الصادرات السعودية غير النفطية تسجّل أداء تاريخيا في عام 2024    دنيا حظوظ    التغريدات لا تسقط الدول.. ولا المساحات تصنع السيادة    مكافحة المخدرات معركة وطنية شاملة    التحول الرقمي في القضاء السعودي عدالة تواكب المستقبل    قوانين الفيزياء حين تنطق بالحكمة    زراعة عيون الجواء تستزرع أشجار برية في أسبوع البيئة    انفجار ضخم في ميناء بجنوب إيران يسفر عن إصابة أكثر من 400 شخص    بحضور الصبان.. تألق اليرموك والحريق والهلال يتربعان على قمة التايكوندو    "المنافذ الجمركية" تسجل 1314 حالة ضبط خلال أسبوع    المؤسسة الدبلوماسية بالمغرب تمنح مدير عام الإيسيسكو الجائزة الدولية للدبلوماسية الشعبية    بلدية قوز الجعافرة تكرم شباب القرية    جيسوس: الفوز بهدف فقط أفضل من خسارة كانسيلو    مدرب السد يُحذر من مواجهة كاواساكي    ثمار المانجو تعلن موسم العطاء في جازان    منصات التواصل والتأثير: هل أصبح كل شاب إعلاميًا؟    جازان تصنع الحدث: إطلاق أول جمعية متخصصة بالتغذية العلاجية على مستوى المملكة    ثقافة الاعتذار قوة لا ضعف    ضبط (19328) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    رؤيتنا تسابق الزمن    أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق في المملكة    وزير التعليم يرفع التهنئة للقيادة بما تحقق من منجزات تعليمية    وزارة التعليم تستعرض منصاتها في معرض تونس الدولي للكتاب 2025    أبها تتغطى بغطاءها البنفسجي    تركي بن محمد بن فهد يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة ما تحقق من إنجازات في مسيرة رؤية المملكة 2030 بعامها التاسع    وزير الصحة: تطبيق نموذج الرعاية الصحية الحديث أسهم في رفع متوسط عمر الإنسان في المملكة إلى 78.8 عامًا    ريال مدريد ينتقد اختيار الحكم الذي سيدير نهائي كأس إسبانيا    مجلس الأعمال السعودي - الأمريكي يستضيف فعالية تواصل استثمارية رفيعة المستوى    للمرة الثالثة على التوالي ..الخليج بطلاً لممتاز كبار اليد    بيراميدز يحقق ما عجز عنه الأهلي    وزير "البيئة" يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة صدور التقرير السنوي لرؤية المملكة وما تضمنه من إنجازات    زيلينسكي: أوكرانيا تريد ضمانات أمنية أمريكية كتلك التي تمنحها لإسرائيل    الاتحاد السعودي للطيران الشراعي يُقيم معسكرًا لفئة النخبة    نائب أمير تبوك: رؤية المملكة 2030 حققت قفزات نوعية وإنجازات    عام 2024 يُسرع خُطى الرؤية السعودية ويسجّل إنجازات استثنائية    ثانوية الأمير عبدالمحسن تحصد جائزة حمدان بن راشد    أمير منطقة جازان يرفع التهنئة للقيادة بما حققته رؤية المملكة من منجزات في الأعوام التسعة الماضية    موعد مباراة الهلال في نصف نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة    مستشفى خميس مشيط للولادة والأطفال يُقيم فعالية "متلازمة داون"    "عبيّة".. مركبة تحمل المجد والإسعاف في آنٍ واحد    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف يلتقي مديري عموم الفروع    في الدمام ( حرفتنا حياة ) ضمن مبادرات عام الحرف اليدوية 2025    "حديث المكتبة" يستضيف مصطفى الفقي في أمسية فكرية عن مكتبة الإسكندرية    إمام المسجد الحرام: الإيمان والعبادة أساسا عمارة الأرض والتقدم