أوضح المستشار في الديوان الملكي الشيخ عبدالمحسن بن ناصر العبيكان أن فتواه المنشورة في موقعه على الإنترنت تؤكد أن من شق عليه الصوم مشقة شديدة غير محتملة كمن انقطع عنه التيار الكهربائي وهو في بلد حار جدا واشتد عطشه أو جوعه مشقة لا تحتمل جاز له الفطر. جاء ذلك في رد للشيخ العبيكان على ما ذكره المستشار في الديوان الملكي الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع في مقاله المنشور أمس في "الوطن"، وفيما يلي نص الرد: لقد اطلعت على ما نشر في صحيفة الوطن من مقال لمعالي الشيخ الفاضل عبدالله المنيع يرد فيه على فتوى صدرت مني بشأن جواز فطر من شق عليه الصوم مشقة شديدة، ومن المؤسف أن معاليه لم يتأكد من مضمون فتواي في الرد، ومما يدل على عدم تأكده من ذلك أنه أورد قصة وفتوى لقاضي شقراء قديماً تؤيد فتواي، وقد ظن أنني أفتي بجواز الفطر على الإطلاق، وهذا غير صحيح، بل فتواي المنشورة في موقعي على الإنترنت واضحة جلية، وهي أن من شق عليه الصوم مشقة شديدة غير محتملة كمن انقطع عنه التيار الكهربائي وهو في بلد حار جدا واشتد عطشه أو جوعه مشقة لا تحتمل جاز له الفطر، وليس مجرد وجود المشقة المحتملة، فإن العبادة لا تخلو من مشقة، ولكن المقصود المشقة الشديدة، فعندها يفطر ويقضي بعد ذلك وهذا ما دل عليه قوله عز وجل "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ" سورة الحج آية 78, وقوله تعالى: "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ" سورة البقرة :آية 185، ولما روى أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا" رواه البخاري ومسلم. والقاعدة الفقهية تقول: "المشقة تجلب التيسير", ولما نص عليه أهل العلم ومن ذلك فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية بالفطر للتقوي على الجهاد وفعله, وأفتى به لما نزل العدو دمشق في رمضان, قال: وهو أولى من الفطر في السفر. ولما جاء في حاشية الروض المربع ج3/ص379 ما نصه: "ومثله من ذهب في طلب تائه، من مال، أو إنسان، أو مغصوب ليدركه، والحشاش والرعاة، ونحوهم، إذا اشتد بهم العطش، فلهم الفطر، فإن الضرورة تبيح مثل هذا، ولا يترك التكسب من أجل خوف المشقة، وقال الآجري: من صنعته شاقة، وتضرر بتركها، وخاف تلفًا، أفطر وقضى، وإن لم يضره تركها أثم، وإلا فلا. وقال: هذا قول للفقهاء رحمهم الله تعالى، وذكر الحنفية وغيرهم أنه لو ضعف عن الصوم لاشتغاله بالمعيشة، فله أن يفطر ويقضي، إن أدرك عدة من أيام أخر، وإلا أطعم عن كل يوم نصف صاع، وأنه لا شك في الحصاد ونحوه، إذا لم يقدر عليه مع الصوم، ويهلك الزرع بالتأخر مثلاً، جاز له الفطر، وعليه القضاء. اه. وكذا البناء ونحوه إذا خاف على المال إن صام، وتعذر العمل ليلاً، جزم به غير واحد" ا. ه. قال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب": قال أصحابنا: شرط إباحة الفطر أن يلحقه بالصوم مشقة يشق احتمالها" وقال أيضاً: "قال أصحابنا وغيرهم من غلبه الجوع والعطش فخاف الهلاك لزمه الفطر وإن كان صحيحا مقيما لقوله تعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم إنه كان بكم رحيما" وقوله تعالى: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"، ويلزمه القضاء كالمريض، وقد جاء في مجموع المنقور ما يدل على ذلك كما قرره سماحة الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد – رحمه الله – في شرحه على الروض المربع المسجل والله أعلم".