استضاف منتدى الثقافي الشهري بالرياض ضمن فعالياته الثقافية الشيخ محمد بن صالح الدحيم في ندوة بعنوان "تجديد الفكر الديني.. رؤية مستقبلية". وأدار الندوة التي أقيمت في منزل المهندس حسن مرزوق الشريمي، المهندس منسي حسون الذي عرف محاور المحاضرة وعرَف بالضيف. وبدأ الدحيم حديثه عن مفهوم تجديد الفكر الديني وقال انه مرتبط بجميع الديانات والطوائف والمذاهب، ولكن لا يزال مفهوم التجديد غير واضح، وأن معظم الكتب المعنية بالتجديد ليس فيها تجديد، وأن التجديد لم يخضع للتجربة العلمية. وذكر أن من يريد مناقشة أي فكرة ونقلها للواقع الاجتماعي فلابد له من أبعاد أربعة وهي: البعد العقلاني، البعد العملي التطبيقي، البعد الشعوري والعاطفي «الجمالي» أي أن الفكر الديني له جمال طبيعي وذاتي، وانه في الواقع لا يمارس بطريقة تجذب الناس إليه، والبعد الرابع هو عناصر القوة للفكرة. وتساءل الدحيم عن ثمة خطاب إسلامي جديد؟ موضحاً بأنه يوجد خطاب جديد ولكن بدون فكر جديد، وذكر أن التجديد في الفكر هو النابع من الإحساس والإدراك الذاتي لضرورة أشياء منها: تجاوز اللامفيد من المرحلة الماضية، والاستفادة من التراث المعني بالكم المعرفي وهو شي غير الكتاب والسنة، وأثار بأننا نمتلك من التراث المضمون وأما الكم التراثي فهو ملك للمجتمع الذي نشأ فيه، وأن ننشغل بما ينفعنا ويفيدنا. وأشار في كلمته إلى ثنائيات الخطاب الإسلامي الطبيعية والضرورية مثل الحق والباطل، الخير والشر، وغيرها، فالخطاب يعاني من ثنائيات خارجة عن الطبيعة البشرية، وسبب ذلك بأن الخطاب مورس عليه تجديد شكلي وليس فكريا وجوهريا، ومن أهم الثنائيات الخارجة عن الطبيعي هي ثنائيات التراث والمعاصرة. كما تحدث الضيف عن الخطاب الإسلامي وعن أهدافه، أم هو يتحول في الوسائل دون الغايات والمقاصد، ومن أمثلة ذلك فكرة أسلمة الحياة، فهل الحياة تؤسلم؟ الخطاب الإسلامي يقول نعم، وأما الفكر الإسلامي يقول لا، فالإسلام للحياة طبيعيا وفطريا ? يا أيها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ، وكذلك هناك من يدعو لأسلمة المعرفة كمجلة إسلامية المعرفة، فالمعارف لا تؤسلم، فالمعارف حق لكل الأمة، وان السر في إبداع الشريعة هو حركتها وتغيرها وليس ثباتها، فالواجب يكون محرما والعكس، فابن القيم مع شيخه إبن تيمية يقول مررنا على قوم من التتار يشربون الخمر، فأردت أن أنكر عليهم، فقال إبن تيمية لا تفعل، فإنهم إن لم يشربوا الخمر ذهبوا وقتلوا المسلمين، فالثوابت والمتغيرات فكرة ليست عقلانية وليست عملية وليست جمالية وكذلك ليس فيها قوة.وهنا أشار الشيخ مرة أخرى بأنه لا يوجد تجديد في الفكر وإنما تجديد في الخطاب. واختتم الشيخ الدحيم حديثه بما الذي يمكن أن نفعله تجاه التجديد في الفكر الديني؟ موضحاً إجابته بثلاث نقاط: اولها تحويل الخطاب من العنف إلى التسامح، من الفردية إلى الجماعية، وهذا التحول يجب أن يكون فكرياً. وثانياً تجاوز كل مالا ينفع ولا يفيد في الخطاب والسلوك والفكر. وثالثاُ إعادة تشكيل علاقة جديدة بين النصوص الدينية مع بعضها، وبين الدين والعقل، وبين الدين والتدين، وبين الفكر الديني والواقع، وكذلك بين الفكر الديني والمستقبل، وعلاقة جديدة بين المسلم وغير المسلم. وبعد المحاضرة قدم الحضور العديد من المداخلات ووالأسئلة ابزرها مداخلة للدكتور مرزوق بن تمباك، وللأستاذ جعفر مرزوق، والأستاذ محمد المحيسن، والأستاذ حسين بنجي، والدكتور علي الحاجي والدكتور سهل الهاجوج، والأستاذ خالد العصاري، والأستاذ إبراهيم الشتوي. يذكر أن الشيخ محمد بن صالح الدحيم وهو من الناشطين الأجتماعيين والفاعلين على مستوى المملكة خريج كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم، وقد تتلمذ على عدد من رجال الدين البارزين في الحقل الأكاديمي وخارجه. كما عمل قاضياً بوزارة العدل، ثم قدم استقالته وتفرّغ لأعماله الفكرية، وهو محام ومستشار شرعي وقانوني، ومعد ومقدم العديد من الدورات والبرامج مثل أفكار وحوار «مباشر أسبوعي على إذاعة جدة» والتفكير الفقهي وغيرها. كما للشيخ الدحيم مشاركات في البرامج التلفزيونية، وهو مؤسس ومشرف على مركز التجديد الثقافي، وله العديد من المؤلفات، مثل تعلمت الحياة، الحق والحق الأخر، عملية الخوف ومنطق المواجهة، تجديد الفكر الديني «قراءة في تجربة الإمام إبن تيمية»، وغيرها من الكتب.