الحقيقي للأمم    إمام الحرم النبوي: حفظ الحقوق واجب شرعي والإفلاس الحقيقي هو التعدي على الخلق وظلمهم    تنفيذ ورشة عمل لاستعراض الخطط التنفيذية للإدارات في جازان    الشيخ صلاح البدير يؤم المصلين في جامع السلطان محمد تكروفان الأعظم بالمالديف    تقلص الجليد القطبي    خشونة الورك: الأسباب.. التشخيص.. العلاج.. الوقاية    محافظ صبيا يشيد بجهود رئيس مركز العالية ويكرمه بمناسبة انتهاء فترة عمله    محافظ صبيا يكرم رئيس مركز قوز الجعافرة بمناسبة انتهاء فترة عمله    رئيس نادي الثقافة والفنون بصبيا يكرّم رئيس بلدية المحافظة لتعاونه المثمر    بلدية صبيا تدعو للمشاركة في مسيرة المشي ضمن مبادرة #امش_30    بناءً على توجيهات ولي العهد..دعم توسعات جامعة الفيصل المستقبلية لتكون ضمن المشاريع الوطنية في الرياض    أكدا على أهمية العمل البرلماني المشترك .. رئيس «الشورى»ونائبه يبحثان تعزيز العلاقات مع قطر وألمانيا    لبنان.. الانتخابات البلدية في الجنوب والنبطية 24 مايو    ملك الأردن يصل جدة    10 شهداء حرقًا ووفاة 40 % من مرضى الكلى.. والأونروا تحذّر.. الاحتلال يتوسع في جرائم إبادة غزة بالنار والمرض والجوع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علماء ومشايخ بالمدينة المنورة يؤكدون أن المبالغة في الديات ظاهرة دخيلة على المجتمع السعودي
نشر في أنباؤكم يوم 15 - 09 - 2014

أضحى موضوع المبالغة في الديات من الظواهر السلبية التي برزت في الآونة الأخيرة بصورة لا تتسق مع القيم الإسلامية التي تحض على قيم الصفح والعفو عند المقدرة والتسامح وإصلاح ذات البين , مع التأكيد في الوقت ذاته على أن طلب الدية حق شرعي لذوي المجني عليه لا يجادل فيه أحد دون المبالغة فيها.
في هذا الصدد ، ووفقا لما أوردته وكالة الأنباء السعودية "واس"، وصف العديد من العلماء ورجالات الفكر ومشائخ القبائل الذين استطلعت وكالة الأنباء السعودية بالمدينة المنورة آراءهم , ظاهرة المبالغة في قيمة الصلح في قضايا القتل بأنها ظاهرة دخيلة لا تمت بأية صلة للدين الإسلامي الحنيف والمجتمع السعودي المتمسك بالشرع الحنيف , مؤكدين ضرورة تكثيف الوعي الديني بين الناس والتحذير من تلك الظاهرة السيئة, وحاثين على أهمية إحياء فضيلة العفو وتذكير الناس بذلك وبالنصوص الحاثة عليه بكل وسيلة تحقق الانتشار والقبول.
كما حضوا على ضرورة العمل في مراكز البحث وا?قسام العلمية في الجامعات والتوعية من قبل المشائخ وأئمة المساجد وتوجيه مشائخ القبائل إلى حل تلك المعضلة.
وأوضح فضيلة رئيس المحكمة العامة بالمدينة المنورة الشيخ صالح المحيميد أن القصاص من الجاني على النفس وما دونها كفقء العين وكسر السن وغير ذلك من الجراحات حق خاص للمجني عليه أو للورثة , وأن الشرع الحنيف يتشوف إلى إسقاط حق القصاص والعفو عن الجاني لتصفية النفوس وإحساناً إليه مع عظيم إساءته, لأن النبي عليه الصلاة والسلام ما عرض عليه طلب قصاص إلا أمر أمر استحباب بالعفو, مشيرا إلى أن العفو عموماً تبرع قد أمر الله به بقوله "خذ العفو وأمر بالعرف".
وبين الشيخ المحيميد أن من ابتلاه الله بجان عليه أو على مورثه فعفى لوجه الله سبحانه بدون عوض فلا شك إن أجره على الله لأن العفو من أفضل القرب إلى الله خصوصاً إذا كان الجاني قد تاب وأصلح الله أمره واستقام.
