يغمور، وفي تلك السنة وضعت أول ميزانية خاصة للأمن العام ونزلت ضمنها وظيفة (محرر أمني) ومهمتها كتابة أي تحقيقات يجريها الضباط مع أي متهم أو صاحب قضية، وطلب مني أن أكتب أيضا (الفذلكة) المرتبطة بأي تحقيق، أو ما يسمونها بالديباجة؛ بأنه في اليوم الفلاني والتاريخ الفلاني جرى كذا... إلخ، وكذلك عندما يسلم الضابط المناوب مساء ملفاته لمدير الشرطة الذي يستعرضها صباحا فيأتي بالمحرر ليكتب عليها (الوقوعات) أي ما حدث في المنطقة. أما بدايتي الحقيقية مع الكتابة فكانت بالمشاركة في الندوات الأدبية التي كنت أحرص على حضورها وتدوين ما يدور فيها، وكانت عندنا في المدرسة الابتدائية جريدة يحررها الطلاب عبارة عن أربعة فروخ من الورق فنهرتنا المدرسة ومنعونا من تحريرها. وحدث أن أقامت المدرسة في نهاية العام حفلا لطلابها حضره الشيخ محمد بن مانع مدير المعارف آنذاك والأستاذ عبدالله عريف، فوقفت أنا وأسامة السباعي وقلنا له: إن (الحكومة) ونقصد المدرسة أوقفتنا، فطلب منا الحضور لمكتبه في اليوم التالي وكانت الجريدة ملاصقة لمبنى المدرسة العزيزية التي ندرس فيها، وقال لنا: إيش رأيكم أعطيكم صفحة تحررونها تحت اسم (دنيا الطلبة) التي يشرف عليها الأستاذ عبدالرزاق بليلة، وكانت فرحتنا كبيرة لأننا رغبنا في الكتابة ولو على صحيفة حائطية، وتزايد عددنا بعد ذلك إلى عشرة محررين تقريبا، ومن هنا بدأت خطواتنا أنا ومحمد صالح باخطمة وعبد الله جفري وأسامة السباعي ومحمد سعيد طيب. ما سر القفزة السريعة التي بدأت فيها مديرا لتحرير «عكاظ» في عام 1384ه، ثم تقلدت رئاسة التحرير في العام التالي مباشرة وبقيت لمدة خمس سنوات؟ المسألة ببساطة يا عزيزي ليست قفزة وإنما هي رحلة استغرقت عشر سنوات عشتها في كبد ما بين مخبر في مكتب البلاد السعودية بمكةالمكرمة إلى سكرتير لمدير مكتب الأستاذ محمد عمر توفيق إلى مدير للمكتب ثلاث سنوات فسكرتير لتحرير جريدة البلاد السعودية لمدة عامين أعلنت في نهايتها وزارة الإعلام سابقا قرارها في شهر شعبان سنة 1383ه تحويل الصحف إلى مؤسسات، وأن على أصحاب الصحف تقديم الأسماء التي ستشارك في عضوية المؤسسات المرتقبة بدلا عن الامتيازات الفردية، في 10 شوال 1383ه وفي هذه الفترة كنت قد عدت إلى مكتب «البلاد» بمكةالمكرمة. وقد كان الأستاذ أحمد عبدالغفور عطار أحد أصحاب الصحف الفردية وهي «عكاظ» . ولأنه لم يستسغ فكرة المؤسسات فقد تأخر في تقديم الأسماء التي يمكن أن تشكل الجمعية العمومية لمؤسسة عكاظ، وكان من عادته أن يزورنا يوميا في مكتب البلاد في مكة فشجعناه أنا وزميلي محمد مليباري أن يبادر بتقديم الأسماء التي يختارها لمشاركته في عضوية المؤسسة لاسيما أن الصحف الأخرى قد تشكلت مؤسساتها وصدرت عنها صحف في الموعد المحدد. وبعد تردد أقدم العطار في مستهل عام 1384ه على تقديم قائمة الأسماء المقترحة بأعضاء مؤسسة عكاظ وعددهم 28 عضوا. وعندما صدرت الموافقة عقد المشاركون في المؤسسة أول اجتماع لهم طالب بإعطائه أجر المسعى وشراء المطابع منه وتعيين أخيه عبدالرشيد عطار مديرا لإدارة المؤسسة. فعقدت اللجنة التأسيسية التي شكلتها الجمعية العمومية لتولي إصدار الجريدة اجتماعا تبين لها خلاله أن العطار لا يرضى بغيره لتولي رئاسة التحرير، فعقدت الجمعية العمومية اجتماعا