أثار إعلان شخصيات روسية ترشيح الرئيس فلاديمير بوتين لجائزة نوبل للسلام سجالًا في العالم. فالرئيس الروسي الداعم الأبرز لنظام بشار الأسد المتهم بارتكاب جرائم وعمليات قمع وتعذيب ضد شعبه منذ انطلاق الثورة السورية في آذار (مارس) عام 2011. وتستهجن شخصيات معارضة سورية التفكير في منح الجائزة لبوتين، لأنه من المعيب أن يقف هذا الرجل إلى جانب نيلسون مانديلا مثلًا. لكنّ معارضين آخرين يذكرون بأن الجائزة نفسها منحت لرئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيريز، فور غسله يديه من دماء الاطفال الذين قضوا في مجزرة قانا بجنوب لبنان، فلِم لا تمنح لبوتين تكريمًا له على دوره الفاعل في قتل أكثر من 110 آلاف سوري في عامين ونصف؟ ويدور سجال حاد على موقع تويتر بين مؤيد ومعارض لهذا الترشيح، فيؤكد المؤيدون أن بوتين منع حربًا عالمية ثالثة، بينما يقول المعارضون إن بوتين يرقص اليوم رقصة الانتصار على جثث السوريين المدنيين، ويتسلق قمة المجد دوسًا لجماجم الأطفال. هذه مواصفاته! وكان النائب والمغني يوسف كوبزون، الذي تلقبه وسائل الاعلام الروسية ب"فرانك سيناترا الروسي"، قال: "أشعر بالخيبة لمنح باراك أوباما، الذي أطلق ووافق على هجمات على غرار تلك المرتكبة في العراق أو أفغانستان، هذه الجائزة فيما لم تمنح لفلاديمير بوتين، فرئيسنا الذي فعل كل شيء لوقف الحرب يستحق هذه الجائزة أكثر" . وكوبزون هذا ممنوع من دخول الولاياتالمتحدة. وفي الرسالة التي أرسلت إلى أوسلو في 16 أيلول (سبتمبر)، ورد: "فلاديمير بوتين رجل سياسة حكيم ومتوازن، وهذا يتلاءم مع مواصفات حامل جائزة نوبل للسلام". ولم يكن الكرملين على علم بالمبادرة، بحسب ما أعلن المتحدث باسمه ديمتري بيسكوف، في حديث نقلته وكالة إيتار تاس الروسية. وقال بسلان كوباخيا، المسؤول في منظمة روسية مخصصة للاتحاد الروحي والتعاون بين شعوب العالم: "لو لم يستقر الوضع في سوريا، لكانت الحرب العالمية الثالثة قد اندلعت، وهذا ما أجاز لنا فلاديمير بوتين تجنبه". وسارع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إلى تأييد مبادرة ترشيح بوتين لنيل جائزة نوبل للسلام، مشيدًا بدوره في تجنب الحرب في سوريا. وقال مادورو: "إذا كان هناك من يستحق جائزة نوبل للسلام في هذه اللحظة التاريخية فإنه الرئيس فلاديمير بوتين، الذي ساعد على وقف الحرب ضد الشعب السوري". وكانت الأكاديمية الدولية أعلنت الثلاثاء ترشيحها الرئيس الروسي لنيل جائزة نوبل للسلام، التي منحت للرئيس الأميركي باراك أوباما في العام 2009، "لأنه أقام مناخًا جديدًا في السياسة الدولية". رهان موسكو لربما الروس وحدهم يرون في فلاديمير بوتين أهلًا لنيل هذه الجائزة. فالمراقبون يرون أن الدور الروسي ليس محبطًا ومعطلًا للحل في سوريا فحسب، بل ينم عن تورط عميق وواسع، من خلال دعم الأسد ونظامه سياسيًا وعسكريًا، بالرغم مما يقترفه من قتل وتدمير بحق شعبه السوري. يذكر المراقبون بأن موسكو رهنت مجلس الأمن بحقها في النقض، مؤجلة أي بحث بالمسألة السورية، وبما يحل بالشعب السوري من ويلات، حتى يتبدى لها وقت تستغله لصالحها. وبانتظار ذلك، بقيت الأسلحة الروسية تتقاطر على سوريا بلا توقف، إضافة إلى تواجد خبراء روس قيل إن بعضهم يشارك في المعارك، بشهادة مقاطع نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وبينها مقطع يكشف عن مقتل شخصية عسكرية روسية رفيعة المستوى غرب دمشق خلال العام الماضي.