وتطرق فضيلته إلى جواز بيع الحق في القصاص, قائلا إن من عفا للدية أو أكثر منها, فذلك جائز لأن حق القصاص يجوز بيعه وكان الناس على هذا إلى أن بدأت المبالغات والمزايدات على هذا الحق فانحرف الأمر عن مساره وأصبح الجاني لا تهمه الجريمة , يقتل فيجد من يسعى لدى أهل الخير والإحسان في فك رقبته ويكون هناك وسطاء لا يميزون الأمر فتجدهم يأخذون الأموال الطائلة من الزكاة والصدقة التي هي مستحقة للفقراء والمساكين وغيرهم ويتصلون على من عنده زكاة أو وقف أو مال له وجهة أفضل من دفع عوض مبالغ فيه للقصاص، ورأى فضيلته عدم استحسان المزايدات في الدماء وعدم التبرع إلا في الحدود المعقولة جداً".
من جهته أبان معالي مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الدكتور عبدالرحمن السند أن من الخصال الحميدة والأخلاق الكريمة التي ينبغي على كل مسلم أن يتحلى بها صفة العفو وهي ,"التجاوز على الذنب وترك العقاب عليه" لأن الله عفو يحب العفو.
وأفاد معاليه أن المبادرة بالخيرات لاسيما العفو عن المسيء من الفرص النادرة التي يثبت فيها الأخيار ويفوز بها الأبرار ولطالما فاتت على كثير لما غاب في حسبانهم الفضل الكبير الذي أعده الله للعافين عن الناس في الدنيا بالعز و الرفعة وفي الآخرة بالثواب والمغفرة , موردا قول الرسول صلى الله عليه وسلم "ثلاث أقسم عليهن وأحدثكم حديثاً فاحفظوه , قال : ما نقص مال من صدقة ,ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزاً , فاعفوا يعزكم الله , ولا فتح عبد مسألة إلا فتح الله له بها باب فقر أو كلمة نحوها " فهذا في الدنيا, وأما الآخرة فقوله – صلى الله عليه وسلم -"من سره أن يشرف له البنيان , وترفع له الدرجات , فليعف عمن ظلمه , ويعطي من حرمه, ويصل من قطعه".
وقال معاليه إن الله شرع القصاص في القتل العمد لردع من تسول له نفسه إزهاق نفس بغير حق لقوله تعالى " ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون " ولقد ندب الشارع إلى حث الأولياء على الصلح والتنازل لوجه الله أو أخذ دية القتل العمد ودية القتل العمد كما هو مقرر هي الدية المغلظة لكنها لا تزيد عن دية قتل الخطأ , مضيفا أن مجتمع المملكة مجتمع مسلم مسالم نشأ وترعرع على التقاليد العربية الأصيلة المنبثقة من تعاليم الشريعة الإسلامية الغراء حيث يتميز هذا المجتمع بالرحمة والعطف والتكافل الاجتماعي.
وأبان معاليه أن ظاهرة المبالغة في طلب الديات مقابل العفو عن القصاص , إلى جانب التجمعات وإقامة المخيمات من أجل طلب العفو, تخدش الصور الإيجابية التي تعكس أصالة شعب المملكة أمام الآخرين بأشياء بعيدة تماماً عن الدين والتقاليد , فضلا عن أنها إرهاق لكاهل أسر الجاني وأقاربه وجماعته , إلى حد يصل في بعض الأحيان إلى التعجيز والمطالبة بما لا يمكن تحقيقه فالعفو لم يكن يوما من الأيام من أجل دنيا أو مظاهر زائلة وإنما هي شيمة وقيمة لا تقدر بثمن فما عند الله خير وأبقى.
وحول ظاهرة طلب الديات الكبيرة رأى الدكتور السند أنها أصبحت مقلقة لأولياء القاتل وجماعته عندما يوافق ولي الدم على التنازل لا ينظرون إلى مقدار ما يدفع فهم يريدون إنقاذ الجاني من القصاص , لكن في الوقت نفسه الغالب أن القاتل لا يدفع شيئا وأن الذي يتحمل ذلك أناس لا ذنب لهم فيما أقدم عليه الجاني.
وتابع ومن هنا فإن توعية المجتمع بهذا الموضوع أمر مهم وتوعية الناس بما ورد في الشرع الحكيم من حث على الخير وتغليب جانب ما عند الله خير مما يأخذه الولي أو من له صلة بالقتيل.