عاما لاختيار المدير العام ورئيس التحرير والبت في طلبات العطار، وكانت اللجنة التأسيسية قد اتفقت مع معالي السيد أحمد شطا على تولي منصب المدير العام كما جرى الاتفاق مع الأستاذ عبدالله الحصين على تولي رئاسة التحرير، ولكن الذي حدث أنه عندما استكمل الحضور بمنزل الشيخ عمر عبد ربه بجدة فاجأنا السيد أحمد شطا باعتذاره عن تولي منصب مدير عام المؤسسة وأنه قد استمزج رأي السيد معتوق حسنين لتولي المنصب فأجابه إن تم انتخابه فلا مانع لديه ولمدة عام واحد فحسب. وقد أسفر الاجتماع على انتخاب السيد معتوق حسنين مديرا عاما للمؤسسة لمدة عام والحصين رئيسا للتحرير فما كان من العطار إلا أن غادر الاجتماع وأبرق لجلالة الملك فيصل بطلب إيقاف صدور الصحيفة إلى أن يتم تعويضه بالمبلغ الذي قدره ب 350 ألف ريال وتعطل بالتالي قيام مؤسسة عكاظ أو صدور الصحيفة. وعندما حول الملك برقية العطار إلى صاحب السمو الملكي (خادم الحرمين الشريفين) فهد بن عبد العزيز عوض العطار بمنحة منه مقدارها 500 ألف ريال فصدر الأمر بالسماح بإصدار جريدة عكاظ. لكنك لم تكشف لنا عن سر اعتذار عبدالله الحصين عن تولي رئاسة تحرير عكاظ؟ الواقع أن عبد الله الحصين كان موقع ثقة الجميع ولذلك فقد رشحوه من أول جلسة للجمعية العمومية لما يتمتع به من ثقافة وخلق كريم. وقد استمر خلال الأشهر الخمسة التي تعطل خلالها إصدار «عكاظ» يجتمع بي وبالأخ عبد الله الداري وأحيانا ينضم إلينا عبد الغني قستي صاحب الخبرة وإن لم يكن عضوا في المؤسسة لوضع مخطط الصفحات للجريدة. لكن قبل شهر واحد من صدور الضوء الأخضر لإصدار «عكاظ» فاجأنا ببرقية من بيروت حيث كان يترأس فيها لجنة التعاقد مع المدرسين أنه يعتذر عن رئاسة التحرير فتم على الفور انتخاب الأستاذ محمود عارف الذي تم استعارة خدماته من مجلس الشورى لمدة عام. والحقيقة اختلفت التفسيرات بشأن اعتذار عبد الله الحصين فمن قائل إنه تلقى وعدا من معالي وزير المعارف الشيخ حسن آل الشيخ بتعيينه وكيلا للوزارة وآخر يقول إن الوعد كان تعيينه مديرا للجامعة. بينما قال لنا الحصين نفسه إن الأمر ليس هذا ولا ذاك وإنما توجس أن لا تستمر «عكاظ» طويلا لما يواجهها من مشكلات فآثر الخروج من الغنيمة بالإياب لاسيما أن عمله في «عكاظ» سيضطره للانتقال من الرياض إلى جدة، وإذا تم ما توقعه كان ذلك سيضطره للعودة ثانية إلى الرياض ولهذا آثر الاعتزال. ومن الذي رشحك لرئاسة تحرير «عكاظ» ؟ عندما تولى الأستاذ محمود عارف رئاسة تحرير «عكاظ» اختارني بموافقة الجمعية العمومية مديرا للتحرير فأمضيت معه العام الذي ترأس فيه تحرير الجريدة، حتى إذا ما انتهى العام وجاء أوان مغادرته رئاسة التحرير عقدت المؤسسة اجتماعا عموميا لانتخاب مدير عام للمؤسسة ورئيس تحرير للصحيفة. فأجمع الحاضرون على اختيار الشيخ عمر عبد ربه مديرا عاما للمؤسسة كما قبل الجميع ترشيح الأستاذ محمود عارف لي لتولي رئاسة تحرير «عكاظ» فتم انتخابي بالإجماع. وهكذا ترى يا صديقي أن المشوار كان طويلا ومرهقا وليس قفزة. بداية التأسيس =========== ما هو حجم المصاعب التي واجهتكم في بداية تأسيس «عكاظ» ؟ كما ذكرت لك سابقا أن رأسمال «عكاظ» كان 280 ألف ريال لم يدفع منه سوى 218 ألف ريال وزعت كالتزام يقوم بدفعه الأعضاء الثمانية والعشرون بحيث يدفع كل عضو 10 آلاف ريال، ولكن ظروف بعض الأعضاء لم تساعدهم على الدفع فدفعوها بالأقساط وكان حاصل ما جمعناه هو مبلغ 218 ألف ريال، وتم الاتفاق مع محمد حسين أصفهاني على أن ندفع له المستحق علينا من الطباعة آخر كل شهر تحسبا لحصولنا على إيراد الإعلانات، واتفقنا مع فهد شبكشي في شركة (سيمبكس للورق) على أن ندفع له المستحق علينا بعد شهرين وسارت أمورنا بشكل جيد لمدة شهرين، ثم بدأت بعد ذلك المصاعب فلم نستطع أن ندفع لشركة الورق التي أغلقت أمامنا أبوابها، فقمنا بكسر باب الشركة وأخذنا من مستودعهم رولا وذهبنا به لمطابع الأصفهاني، فقالوا لنا إن الأصفهاني أمرهم بعدم طبع صحيفتنا، فأخذنا نبحث عنه في كل مكان وعرفنا أنه ذهب لقصر صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله الفيصل فلاحقناه إلى هناك، ومن الطريف أنني أخذت معي الأخ فهد شبكشي الذي كانت تربطني به صداقة قوية، وقلت له: يا فهد احنا سرقنا سرقنا وما ينفع الكلام، فنريدك أن تساعدنا على الأصفهاني. فدخل الشبكشي على الأمير عبد الله الفيصل وقال له: الإخوان سرقوا ورق من عندي وسامحتهم، لكن الأصفهاني رفض أن يطبع لهم، وكان الأصفهاني يحاول الخروج من المجلس فنادى عليه الأمير عبد الله الفيصل وقال له : يا محمد حسين «محل منت رايح لاحقينك، والأبواب مغلقة». ثم شرحنا للأمير أوضاعنا، فالتفت للأصفهاني رحمهما الله وقال له: اطبع لهم وأنا الكفيل، وكان هذا موقفا كريما من سموه، فرجعنا وطبعنا جريدتنا بورق مصقول لأول مرة وانتهت الأزمة والحمد لله. القادم أسوأ ============= ما مدى صحة ما قيل عن أن «عكاظ» في فترة رئاستك كانت أكثر جرأة مما هي عليه الصحافة الآن ؟ المسألة لا علاقة لها بجرأة الشخص بقدر ما كانت تلك الفترة تسمح بتقديم المادة الأجرأ، أما الآن فتعددت الجهات الرقابية وأصبح بإمكان أي شخص في الشارع أن يشتكيك للجهة التي يريد، فيما كان القارئ في الثمانينات هجرية عاملا مساعدا ويعينك على تأدية رسالتك بجلبه الأخبار للصحيفة، أما اليوم فقد انكمش عدد القراء كثيرا. هل تعتقد أن هذا سبب في عدم إقبال الشباب على العمل في الصحافة ؟ طبعا.. فهم يخشون إنهاء خدماتهم بجرة قلم وعدم تعويضهم بما لهم من حقوق حتى ولو خدموا في المؤسسات عشر سنوات أو أكثر. والشاهد على ذلك أنني حتى الآن لم أستلم حقوقي من «عكاظ». لكنك لم تقم بفصل أي محرر في خلال الفترة التي ترأست فيها تحرير «عكاظ» ؟ إطلاقا. بل كنت أعامل كل محرر في الصحيفة على أنه رئيس تحرير، وأذكر بهذه المناسبة أنني أقمت ذات ليلة حفلا لمعالي الأستاذ هشام ناظر وزير التخطيط آنذاك وفوجئ أمين عبد الله قرقوري بوجود جميع أفراد «عكاظ» في الحفل فسأل قائلا : كيف تصدر الصحيفة وأنتم كلكم ههنا ؟ فقلت له : لقد غاب عن ذهنك الأخ علي مدهش فهو في المطبعة الآن يؤدي عمل المجموعة فكل واحد في «عكاظ» هو رئيس تحرير، وهذا ما افتقده المحررون بعد خروجي من رئاسة التحرير. هل هذا يعني أن اعتماد المؤسسات الصحفية لم يعد على التوزيع ؟ بدون شك لم يعد التوزيع يؤكل عيشا كما يقولون، حتى لو وضعنا الدكتور طه حسين رئيسا لتحرير أي صحيفة. غير أن هذا لا يعني أن رئيس التحرير وقدراته الثقافية والصحفية وطموحه لتقديم العمل الأفضل يساعد على ارتفاع التوزيع. أما لو كان رئيس التحرير صاحب قدرات صحفية وإدارية وتحريرية ومقدرة على توظيف نشاط العاملين معه في المجالات التي يجيدونها لارتفع التوزيع لكنه مع ذلك يظل التوزيع لا يغطي النفقات التي يتطلبها العمل الصحفي الناجح والمؤسسة التي لا تملك دخلا من الإعلانات فعليها أن تغلق أبوابها. لكن هناك صحفا تخسر بشكل فادح يوميا ومازالت مستمرة ؟ من باب المكابرة فقط، وأعرف صحيفة لا تبيع أكثر من 1800 نسخة ومازالت مستمرة وكأنها رزق للمدير العام ورئيس التحرير فقط. كيف ترى المخرج من هذا المأزق الذي تعاني منه الصحف اليومية في ظل ثورة الاتصالات، وظهور الصحف الإلكترونية، وتطور وسائل التواصل الاجتماعي ؟ مأزق تراجع التوزيع تعيشه جميع صحف العالم، وهذا أمر طبيعي بعد انتشار ثورة الاتصالات وانتشار الصحف الضوئية لكنها لن تنتهي كصحف ورقية، وأعتقد أن دمج الصحف حل أمثل ومشروع يجب أن يعاد اليوم النظر فيه بعد أن نفذه الملك فيصل في الثمانينات، فدمج مجلة عرفات مع جريدة البلاد، والندوة مع حراء، ونجحت الصحف في تلك الفترة. تحملت في فترة رئاستك لتحرير «عكاظ» مسؤولية أي خطأ يحدث من محرري الصحيفة حتى عندما كنت مسافرا خارج المملكة.. لماذا؟ هذا ما يجب أن يكون عليه رئيس التحرير ليحمي زملاءه من الشباب. هل تتوقع الوضع الأسوأ للصحف أمام الصحافة الإلكترونية؟ لا أستبعد هذا. يقال إنكم كنتم تفبركون الأخبار الاجتماعية في بداية الصدور فهل هذا صحيح؟ الفبركة التي تعنيها ليست كتابة خبر غير صحيح كما يحدث من البعض الآن، ولكنها كانت تتم بإضفاء الإثارة على روح الخبر الموجود فعلا. لكنكم فبركتم خبر وفاة الأستاذ أحمد السباعي وأغضبتموه كثيرا؟ لا والله ما فبركنا الخبر ولا نشرناه، وإنما هي إشاعة خرجت وذهب الناس لكي يصلوا عليه في الحرم المكي فاكتشفوا أنها إشاعة فجاؤوا إلى مكتبه وكان أمام مكتبنا بجوار الحرم فوجدوه جالسا في بلكونته، فصعدوا له يسألونه عن الأمر، فقام فجأة، ونادى علينا وهزأنا واتهمني وعبدالله جفري بذلك، وقال: كيف تكتبون أنني مت وأنا جالس أمامكم. فقلنا له: والله ما كتبنا عنك شيئا أبدا. ولعل السبب الذي جعله يظن فينا ويختلط عليه الأمر أننا كنا ننشر في الصفحة الأخيرة التي اعتاد القراء على مطالعتها أولا لما ننشره فيها من إثارة وأخبار اجتماعية مثيرة. لكننا لا نجد لغوصاتك وصدامياتك وجرأتك في الكتابة اليوم ؟ السر أنني كنت أكتب وأنشر بلا رقيب. وكنت أكتب الصفحة الأخيرة من «عكاظ» كاملة بنفسي، وكانت أحد أسباب نجاح الصحيفة، وأستغرب اليوم لصحافيين يحضرون حفلات ومناسبات اجتماعية ولا تجد خبرا في الصحيفة في اليوم التالي، وإذا كتب الخبر تجده ساذجا ومملا ومنزوع الدسم. والسبب في رأيك ؟ أن الكثير يدخلون العمل الصحافي من باب الترفيه والوظيفة الثانية، والتقاط الخبر بالنسبة لهم ليس مهمة سهلة. والحل ؟ الحل في التدريب الذي يغيب عن مؤسساتنا الصحفية. على من تقع مسؤولية التدريب ؟ أعتقد أنها مهمة هيئة الصحفيين. لا صلاحيات مطلقة ============ قلت : إن التوافق بين المدير العام ورئيس التحرير يصنع صحيفة ناجحة وهذه لا تحصل دائما، فهل ترى أن الجمع بين منصبي المدير العام ورئيس التحرير في شخص واحد الطريقة المثلى ؟ بدون شك. وأنا من أنصار أن يكون رئيس التحرير مديرا عاما للمؤسسة أيضا، على أن يعين نائبا إداريا قويا مثل ما له نواب في التحرير. ألا يؤدي ذلك لمنحه صلاحيات مطلقة قد تضر بالصحيفة والمؤسسة معا ؟ أولا: ليس هناك صلاحيات مطلقة للمدير العام حاليا، والذي يحكمه مجلس إدارة يقوم بمهمة المتابعة والمحاسبة فيحاسبه على ما فعل ويسأل أيضا رئيس التحرير عما قدم. كيف ترى هيئة الصحفيين السعوديين حاليا ؟ مازالت في طور النمو، ولديها مشكلة لم أستطع استيعابها، وهي أنها تقبل في عضويتها محررا من الشارع يتقاضى راتبا لا يزيد على ألفي ريال، وترفض رؤساء ومديري تحرير متقاعدين لكنهم أصبحوا كتابا في الصحف، ولا أتحدث هنا عن نفسي فأنا عضو مؤسسة ولا يعنيني هذا الأمر بقدر ما يثير استغرابي، وإن تم أخيرا إنشاء جمعية للكتاب، لكنها مع الأسف قامت على عدد محدود لا يعدون على أصابع اليد الواحدة من الكتاب المعروفين والبقية من الدرجة الخامسة المحسوبين عليهم شخصيا. قلت في إحدى المناسبات إن الصحافة السعودية تعاني من مأزق عدم وجود رؤساء تحرير شباب.. ماذا تقصد ؟ هذا واقع لا نتهرب منه، فالمناصب غير مضمونة، والتغيرات السريعة تدفع الكثير منهم للخروج خصوصا أن المساحة بين المسموح والمحرم شعرة لا يجيد التعامل معها الكثيرون، وهناك صحف يتغير رئيس تحريرها كل عام تقريبا. هل تعتقد أن هذا أحد أسباب تراجع قوة النقد في صحف اليوم ؟ أعتقد أن اليأس من نتائج ما يكتب هو السبب، ففي عهد الملك فيصل كانت ردود الفعل تأتي من الديوان الملكي، ثم أصبحت مسؤولية الوزير، ثم وكيل الوزارة ثم تراجع التجاوب مع ما يكتب لدرجة مدير العلاقات العامة حتى وصلنا اليوم للصمت وعدم التجاوب، وهذا أمر محبط للصحف وللكتاب، لكن يجب عدم اليأس وكما قال الشاعر : أخلق بذي الصبر أن يظفر بحاجته ومدمن القرع للأبواب أن يلجا ================ هل تضايقك الرقابة على المقالات ؟ لا تضايقني كثيرا، لأنني بالخبرة أكتب مقالي وأعرف ما ينشر وما لا ينشر. فالتدخل قليل جدا في مقالاتي لأنني رقيب على نفسي. لكن هناك من الكتاب مثال الأخ عبد الله أبو السمح يكتب ما يريد وإن كان يعرف سلفا أن في بعض ما يرد في مقاله لا ينشر لكنه يترك ذلك للقائمين على الصحيفة. ولكنك مارست الرقابة على مقالات الكتاب عندما كنت رئيسا للتحرير ؟ كنت أمام خيارين لا ثالث لهما إما أن أنشر المقال كاملا أو لا أنشره، أما التدخل في المقال فلم أكن أحبذه أبدا. من هم أبرز من منعت مقالاتهم ؟ الأستاذان محمد حسين زيدان، وحسن قزاز رحمهما الله ومازالت مقالاتهما محفوظة في ملفات «عكاظ». هل أثرت كتاباتك على صداقاتك ؟ في العادة لا تخسر الإنسان الفاهم، وإنما تخسر الجاهل الذي لا يعرف. يقال إن لك معركة مع شركة الكهرباء فهل كسبتها ؟ بدون شك. وكانت معركة طويلة استمرت 12 سنة. أعتقد أنه لو لم تتوفر لك مصادر موثوقة مثل سمو الأمير محمد الفيصل لخسرتها؟ ليس أن يتوفر لك مصدر موثوق فقط، بل وتهمه المصلحة العامة، وأن تجد لك أيضا من يحميك مادامت مصادرك صحيحة. واجهت اتهامات عديدة لإيقافك؟ بالتأكيد. وأكثرها ألما اتهامهم لي بأنني اشتراكي، ولكنني نجوت من مكائدهم. تهمة الاختلاس أعتقد أن اتهامك باختلاس أموال الصحيفة بعد خروجك من رئاسة التحرير هي الأكثر ألما بالنسبة لك؟ الحمد لله خرجت منها بريئا ونظيفا. من كان وراء هذه المكيدة؟ وبعدين معاك. أنا أسأل من باب العلم بالشيء لا الجهل به؟ الحقيقة باختصار أن مكاتب الزملاء عبد الله جفري وعبد الله الداري كانت على يمين ويسار مكتبي عندما كنت رئيسا للتحرير، وفي ليلة صدور قرار إعفائي من رئاسة التحرير كنت مع بعض الأصدقاء ففوجئت بعبد الله جفري سكرتير التحرير يأتي لي شاكيا من قيامهم بنقل مكتبه ووضع علي عمر جابر مكانه، فذهبت معه على الفور إلى الجريدة وفي طريق صعودي وجدت عند الحارس باكورة فأخذتها معي وضربت بها على مكتب الوكيلين، وقلت لهم: صحيح إنهم شالوني كرئيس تحرير بس أنا مازلت عضوا في المؤسسة، فلماذا تعتدون على مكتب عبد الله جفري، فما كان منهم إلا أن قدموا شكوى كيدية ضدي لوزير الإعلام آنذاك إبراهيم العنقري، وللأسف ساندهم فيها شخص وقفت معه كثيرا وأحسنت إليه لظروفه الصعبة ليكون شاهدا معهم، وهذا الشخص كان يعمل محررا فتزوج ورزق بمولود فدعانا لوليمة في منزله، فاستجبنا لدعوته وعندما جلسنا في انتظار الغداء اكتشفنا أن الصالة التي وضعنا فيها ليست مكيفة، وفرش مجلسه من الحصير، ولم يكن لديه راديو لنسمع الأخبار في تلك الأيام فأثر هذا الأمر في نفسي، فقلت لعبد المجيد علي رئيس قسم المحاسبة بعد خروجنا: اشتري لهذا المحرر مفرشة ومكيف وراديو غدا هدية مني واخصمها من حسابي، وطوال فترة رئاستي للتحرير لم يكن لي راتب في الصحيفة، وإنما كان هناك حساب يقيدون لي فيه مبلغا وآخذ منه على الحساب. ففي اليوم التالي اشترى رئيس المحاسبة الراديو من شركة فيليبس، والمفرشة من محلات عاشور، والمكيف من محلات عبد الجواد، وهؤلاء كلهم كانوا من المعلنين في الصحيفة فتم تسجيل هذه الطلبات على عبد الله خياط، واتضح أن هذا الشخص الذي شهد معهم لا يعلم أنها مسجلة على حسابي، فقال في شهادته أن عبد الله خياط بدد أموال المؤسسة وأجيب لكم الدليل على ذلك، فذهب وأحضر المفرشة والمكيف والراديو وعندما أتيت في اليوم التالي وجدت هذه الأشياء أمام مكتبي ولم يخطر ببالي أن هذا الشخص وراء هذا الموضوع، لأنني وقفت معه من أيام جريدة البلاد حيث أرسل لرئيس التحرير رسالة يقول فيها إنه سينتحر إن لم نجد له وظيفة، فكتبت شرحا على رسالته للأستاذ حسن قزاز لتعيينه مصححا في الجريدة وقد كان. حيث عمل معنا وعندما تأسست «عكاظ» انتقل إليها، ومازالت رسالته موجودة عندي في الإضبارة. وكيف انتهت القضية؟ شكلت لجنة للتحقيق فسألوني عن الأموال فقلت لهم أنا لا أعرف في الحساب وأقترح أن تأتوا بالمحاسب القانوني العيوطي وسأدفع له أتعابه لكي يبين لكم الأمور الحسابية، فكشف لهم الأشياء المقيدة علي، وانتهت مكيدتهم في مهدها، وبعد ذلك طلبت من رئيس الحسابات أن يعطي المكيف والمفرشة والراديو هدية لحارس المؤسسة. هل كان لديك دخل آخر من التجارة مثلا ؟ لا.. كانت تأتيني شرهات من الملك فهد رحمه الله تكفيني ولله الحمد، وكنت عندما تحتاج الجريدة مبلغا أعطيهم من عندي ويسجلونه لي، وقد خرجت ولم آخذ منهم ما تبقى لي إلى اليوم. بصراحة .. بماذا خرجت إذن من رئاستك لتحرير «عكاظ»؟ خرجت وليس في جيبي سوى خمسة ريالات، ولكن من الله علي فأخذت قرضا من بنك التنمية الصناعي وعملت مطبعة خاصة ونجحنا في الفوز بعقد دليل الهاتف السعودي وكسبنا فيها، لكن توقف العمل إبان أزمة الخليج فأصبحنا نطبع أبواكا وكتبا ثم بعت المطبعة الكبيرة وأسست مطبعة صغيرة كما أنشأت عمارة لي ولأبنائي، وأشتغل الآن في خدمة المعتمرين وحجاج الداخل. هذا يعني أن شركات الطوافة مربحة ؟ إلى حدٍ ما. وأخذناها أيضا من باب أن أبناء مكة أدرى بشعابها. هل «السبوبة» وراء هذا الجلد الذي تتمتع به في كتابة المقال اليومي منذ خمسة عقود؟ أبدا والله ما جابت تعبها، لكنها الرغبة الجامحة في داخلي التي تجعلني حريصا على التواصل مع القارئ دون انقطاع. لكن هناك كتابا يعتبرون الكتابة (سبوبة) وأثروا في ضعف الطرح العام؟ لدرجة كبيرة. ومن المؤسف أن هذا الأمر بدأ يكبر والملاحظ ازدياد الكتاب المحسوبين على أشخاص، وعندما تقرأ مقالاتهم لا تجد فيها قضايا إصلاحية أو تنويرية يمكن أن تخدم البلد في شيء، وإنما هي عبارة عن عك وأي كلام، مع أن البلد فيه قضايا فساد تتكرر كل يوم، ولا تجد من يكتب عنها. مادمت قد طرقت باب الفساد، فما هو رأيك فيما تقوم به (نزاهة) حاليا؟ لا أؤمل من ورائها كثيرا والفساد أكبر من طاقتهم، كما أن الناس لا تتعاون معهم. الناس لا يتعاونون من باب عدم الثقة مثلا؟ طبعا.. فالشخص الذي يبلغ يتعرض لمتاعب وتتعطل مصالحه كماحدث معي عندما أبلغت عن اسم الشخص الذي دفعت له رشوة فكان أن انتقم مني جميع موظفي القطاع العام بعدم الاستجابة لأي مطلب أو مصلحة تخصني. لهذا السبب طرحت في أحد مقالاتك فكرة العودة لتطبيق نظام (من أين لك هذا؟) الذي صدر عام 1382ه ؟ أتمنى فعلا أن يطبق هذا النظام على أرض الواقع. لكننا نسمع الآن أن هناك نظاما مطروحا حول التكسب اللا مشروع؟ في النهاية المحصلة واحدة، والمشكلة في رأيي ليست في الأنظمة، وإنما في اختيار الأشخاص الذين يطبقون هذه الأنظمة. إلى أي مدى استفدت من علاقاتك الاجتماعية لصالح الصحيفة؟ إلى أبعد مدى. وأعتقد أن رئيس التحرير يجب أن لا يتأخر عن المناسبات الاجتماعية، وأن يجتهد في لقاء أي مسؤول، وأن لا يجعل على بابه حاجبا. وأنا أعتقد أن عمل رئيس التحرير ليس في مكتبه بالصحيفة فهناك من يقوم بهذا الدور من نوابه وقيادات التحرير معه. لكنك أوقفت عن الكتابة في «عكاظ» لمدة سنتين، كتبت فيها في صحيفة الجزيرة ثم عدت لجريدتك عكاظ.. لماذا؟ لقد كان الأستاذ خالد المالك ممن يتعاونون مع عكاظ خلال رئاستي لتحريرها ولذلك كانت علاقتي به متواصلة حتى بعد ما تركت عكاظ، فانتهزها فرصة عندما لاحظ توقف عكاظ عن نشر مقالاتي لثلاثة أيام فاتصل بي مرحبا بي كاتبا في صحيفة الجزيرة، وقد كان. واستمر عمودي اليومي (مع الفجر) مع مقال أسبوعي طويل لمدة عامين في الجزيرة. أما المكافأة فكانت مجزية أضافوا إليها نسبة من الأرباح تصرف في نهاية العام لكل كاتب من كتابها، وقد استلمتها لمدة عامين. طالبت صحيفة عكاظ عام 1967م بعدم قطع النفط عن الغرب على عكس الموقف السياسي الذي أيد هذا القرار. فمن أين استقيتم موقفكم ذاك؟ الحس الوطني هو الذي دفعني لكتابة ذلك المقال. والحمد لله أن رؤيتنا أصابت والذي حدث قبل كتابة هذه المقالة بليلة انعقاد المؤتمر الاقتصادي في العراق ومثل فيه المملكة الأمير مساعد بن عبد الرحمن وزير المالية وأحمد زكي يماني وزير البترول فأعلن صدام حسين مقترح قطع البترول عن الغرب فوافق الأمير مساعد مع الموافقين. وكان من عادة الملك فيصل أن يستمع إلى نشرات الأخبار باستمرار، فلما سمع بما حدث طلب من السيد عمر السقاف وزير الدولة للشؤون الخارجية أن يعقد مؤتمرا صحفيا في الخرطوم حيث كانت السودان تستضيف بعد أيام القمة العربية يعلن فيه رفض المملكة لهذا القرار. وقد حدثت ضجة بعد نشرنا لذلك المقال فحدثني وكيل وزارة الإعلام الشيخ فهد السديري والشيخ جميل الحجيلان وزير الإعلام متسائلين عن خلفية الموضوع فقلت لهما إننا كتبنا نبض الشارع وأصاب اجتهادنا. وأتذكر أن الملك فيصل قال لمن حوله : خذوا جريدة عكاظ واعطوها لوزير الإعلام لأن الإذاعة ظلت تنشر تعليقات حول قرار الموافقة الذي رفضه الملك فيصل إلى ما بعد الظهر. ماهي مناسبة لقائكم بالرئيس عبد الفتاح السيسي بعد انتخابه؟ لقد كانت المناسبة هي ترشيحي من قبل هيئة الصحافة السعودية لنيل وسام اتحاد الصحفيين العرب في القاهرة بمناسبة مرور خمسين عاما على إنشاء الاتحاد. وقد اختاروا رموز الصحافة في العالم العربي وكنت الرمز المختار عن الصحفيين والكتاب السعوديين. وكان البرنامج أن نقابل فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي ضحى يوم الاثنين ونتسلم الوسام من رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، والواقع أنني رأيت على ملامح الرئيس السيسي آمالا كبيرة لمستقبل أفضل للحياة في مصر وتعلقا كبيرا في حديثه بالأمة العربية. وعلى امتداد ساعتين أو تكاد كان الحوار مع الرئيس السيسي حول مختلف القضايا بما فيها المستفز كالذين سألوه بعضهم إثر بعض عن ضرورة إطلاق سراح الصحفيين من الإخوان المسلمين؟ وكان جواب الرئيس: لا مانع عندي إن حكم القضاء بذلك، فالأمر ليس بيدي وإنما هو مرهون بما تصدره المحكمة. دون أن يبدو على ملامحه أو حديثه أي تذمر أو ضيق. لماذا اتهمت بطبع كتاب «الذخائر المحمدية» للسيد محمد علوي مالكي ؟ لأننا طبعنا له كل كتبه في مطابعنا ما عدا هذا الكتاب الذي طبعه خارج المملكة، وقد عانيت نفسيا من وراء هذه القضية، ولا أنسى وقفة صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالعزيز رعاه الله معي في تلك الأزمة. نادي الوحدة المعروف أنك وحداوي صميم. فهل يرضيك حال النادي الآن ؟ لا والله ما يرضيني، لكن ماذا نفعل للانتخابات التي جاءتنا في بعض الأحيان بأشخاص لا نعرفهم. تقصد مين ؟ أقصد أن النادي عندما ترأسه الأستاذ عبد الوهاب صبان وهو رجل نثق فيه بدأ النادي يعود إلى بريقه، وتكاتف أعضاء مجلس الشرف وجمعنا له تبرعات كبيرة، وقمت شخصيا باستئجار فيلا بمائة وخمسين ألف ريال في جدة للعام الواحد واستمر بقاؤنا فيه مدة عامين أسسنا خلالها فرعا للأعضاء بجدة وبعد أن غادر الرجل النادي جاء أشخاص ليسوا محل الثقة. وما هو دور مجلس الشرف حاليا ؟ أيام الدكتور محمد عبده يماني كانت المشكلات تعلق على طريقته، أما الآن مع الشيخ صالح كامل فالكل ينتظر أن يأتي مرشح لرئاسة النادي له علاقة بالجمهور والمجتمع المكاوي. ولماذا لا تقدمون مرشحا وتدعمونه؟ قد تكون هذه الفكرة واردة مستقبلا. كرمت بالأمس من قبل اتحاد الصحفيين العرب لمسيرتك الكتابية الطويلة، واليوم تكرم فيك «عكاظ» تاريخها الممتد، فما الذي يضيفه لك هذا التكريم ؟ الحاجة الوحيدة التي تسرني هي أن التكريم يتم في حياتي، وأنا أعتبره تكريما للقراء الذين صنعوا مني كاتبا، وسأظل وفيا لهم ما حييت.