أكد مختصون في السوق الإعلاني أن المافيا الإعلانية التي تهيمن على السوق الإعلاني في المملكة تعمل تحت غطاء سعودي، وأن العائد من أرباح الإعلانات التي تسيطر عليها تلك المافيا لا يستفيد منه الاقتصاد السعودي بالشكل المطلوب من ناحية خلق فرص جديدة للشباب أو الاستثمار داخل البلد، مطالبين وزارتي الإعلام والتجارة بوضع حد للاحتكار الإعلاني الذي دام 15 عامً، بحسب ما أكده المختصون ل"عين اليوم" . ويرى رئيس المركز السعودي للدراسات والبحوث ناصر القرعاوي أن النشاط الإعلاني في السوق السعودي من المجالات التي تحتكرها استثمارات أجنبية (لبنانية) استغلت الغطاء الصوري لها في السوق المحلية والخليجية لتستثمر فرصًا في أكبر سوق إعلانية في المنطقة العربية، مشيرًا إلى أن هذا الاحتكار بدأ منذ أكثر من 15 عامًا، وبرز في الآونة الأخيرة في قطاعين من أهم مجالات الإعلام، الأول الإعلان الصحافي مما دعا المحتكرين لتشكيل ائتلاف وكالات أجنبية تحت غطاء سعودي. وقال القرعاوي "اتفقت هذا الكيانات الإعلانية على إنشاء شركة لخدمتها تتولى القيام بتأمين المساحات الإعلانية المفتوحة في الصحف واستغلال حاجة المؤسسات الصحافية إلى قيمة الإعلان مما شكل خطورة على الوكالات الوطنية وإخراجها من السوق. وأضاف أنه في هذا المجال كانت هناك دعوة في الغرفة التجارية بالرياض لوضع صيغة توفيقية بين مختلف الآراء من أعضاء اللجنة لتصنيف وكالات الدعاية والإعلان في السوق السعودية إلا أنه لم يتم الأخذ بهذا المبدأ لتكتل أصحاب الوكالات (الغطاء للوكالات الأجنبية) ولا يزال هذا الأمر محل نقاش حاد أدى إلى تعثر لجنة الإعلان في غرفة الرياض حتى اليوم. واعتبر القرعاوي أن الوجه الثاني من أوجه الاحتكار موجود في مجال إعلانات الطرق حيث استحوذت شركة واحدة على أكثر من 90% من إعلانات الطرق على مستوى المملكة في الوقت الذي لم تطور فيه آلية العمل، ومن ذلك تخفيض أسعار الإعلانات خاصة الإعلانات المحلية للمصانع الوطنية والمنتج الوطني حيث تركزت الإعلانات فيها على المنتجات المستوردة الأجنبية وهذا يقلل من فرص تسويق المنتج الوطني. وطالب القرعاوي وزارة التجارة باتخاذ إجراءات صارمة لفك قيد الاحتكار مناشدًا وزارة الثقافة والإعلام بوضع تصنيف لوكالات الدعاية والإعلان في السعودية، كما طالب وزارة العمل التأكد من سعودة العاملين في هذا القطاع حيث إن هناك سعودة وهمية على حد قوله. وأشار إلى أن هذه الاستثمارات الضخمة التي تتجاوز ال12 مليار ريال سنويًا في منطقة الخليج تستحوذ المملكة على الحصة الأكبر منها، ذاهبًا إلى أن عائداتها وأرباحها تذهب خارج الوطن فلا مصانع ولا قوة عاملة ولا استثمارات سعودية في هذا المجال، مضيفا أن بعض قطاعات الإعلام تساهم في إبقاء هذا الخلل لحاجتها إلى السيولة من خلال الإعلان متجاهلة رسالتها الوطنية في حماية مهنة الإعلان ومؤسسات الإعلام في المملكة. وألمح القرعاوي إلى أنه من بين المحتكرين في السوق السعودية لمجال إعلانات الطرق مستثمر عربي اتخذت بحقه الحكومة المصرية إجراءات قانونية لحماية سوقها من عمله فيها بمحاولة الاحتكار على غرار ما هو موجود في منطقة الخليج وذلك لإدراكها خطورة الاحتكار لوسائل الإعلام والضغط عليها لتوجهات سياسية واقتصادية لا تحقق المصلحة العامة للدولة. من جهته، يرى الخبير في مجال الإعلام والإعلان ياسر الغسلان أن هناك "مافيا" إعلان ليس في المملكة فقط بل في المنطقة بالكامل، مشيرًا إلى أن هذه المافيا يديرها "هامور" لديه علاقات وإمكانيات كبيرة تعطيه الأسبقية في المنافسة، واعتبر الغسلان أن الجهات المسؤولة عن احتكار الشركات الأجنبية لسوق الإعلان في السعودية هما وزارتا الإعلام والتجارة لأنهما مرتبطتان ارتباطا كاملا في ضمان استفادة الشركات المحلية في قدر عادل من حجم الصرف الإعلاني في المملكة، مطالبا الشركات الداعمة للإعلان بتشجيع الشركات المحلية للإبداع في هذا المجال، مع الوضع في الاعتبار أن هناك شبابا سعوديين لديهم الإمكانيات والقدرة على المنافسة في ظل غطاء تنافسي آمن لهم. وقال الغسلان إن بعض المشروعات الحكومية تعطي الأولوية والحقوق الإعلانية للشركات الأجنبية القادرة على دفع مبالغ كبيرة والشركات المحلية ليس لديها القدرة على منافسة تلك الأجنبية لحجم المبالغ التي تغري بها الجهات الحكومية، مضيفا أن المشكلة الرئيسية أن بعض الجهات الرسمية حين تختار الممثلين لها في الإعلانات تركز على الجانب المالي بما في ذلك من خطأ كبير؛ وذلك لأن الأموال التي تكسبها الشركات الأجنبية لا تعود على الاقتصاد السعودي بفائدة بل ترحل للبلدان التي تملك تلك الشركات. وأشار إلى أنه عند اختيار الوكيل الإعلاني يجب مراعاة عدة معايير منها تشجيع الوكيل المحلي والاشتراط على الأجنبي بتوظيف السعوديين وزيادة نسبة السعودة وذلك لضخ الأرباح في الاقتصاد السعودي والاستفادة من القطاع بالشكل المطلوب.