وحصر مدير الجامعة الإسلامية المفاسد المترتبة على هذه المغالاة في الصلح عن الدماء, في إظهار صورة سلبية في المجتمع , جشعة نهمة , وتشويهها أمام المجتمعات الأخرى , وتغليب المقاصد الشرعية من العفو والدية , أو بعضها وإرهاق كاهل من لا ذنب له , وهم ذووا القاتل, والتضييق عليهم وإشاعة نمط قد يؤدي للمتاجرة بالدماء فقد يجمع ذووا القاتل أكثر من المال المطلوب , وظهور وانتشار سماسرة الصلح (وسطاء الصلح ) , والذين يفرضون نسبة لهم من ثمن الصفقة , فتكون باب تربح وإذكاء الفتنة ونشر الكراهية وإثارة النعرات الجاهلية وإحداث قطيعة بين بعض أولياء الدم خاصة إذا صالح بعضهم على أكثر من الدية دون رضى الآخرين, وبعد سقوط حقهم في القصاص يرفض تسليمهم نصيبهم من مال الصلح ويكتفي بنصيبهم من الدية الشرعية.
كما أرجع معاليه أسباب انتشار ظاهرة المغالاة في الصلح عن القصاص لرغبة أهل المجني عليه في تعجيز أهل القاتل , وبالتالي استيفاء القصاص , ملاحظا أن هذا مخالف للمقاصد الشرعية التي شرع لأجلها العفو و الطمع في مبالغ كبيرة أكبر من الدية الشرعية ومتاجرة الوسطاء وبعض أولياء القاتل .
وحث معاليه في ختام تصريحه على إحياء فضيلة العفو وتذكير الناس بذلك وبالنصوص الحاثة عليه بكل وسيلة تحقق الانتشار والقبول , مما سيعود بأثر إيجابي كبير و بذل الجاه والشفاعات للعفو ابتغاء وجه الله أو الرضا بالدية الشرعية أو الصلح على مال غير مبالغ فيه مبالغة فاحشة وتفعيل دور لجان العفو وإصلاح ذات البين في جميع المناطق وتدخل ولي الأمر في وضع سقف أعلى لا يتجاوز في تلك المصالحات.
وزاد معاليه بحثه على تكريم المتنازلين عن القصاص دون مقابل , والاحتفاء بهم في المناسبات الرسمية للمملكة لتشجيع غيرهم على الاقتداء بهم وحث رجال الأعمال والمقتدرين لدعم لجان إصلاح ذات البين مع التأكيد على أهمية توجية المسؤولين لأولياء الدم بعدم المبالغة في طب التعويض والديات مع تحديد مبالغ مقبولة في قضايا السعي بالعفو في القصاص.
بدوره أكد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح البدير أن من أعظم السقطات والورطات , هتك الدماء المعصومة، وإزهاقها، واستباحتها، وانتهاك كرامتها، والتجرُّؤ على حُرمتها , حيث إن الإسلام قد عظم شأن الدماء، وحرَّم قتل النفس المعصومة بغير حقٍّ ، مستدلا بقول الحق تبارك وتعالى "وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ " وبقول الرسول عليه السلام "لا تُقتل نفسٌ ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كِفلٌ من دمها لأنه أول من سنَّ القتل", منبهًا فضيلته كذلك إلى أن الشريعة حرَّمَت الإشارةَ إلى مسلمٍ بسلاحٍ أو حديدة، سواء كان جادًّا أو مازِحًا .
وقال فضيلته " شرع الله القصاص وبين أن في القصاص حياة للناس ، ومتى أهمل القصاص استخف الناس بالدماء ومتى علم القاتل أنه يسلم من الموت أقدم على القتل بلا تردد, وقد خير أولياء دم المقتول بين القصاص والدية والعفو.
وأضاف الشيخ البدير فكان في مشروعية القصاص حياة عظيمة لكلا الجانبين ، وليس الترغيب في أخذ مال الصلح والعفو بناقض لحكمة القصاص؛ لأن الازدجار يحصل مع ثبوت التخيير.
