بعد منع وزارة الشؤون البلدية والقروية، ممثلة في أمانات المناطق والمحافظات، محال تقديم «المعسلات» و«الشيشة» وكافة المقاهي باختلاف أنواعها من تقديم هذه الخدمة للزبائن وخاصة في الأماكن المغلقة، عمد بعض الملاك إلى استحداث أماكن خارجية في الساحات المحيطة بالمقاهي أو في أدوار عليا لتقديم «الشيشة» للزبائن ومن كافة الأعمار، فيما علقت بعضها النشاط، نظرا لعدم تمكنها من تقديم ما يشفع لها بالبقاء أسوة بالمقاهي الأخرى التي استطاعت الاستمرار. وقد ألقت "عكاظ" الضوء حول هذا الموضوع في التحقيق التالي: في ثنايا هذه المشكلة التي واجهت بعض ملاك المقاهي، والذين أعلنوا تضررهم في السابق من إغلاق محالهم، تناقلت مؤخرا وسائل الاتصال الحديثة أنباء مفادها إغلاق مقهى يقدم الشيشة لتسببه في نقل فيروس كورونا لمرتاديه، وهو ما تم تناقله على نطاق واسع في الفترة الأخيرة، لكن سرعان ما نفت الجهات المختصة تلك الإشاعة، لتترك المزيد من التكهنات حيال علاقة المقاهي بنقل فيروس كورونا إلى مرتاديها ما قلص رواد هذه المقاهي إلى درجة ملحوظة. «عكاظ» استطلعت آراء بعض مرتادي هذه المقاهي، حول حقيقة شائعة انتقال فيروس كورونا عبر هذه المقاهي، وهنا تباينت الآراء بشكل قطعي حيث يرى البعض أن ما تم تناقله ما هو إلا تكهنات لا تعتمد على معلومات دقيقة ووافية ومبعثها الاستعجال أحيانا، وفي أحيان أخرى الجهل، في حين أبدى البعض الآخر خشيته من التعرض للمرض الغامض من خلال مخالطة رواد مقاهي «الشيشة». وبين ل«عكاظ» سالم الكندي الذي تصادف وجوده في مقهى شهيرة جنوبي جدة، أنه يشك في صحة هذه الأخبار التي لا تستند إلى وقائع وحقائق وإنما هي منسوجة من وحي الخيال على حد قوله، وقال «لا أصدق ما يقال، فأنا منذ فترة طويلة أرتاد المقاهي الشهيرة دون أن أسمع يوما أن رجلا ما أصيب بمرض معد من جراء ارتياده المقاهي». وإلى جواره رجل آخر يدعى مروان البصيلي، ويجلس خلف طاولة مستديرة سألناه أيضا عن هذه الأخبار وتأثيرها عليه ومدى تصديقه لها.. في البداية أبدى صلابة في موقفه السلبي من الأخبار، ثم بدأ يميل إلى تصديقها مستدلا ببعض الآراء التي يستمع إليها من أطباء ومختصين فيما يتعلق بالحذر من كثرة ارتياد هذه المقاهي وعدم أخذ الحيطة والحذر أثناء تناول المعسلات والجلوس إلى جانب نافثي السجائر وأدخنة المعسلات، لافتا إلى أنه قلل كثيرا من التردد على المقاهي وخاصة بعد انتشار أخبار فيروس كورونا في وسائل الإعلام، وتحذير بعض الأطباء من إهمال وسائل الوقاية وضرورة أخذ الحيطة خصوصا عند الاختلاط بالآخرين ومن ذلك الأماكن المزدحمة ومثيلاتها. بدوره أوضح مصطفى عبدالصمد، أنه افتقد كثيرا من أصدقائه من مرتادي المقاهي، وقال «بات البعض يخشى على صحته خاصة بعد انتشار أخبار مرض كورونا، وهؤلاء يفضلون المكوث في منازلهم والابتعاد عن الأماكن المزدحمة، في حين يعمد بعضهم إلى الحضور فقط لمشاهدة المباريات واتخاذ أماكن قصية في أحواش المقاهي أو ساحاتها الخارجية دون استعمال للمعسلات». سعيد حكمي، مالك أحد المقاهي، أكد انخفاض زبائنه نتيجة الشائعات، مؤكدا تأثر دخله اليومي بعد تصديق الكثيرين لها، ورغم نفي الجهات المعنية صحة هذه الشائعات إلا أن الجميع بدا متخوفا أيضا دون اكتراث إلى التطمينات مهما كانت مصادرها. من جهته، نفى المتحدث الرسمي لأمانة محافظة جدة محمد البقمي، صحة ما يشاع بشأن انتقال فيروس كورونا والأمراض المعدية بواسطة مقاهي الشيشة والمعسلات، مؤكدا أنها أنباء غير صحيحة إطلاقا. وقال ل«عكاظ»: لدينا اشتراطات عامة نلزم بها هذه المقاهي، فضلا عن التفتيش الدوري لها، وهناك حملة دائمة، وكذلك فإن المقاهي ملزمة بوضع ملصقات لتوعية زبائنها بما يلزمهم من التزام بالاشتراطات الصحية الوقائية، إضافة إلى اللجنة المكونة من عدد الجهات للرقابة على المقاهي والتأكد من عدم تقديمها المعسلات في الأماكن المغلقة بناء على قرار من وزارة الداخلية بمنع التدخين في الأماكن المغلقة. من جانبه، نفى مصدر طبي بمدينة الملك فهد الطبية أنباء ترددت عن استقبال المدينة لمصاب بكورونا عبر عدوى انتقلت له من خلال مقهى، في حين نفت أمانة منطقة الرياض أيضا، صحة ما يحتويه مقطع انتشر مؤخرا بشأن إصابة أحد المواطنين جراء ارتياده المقاهي، لافتة إلى أن المقطع متعلق بإغلاق مقهى خالف الاشتراطات الصحية وتعليمات السلامة ولا علاقة له بكورونا مطلقا. وفي شأن ذي صلة، أكد أستاذ علم النفس بجامعة الملك سعود الدكتور نزار الصالح، أن أمراض القلب والشرايين والسرطان، وأمراض الجهاز التنفسي، وغيرها من أمراض نتيجة حتمية للتدخين العادي أو تدخين الشيشة، مثمنا قرار منع التدخين بأنواعه في الأماكن العامة والمقاهي والمطاعم.