قالت مصادر أمنية أمس إنه يوجد تحالف بين جماعة الإخوان المسلمين وجماعتين ترتبطان بتنظيم القاعدة هما «أنصار بيت المقدس» و«كتيبة الفرقان»، وأضافت أن هاتين الجماعتين التكفيريتين لديهما أموال ضخمة وأسلحة و«سيجري القضاء عليهما» بالتزامن مع «البيئة والدعم» اللذين توفرهما لهما جماعة الإخوان. وقد جاء ذلك بحسب ما نقلته المصادر ل«الشرق الأوسط» ونشرته في التقرير التالي: أعلنت مجموعتان اثنتان على الأقل، تنفيذهما لعمليات «إرهابية» ضد السلطات المصرية منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي في الثالث من يوليو (تموز) الماضي. المجموعة الأولى، التي كان لها نشاط، سلفا، في سيناء وقطاع غزة، هي المعروفة باسم «أنصار بيت المقدس»، وهي الأخطر. أما المجموعة الثانية التي ظهرت خلال الشهرين الماضيين، فتطلق على نفسها «كتائب الفرقان». ووفقا للمصادر الأمنية وقيادات كان لها علاقة بالمتشددين الإسلاميين، فإن هاتين المجموعتين تتشابهان في أنهما دخلتا في تحالف مع جماعة الإخوان أثناء حكم الرئيس السابق محمد مرسي، رغم أنهما تتبعان فكر تنظيم القاعدة. وقال الدكتور ناجح إبراهيم، القيادي السابق في الجماعة الإسلامية، ل«الشرق الأوسط» إن عمل «الفرقان» يتسم باستهداف «عصب الدولة»، مثل محاولتها، قبل شهر، قطع الاتصالات الدولية بين مصر والعالم، وقيامها بنحو أربعين محاولة فاشلة لاستهداف قناة السويس، مشيرا إلى أنه، على الخلاف من ذلك، يتميز عمل «أنصار بيت المقدس» بأنه يستهدف مواقع الجيش والشرطة في عمليات «ثأرية». وأضاف: «أعتقد أن لهم ارتباطا ب(القاعدة)، لكن بغض النظر عن التنظيم هم يتبعون نهج (القاعدة) فكريا وعمليا». ومن جانبها أضافت المصادر الأمنية أن «أنصار بيت المقدس» تضم عربا من سيناءوسوريا واليمن وغيرها، بعد أن ظلت عناصرها تقتصر على سيناويين وغزاويين، مشيرة إلى أن مجموعات جهادية وقياديين متشددين مصريين انضموا جميعا إلى «أنصار بيت المقدس» في السنوات الثلاث الأخيرة. وأعربت هذه المصادر التي تشغل مواقع حساسة في أحد الأجهزة الأمنية المصرية عن اعتقادها أن مجموعتي «الفرقان» و«أنصار بيت المقدس» تمتلكان كميات كبيرة من الأسلحة، وكميات كبيرة من الأموال، بعد تحالفهما مع جماعة الإخوان «التي تمتلك كميات ضخمة من إمكانات التمويل». ومن جانبه قال الدكتور إبراهيم إن «كتائب الفرقان» تتكون أساسا من عناصر مصرية غالبيتهم «نصف قاهريين»، أي أنهم إما من مواليد القاهرة أو من الوافدين إليها. وأضاف أن «كتائب الفرقان» تستخدم عادة الأسلحة، مثل ال«آر بي جي» و«الرشاشات» في هجومها على المواقع الحيوية و«عصب الحكومة»، مثل محاولة قطع الاتصالات الدولية من خلال ضرب «مقر القمر الصناعي» في ضاحية المعادي جنوبالقاهرة، أو محاولة ضرب السفينة الصينية في قناة السويس، وذلك حين استهدفوا القناة بنحو 40 عملية فاشلة في المجرى الملاحي الذي يعد من أهم مصادر الدخل القومي للبلاد. وعلق المصدر الأمني قائلا إنه توجد معلومات عن تحركات «كتائب الفرقان» ومحاولة استهداف الكثير من المرافق، وهو ما تمكنت السلطات من مواجهته والقضاء عليه في المهد، سواء عبر عمليات الشرطة أو الجيش الذي ينشر قوات بطول 170 كيلومترا على طول المجرى الملاحي للقناة، لكنه أشار في النهاية إلى أن «خطر هذه المجموعات هو وجود بيئة قادرة على العمل من خلالها، توفرها لها عناصر من جماعة الإخوان في عدة محافظات، خاصة في سيناء والدلتا (شمال البلاد)». وتقول جماعة الإخوان إنها لا تتبع العنف، ونفت مسؤوليتها عن التفجيرات التي جرت بعد عزل مرسي، كما نفت صلتها بحادث التفجير الأخير لمبنى مديرية الأمن بالمنصورة. ويقول ناجح إبراهيم: «بغض النظر عن أن الفكر الذي تتبعه (أنصار بيت المقدس) أو (كتائب الفرقان) كان يكفر جماعة الإخوان، إلا أنه حدث لهم، مع الإخوان، تحالف استراتيجي، وكان الإخوان من قبل لا يتحالفون مع مثل هذه التنظيمات، لكن بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 تحالفوا معهم، وهذا التحالف أضر بالإخوان». وقالت المصادر الأمنية إن جماعة الإخوان بعد وصولها للحكم تساهلت مع الجماعات المتشددة؛ «لكي تكون ظهيرا لها عند الحاجة»، مشيرة إلى أن هذا التقارب تحول إلى «تحالف» بعد سقوط حكم مرسي. وأوضح الفريق حسام خير الله، وكيل المخابرات المصرية السابق والمرشح السابق للرئاسة المصرية، ل«الشرق الأوسط» إن نحو 12000 «إرهابي» دخلوا سيناء منذ تولي مرسي الحكم، إضافة إلى تدفق كميات ضخمة من الأسلحة من الحدود المصرية الليبية خلال الفترة نفسها. وأوضح مصدر آخر في الجيش المصري أن الضربات التي وجهتها القوات المسلحة وقوات الشرطة «للعناصر الإرهابية والتكفيرية» في سيناء وتضييق الخناق عليهم هناك، أدت إلى فرار مجموعات منهم إلى المحافظات القريبة من سيناء، ومنها محافظات الإسماعيلية والشرقية والدقهلية. والمحافظة الأخيرة شهدت يوم الاثنين الماضي أعنف هجوم من نوعه منذ سقوط مرسي، بتفجير سيارة مفخخة في مبنى مديرية الأمن ما خلف 17 قتيلا وأكثر من 100 جريح. وأشار المصدر إلى أن السلطات تقوم حاليا بتجفيف منابع التمويل المالي، وتجميد أرصدة نحو ألف «جمعية» مشتبه بها، ومصادرة آلاف الأسلحة المهربة، للقضاء على «هؤلاء التكفيريين وأعوانهم». ووفقا لمعلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» فإنه يوجد اعتقاد بانخراط ثلاثة ضباط على الأقل جرى فصلهم من الخدمة الرسمية لسوء سلوكهم قبل سنوات، في مجموعة «أنصار بيت المقدس» ذات الطابع الثأري، من بينهم رجل يدعى «عبد العزيز» كان مقربا من أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، ويشتبه في ضلوعه في إيواء «مجاهدين» من سوريا ودول عربية أخرى في سيناء. وتشير المعلومات أيضا إلى أن «أنصار بيت المقدس»، أصلا.. «فرع مصري لتنظيم غزاوي فلسطيني وتأسس في سيناء قبل سنوات، وتكون من تنظيمات مصرية سابقة كثيرة، منها التوحيد والجهاد التي نفذت من قبل تفجيرات دهب وطابا وشرم الشيخ (في أعوام 2004 و2005 و2006)». وتثبت وثائق صادرة عن وزارة الداخلية المصرية اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخ منها، أن الجماعات التكفيرية شنت عملية ضخمة ضد المواقع الأمنية في سيناء خلال ثورة يناير 2011، ثم حاولت إقامة إمارة إسلامية هناك. بينما أشار مصدر أمني آخر إلى أنه بعد انتهاء حكم مرسي الصيف الماضي حاولت تلك الجماعات، وعلى رأسها «أنصار بيت المقدس» الانتقام بقتل جنود من الجيش والشرطة وتفجير مقار أمنية. وفيما يتعلق بعدد العناصر الكبير الذي يعتقد أن تنظيم «أنصار بيت المقدس» يتكون منه، أوضح المصدر الأمني قائلا إن «هذا التنظيم بعد أن كاد يتعرض للاضمحلال في سيناء، وبعد أن كاد وجوده يقتصر على رفح الفلسطينية على الجانب الآخر من الحدود مع سيناء، عاد للنشاط مجددا بعد أن تراجعت القبضة الأمنية في سيناء خلال أحداث ثورة 25 يناير، خاصة مع هروب آلاف السجناء، بينهم متشددون تكفيريون، بالإضافة إلى من جرى العفو عنهم، من هؤلاء المتشددين، على يد الرئيس السابق مرسي». ووفقا للمصادر الأمنية نفسها فإن من بين من فر إلى سيناء وانضم إلى «أنصار بيت المقدس»، خلال الأعوام الثلاثة الماضية، سجناء هاربين ومطلوبين آخرين، مما كان يعرف باسم تنظيم «جند الله» الذي تغلب عليه عناصر من محافظات الشرقية والدقهلية والبحيرة، و.. «بانخراطهم في جماعة أنصار بيت المقدس، استخدموا مع هذه الجماعة الأنفاق الواصلة بين سيناءوغزة، في التدريب والذهاب والإياب، وما إلى ذلك».