وأوضح أن الصلح عن دم العمد بأكثر من الدية أو أقل جائز في الشريعة والعفو مقابل عوض مالي لا حرج فيه إذ لم يقيد الصلح بحد معين فدل على جواز ذلك ما لم يشتمل على إحلال حرام أوتحريم حلال وهذا هو الأصل في هذه المسألة, مردفا القول ومتى اختار ولي الدم المصالحة بالمال شرع له طلب الدية المتقاربة وترك طلب الديات الفاحشة الفادحة إذ قد نشأ كما هو مشاهد من المبالغة في طلب الديات آثار وخيمة وممارسات ذميمة ظهر ضررها .
وأبان الشيخ البدير أن من أضرار المبالغة بالديات وخطرها, انتشار ظاهرة جمع التبرعات بطريقة عشوائية وظهور سماسرة الصلح الذين يفرضون نسبة لهم, وربما أدى ذلك إلى المتاجرة والتكسب بالدماء والرقاب وحدوث قطيعة بين أولياء الدم بسبب الاختلاف في قدر مبلغ المصالحة.
وخاطب فضيلته من بالغ في طلب الديات مبالغة فاحشة بالقول قد تحتاج في يوم إلى أن تدفع لمن أعطاك ما طلبت ضعف ما أخذت منه وقد شرع الله العدل وهو القصاص وندب إلى الفضل وهو العفو والصفح والصفح أكرم في العقبى ، والتجاوز أحسن في الذكرى, مستشهدا بقول المصطفى صلى الله عليه و سلم " ما نقصت صدقة من مال ، وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه " .
وحث فضيلته على ضرورة العفو والتجاوز عمن أساء ابتغاء وجه الله - تعالى - ورغبةً في ثواب العفو وجزاء الصفح ، وعلى الخروج من ضيق المناقشة إلى فسحة المسامحة ، ومن ضيق المعاسرة إلى سهولة المعاشرة ، وطوي بساط التقاطع والوحشة ووصل حبل الأخوة ، والتعلق بأسباب المودة وقبول المعذرة لأن قبول المعذرة من محاسن الشيم .
أما أستاذ كرسي ا?مير نايف بن عبد العزيز لدراسات ا?مر بالمعروف والنهي عن المنكر بالجامعة ا?سلامية أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بالجامعة الدكتور غازي غزاي المطيري فقد قال في هذا الشأن "إنه حين تمتزج العواطف بالقيم المعيارية،يصبح من العسير جدا، الانتهاء إلى مرجعية متوازنة ينتهى إليها، وخاصة في القضايا الحساسة التي تتحكم فيها العواطف الجياشة ،مما يسمح بمزيد من التعقيد ،وفتح آفاق واسعة لاختلاف وجهات النظر، وتلك هي المعضلة الكبرى التي ظهرت بوادرها بوضوح في المبادرات الفردية والجماعية، في مجال الصلح وإسقاط القود ،من قبل ذوي المجني عليه (في القتل العمد )،حيث قام صراع العواطف حامي الوطيس ،بين مستجد ضعيف يتوسل العفو والصفح بأي ثمن ،وبين آخر يتجرع مرارة فراق حبيب عزيز.
وأكد الدكتور المطيري ضرورة الخلوص إلى صيغة موحدة ،تجاه لجم المبالغة في الديات ووضع معايير اجتماعية ،وأخلاقية ،وأمنية،وثقافية يستحيل تجاوزها ،شريطة عدم مناقضتها للنصوص الشرعية وذلك بعد عقد لقاءات تضم الفقهاء، ومشايخ القبائل ،والمفكرين، للحد من المعطيات الجديدة .
ومن جهته رأى شيخ قبيلة الكلبة من جهينة سلامة بن رشدان الجهني أن المبالغة في طلب الديات لقاء التنازل عن القصاص بات أمرًا خطيرًا وظاهرة لا تتفق مع سماحة الدين وأصالة مجتمعنا المسلم , حيث بلغ الأمر إلى إقامة تجمعات بشرية في المخيمات ووسط قصور الأفراح تصحبها دعايات بكل وسائل الاتصال الاجتماعي وبعض القنوات الفضائية الخاصة بهدف جمع مبالغ خيالية تقدر بعشرات الملايين من الريالات من أجل إنقاذ رقبة شخص ما, حتى أصبحت المسألة تجارة من خلال التفاوض مع أصحاب أهل الدم ولا يستبعد والحال هكذا أن هناك سماسرة يسعون لإتمام القضية بأعلى سعر من أجل كسب عمولة أكبر.
