يبدأ الاستعداد لموسم الزيجات بمجرد أن ينتهي آخر يوم من الامتحانات الدراسية؛ إذ تشتعل الفنادق وقصور الأفراح التي تم حجزها قبل ما لا يقل عن عام، وينتعش سوق "الطقاقات" و"الكوشات" ومطابخ "المفطحات" ومتاجر "الحلويات"، لتدخل قاعات الأفراح سباقاً في التنافس، ليس من أجل خدمة العرسان!، وإنما في رفع أسعارها وأجورها، إلى درجة وصلت لأرقام فلكية ترهق كاهل المقبلين على الزواج، وتفرض عليهم الدخول في دوامة طويلة من الديون والقروض، لمواجهة متطلبات الزواج، حيث ارتفعت أجور القاعات بشكل غير مبرر خلال السنة الحالية بنسبة لا تقل عن (50%)، وكل مالك قاعة يرفع سعرها على مزاجه. قاعات الأحياء ------------------ وذكر "د.عبدالملك الجنيدي" -رئيس المجلس البلدي بجدة- أنّ قاعات الاحتفالات والأفراح شهدت في السنوات الأخيرة ارتفاعاً كبيراً في أجورها، ليس له مبرر، بينما المفترض أن تكون هذه القاعات بأجور معقولة لتساعد الشباب على الزواج، دون أن يتحملوا تكاليف مبالغ ترهقهم وقد تحول بينهم وبين الزواج، وأن لا تكون مدعاة للتفاخر والجشع، مضيفاً: "نستطيع الحد من مغالاة تجار هذه القاعات عن طريق الإفادة من الأماكن العامة، والمساهمة في بنائها من قبل مجالس الأحياء، من أجل عقد المناسبات المختلفة، زواجات أو عقود قران أو غيرها، وتكون بأجور رمزية جداً، ورسوم مبسطة تكفي النظافة وأجور العاملين فيها". وأضاف أنّه تم اعتماد (30) مقراً لمجالس الأحياء منها أحد عشر مقراً دائماً، متمنياً لو تم من خلال هذه المقرات الدائمة أماكن للمناسبات تخدم سكان الحي، حيث إنّ بعض هذه المقرات يصل إلى (10.000) متر مربع، منوهاً بأنّه بالفعل بدأ القائمين على بعض مجالس الأحياء في العمل على إنشاء قاعات لمناسبات السكان، مطالباً بأن يكون لجميع أحياء جدة قاعات جيدة لمناسبات سكان كل حي، تخدمهم بأجور رمزية. مبلغ خيالي ------------- وبيّن "فواز اللافي" أنّه يريد أن يكمل نصف دينه، ولكنه متردد في اتخاذ القرار؛ لأنّ إمكاناته لا تساعده، موضحاً أنّه رغم النجاح في تخفيض المهور لكن قاعة الأفراح المتوسطة لا يقل أجرها لساعات عن (30.000) ريال، يضاف لها قيمة البوفيه المفتوح في قاعة النساء، وقيمة الذبائح، والطبخ، وما يتبعها، لتجد نفسك في سويعات دفعت مالا يقل عن (80.000) ريال؛ لهذا فإنّ الكثير من الشباب يتمنى أن يكمل نصف دينه ولكنه غير قادر على ذلك، مضيفاً:"أوضح لي مسؤول عن قاعة احتفالات في أحد الفنادق أنّ أجرة القاعة بالكرسي تراوح بين (250) إلى (450) ريالا، ويشمل ذلك بوفيها مفتوحا للطعام مع الخدمة، ويجب أن لا يقل عدد المعازيم عن (200) شخص، وهذا يكلف بشكل إجمالي على الأقل (130.000) ريال". تصنيف القاعات ------------------ ولفت "صالح الفارسي" إلى أنّ الذي ساهم في أعطاء تجار هذه القاعات الفرصة لهذا الجشع هو "الفشخرة" التي أصبحت عليها الأعراس، والمباهاة التي لا مبرر لها، مطالباً الفارسي أن تصنف وزارة التجارة هذه القاعات حسب مستواها، وتحدد لكل نوع أجرا يوضع في مدخل القاعة، منعاً للمزاجية، على أن لا تزيد أجرة الفئة الأعلى على (25.000) ريال، وأن لا تكون الفئة الأقل أكثر من (10.000) ريال، مع اشتراط الحفاظ على مستوى مقبول من الخدمة والنظافة. وأوضح "محمد العمري" -المدير التنفيذي للهيئة العامة للسياحة والآثار في منطقة مكةالمكرمة- أنّ قاعات الاحتفالات ليست من اختصاص الهيئة، ولا علاقة لها بها، متفقاً مع القائلين بأنّ أجورها مرتفعة جداً، وأنّ هذا الارتفاع المتزايد يتطلب تدخل الجهة المعنية، لوقف المزاجية التي بموجبها يحدد كل صاحب قاعة أجرها، دون مراعاة لظروف الناس وإمكاناتهم، ولا حتى النظر للخدمات المقدمة. واجب اجتماعي ------------------- وتمنى "عتيق عاتق الجهني" أن تكون في الأحياء قاعات بأجور رمزية يساهم التجار في إنشائها، كجزء من واجباتهم الاجتماعية، ويقدمونها لمجالس الأحياء لتتولى الإشراف عليها، والحفاظ على مستوى النظافة والخدمة فيها، من خلال هذه الأجور الرمزية، لتكون مقراً لاحتفالات سكان الأحياء من مواطنين ومقيمين، وذلك لكسر وتحجيم جشع أصحاب قاعات الاحتفالات الذين أثروا وأتخموا نتيجة استغلال العرسان وأسرهم. ونوّه "سالم حميد" بأنّ قاعات الأفراح ابتدعت طريقة حديثة خلال السنوات الأخيرة، وهي أنّ كل شيء من عندهم، البوفيه الخاص بالنساء، وغيره من الخدمات المطلوبة، حيث تتراوح قيمة المتر من البوفيه من (450) إلى (550) ريال، وقد تصل في القاعات أكثر من ذلك، ويدعي أصحاب القاعات أنّ هذا الإجراء حتى يضمنوا سلامة الأطعمة من التسمم، ويكونوا واثقين منها، لكن الواقع أنّ الموضوع هدفه الجشع؛ لأنّ العريس يمكن أن يحضر أطعمة البوفيه من المحال الخاصة بنصف السعر الذي تفرضه القاعات عليه، وبطريقة "عاجبك ولا دور على غيرنا". زواج زمان ---------------- وقال "محمد الشريف": "الله على أيام زمان.. عندما كانت الأفراح في وسط الحارة، ويشارك فيها كل الجيران، بفرح وبساطة، دون إرهاق مادي للعريس، ودون بذخ، بينما اليوم تحولت الزيجات إلى تنافس بين العائلات، والضحية العريس!، الذي يجد نفسه بعد الزواج مكبلاً بالديون التي ربما يحتاج سدادها إلى سنوات طويلة من عمره"، معتبراً أنّ الكثير من مشاكل الطلاق التي تحصل بين العرسان الجدد هي ناتجة عن هذه المغالاة في تكاليف الزواجات، خاصةً في أجور القاعات التي أصبحت بشكل لا يطاق، مبيّناً أنّ المفترض أن يكون هناك تدخل من الجهة المعنية لوقف هذا الجشع من أصحاب قاعات الاحتفالات، الذين لا يفكرون إلاّ في جيوبهم فقط.