وأضاف قائلآ لو نظرنا إلى هذه الدية المبالغ فيها لوجدنا علاوة على ما ستحدثه من أعباء مالية على أهل القتيل وجماعته ومن يساندهم من أهل الخير فإنها تسبب أيضا شرخًا عميقًا في المجتمع إلى جانب ما تؤديه من إذلال وإرهاق وتعطيل مصالح وغيرها مؤكدا في الوقت ذاته أن القصاص حق شرعي ولكن العفو والتنازل لوجه الله تعالى أبلغ وأثمر.
وزاد كما أن ديننا الإسلامي يحث على العفو والصفح والتسامح ونحن ولله الحمد مجتمع سعودي مسلم متماسك نعيش في ظل رعاية دولة رشيدة بذلت الغالي من أجلنا, واصفا ظاهرة المبالغة بالديات بأنها دخيلة على مجتمعنا ولا بد من التصدي لها بحزم.
وأبان أن مسؤولية الوقوف ضد هذه المبالغة في الديات تقع علينا كمجتمع بأكلمه وفي مقدمة ذلك العلماء والمشائخ وأئمة المساجد وشيوخ القبائل والمثقفين والإعلام بمختلف وسائله , من خلال الموعظة والتوعية والنصح وبيان أثر العفو والتسامح وخطورة المتاجرة في مثل هذه القضايا.
واختتم بأن الشفاعة والوجاهة والتوسط لدى أهل الدم في سبيل إعتاق رقبة الجاني أمر مطلوب بشرط أن تكون في طاعة الله وفيما يرضيه سبحانه وتعالى وأن تكون في الإطار الإنساني وضمن الشيم ومقامات التقدير بلا مساومة أو مزايدة.
وأكد شيخ الكلاثمة من قبيلة حرب حامد الحرقان في معرض تناوله لمسألة المبالغة في الديات أن ما يعمل به من البعض والمجتهدين من المبالغة في الديات غير صحيح فالدين الإسلامي حث على العفو والصفح واحتساب ذلك عند الله سبحانه وتعالى داعيا إلى ضرورة وضع آلية شرعية من قبل ولاة الأمر للحد من المبالغة بالديات.
من جانبة بين رئيس المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بوادي الفرع فهد العمري أن الله عز وجل جعل السلطان وأثبت الحق لولي المقتول لقوله تعالى ( فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل ) وأن هذا الحق له يعطيه طلب الحق في القصاص من القاتل, ولكن طلب منه أ? يسرف في القتل وهذا دليل على الحكمة الإلهية بأن العفو مقدم في الطلب على أخذ الحق صيانة للنفس البشرية وحفاظا عليها.
ء
وتحدث العمري عن عظيم ا?جر لمن عفى وأصلح , لكنه قال و من يريد العفو فلا يلتفت للعوض عن الدم وأخذ الأموال التي أصبحت ظاهرة ?بد من أهل الفكر والحل والعقد أن تكون لهم وقفة في الحد منها وعدم المبالغة فيها.
وحول المعاناة التي يعيشها السجين في مثل هذه القضايا تحدث لنا أحد المواطنين الذي أمضى سنوات طويلة في السجن في قضية قتل, وأطلق سراحه بعد أن دفعت دية مبالغ فيها , قائلا" أحمد الله وأشكره أن من علي بحياة جديدة كما أشكر ذوي الدم على قبولهم الدية " لكنه لفت إلى أن المبالغة بالديات أمر أصبح من الضروري البت فيه لخلافها المنهج الشرعي والقيم والشيم التي عهدت عن المسلمين والعرب خاصة.
وتناول حجم المعاناة التي يعيشها ذوو المعفو عنه بعد فرض مبلغ تعجيزي من قبل ذوي المقتول رغم تنافيها مع ما ورد بالنصوص الشرعية حول العفو والصفح لوجه الله , حاثا أبناء كل قتيل أن يضعوا بين أعينهم فضل العفو من الله فالعفو لم يكن يوماً من الأيام من أجل دنيا أو مظاهر زائلة وإنما هي شيمة وقيمة لا تقدر بثمن فما عند الله خير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.