أكّد الرئيس السوري بشّار الأسد، الأحد، أن بلاده ستلتزم بقرار مجلس الأمن المتعلّق بنزع أسلحتها الكيميائية، واعتبر أن معظم البلدان الأوروبية لا تملك القدرة على لعب دور بحل الأزمة في سورية، لافتاً الى أن التقارب الأمريكي الإيراني سيكون له أثر إيجابي على ما يحدث بلاده. وقال الأسد خلال مقابلة مع قناة (راي نيوز 24) الإيطالية، إن التقارب الأميركي الإيراني "سيكون له أثر إيجابي على ما يحدث في سورية، فإيران حليفة لسورية، ونحن نثق بالإيرانيين"، مشيراً الى أن "الإيرانيين كالسوريين وكأي بلد آخر في العالم لا يثقون بالأمريكيين، كما العديد من حلفاء أمريكا لا يثقون بالإدارات الأميركية". وأضاف أن "اقتراب الإيرانيين من الأمريكيين ليس مجرّد تحرّك ساذج، إنه تحرّك مدروس بعناية يستند إلى تجربة الإيرانيين مع الولاياتالمتحدة منذ الثورة الإيرانية عام 1979″، مشيراً الى أنه "إذا كان الأمريكيون صادقين في هذا التقارب فإن النتائج ستكون إيجابية في ما يتعلق بمختلف القضايا (في المنطقة) وليس فقط بالأزمة السورية". وعمّا إذا كانت سورية ستلتزم بقرار مجلس الأمن حول التخلّص من أسلحتها الكيميائية، قال الأسد إن بلاده انضمت الى معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية قبل صدور قرار مجلس الأمس بخصوص نزع أسلحتها الكيميائية، ولفت الى أن الجزء الأهم من المبادرة الروسية حيال الأسحلة الكيميائية السورية يستند الى إرادتنا بالتخلّص من هذه الأسلحة، معتبراً أن "الأمر يتعلّق بإرادتنا وليس بالقرار".وأكّد أن بلاده "ستلتزم بالطبع″ بقرار مجلس الأمن، لأن "تاريخنا يظهر التزامنا بكل معاهدة نوقّعها"، مذكّراً أن دمشق قدّمت لمجلس الأمن الدولي عام 2003 مقترحاً لتخليص منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة الكيميائية. وقال إن بلاده ليست لديها أي تحفّظ على أي بند من بنود معاهدة حظر السلحة الكيميائية لذك وافقت على الانضمام إليها، وأشار الى أن دور حكومته في عملية نزع الأسلحة الكيميائية التي تمتلكلها بلاده يقتصر على تقديم البيانات وتيسيير إجراءات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. وردّاً على سؤال حول خارطة الطريق التي وضعتها الحكومة السورية لمرحلة ما بعد انكفاء التهديد بالهجوم على سورية، قال الأسد إنه "منذ بداية الأزمة قلنا إن النشاط السياسي أو الحل السياسي، هو جزء مهم جداً من الأزمة، لكن عندما يكون هناك إرهاب لا أحد يتوقع أن يؤدي الحل السياسي إلى تسوية كل المشاكل".واعتبر أنه "ينبغي أن نستمر في العمل السياسي.. الأمر يتعلق باجتماع السوريين حول الطاولة لمناقشة النظام السياسي الذي يريدونه ومستقبل سورية، وكل ما يتفقون عليه سيعرض على استفتاء للحصول على موافقة الشعب السوري في ما يتعلق بأي جزء من مستقبل سورية، سواء كان الدستور أو القوانين أو أي أمر آخر". وعمّا إذا كانت هذه الأمور ستُناقش مع المعارضة المسلّحة، قال الأسد "لا.. فالمسلّحون لا نسميهم معارضة، بل إرهابيون، المعارضة كيان سياسي.. برنامج سياسي.. ورؤية سياسية، أما إذا كان هناك أسلحة وتدمير وقتل واغتيال فهذه ليست معارضة، هذا ما يسمى إرهاباً في جميع أنحاء العالم وفي كل البلدان"، لافتاً الى أنه "بوسعنا إجراء نقاشات مع كل حزب في المعارضة، أما في ما يتعلق بالمسلحين، فإذا تخلّوا عن أسلحتهم فسنكون مستعدين لمناقشة أي أمر معهم مثلهم في ذلك مثل سائر المواطنين الآخرين". وحول مؤتمر "جنيف 2″ المزمع عقده في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، قال الرئيس السوري إن مشاركته الشخصية فيه "تعتمد على إطار مؤتمر جنيف، لأن ذلك المؤتمر لا يزال غير واضح حتى الآن"، وأشار الى أن حكومته "لا تستطيع التحدث على سبيل المثال إلى منظمات تابعة للقاعدة أو إلى إرهابيين"، قائلاً "لا نستطيع التفاوض مع أشخاص يطلبون التدخّل الخارجي والتدخل العسكري في سورية".وعن احتمال إرسال بعض القوات الدولية الى سورية للفصل بين القوات على الأرض لمحاولة تحقيق الاستقرار، قال الأسد "هذا لن يكون عملياً، فنحن لا نتحدث عن بلدين في حالة حرب مثل سورية وإسرائيل حيث هناك خط جبهة واضح وحيث يمكن أن يكون هناك قوات تابعة للأمم المتحدة على جانبي الحدود أو على خط الهدنة". وأضاف "نحن هنا نتحدث عن عصابات يمكن أن توجد في كل مكان في سورية وداخل أي مدينة حيث لا توجد هناك أي جبهات أو خطوط واضحة، فحتى لو افترضنا أننا سنقبل بمثل تلك الفكرة، وهي غير مقبولة بالنسبة لنا، أين يمكن وضع تلك القوات؟"، معتبراً أنه "سيكون هناك حاجة لخارطة واضحة، وهذه الخارطة غير موجودة.. هناك عصابات تأتي من كل مكان وهي تتكون من إرهابيين ينبغي مقاتلتهم وليس عزلهم عن القوات السورية".وعن دور أوروبا في مؤتمر "جنيف 2″، تساءل الرئيس السوري"هل أوروبا مستقلة عن أميركا من حيث السياسات والممارسات السياسية اليوم؟"، وقال "واقعنا اليوم يقول إن معظم البلدان الأوروبية تبنّت الممارسة الأميركية في التعامل مع البلدان المختلفة منذ استلم (الرئيس الأميركي السابق) جورج بوش منصبه قبل أكثر من عشر سنوات". وتساءل "كيف يمكن أن تلعب هذا الدور إذا لم يكن لك علاقات؟ كيف يمكن لك أن تبني المصداقية عندما لا يكون لديك علاقات؟ وكيف يمكن لكِ أن تتحدث عن مصداقية أي بلد أوروبي والآن عندما يتم التحدّث عن المساعدات الإنسانية في حين أنهم فرضوا أسوأ حصار شهدته سورية منذ الاستقلال؟"، معتبراً أن "معظم البلدان الأوروبية اليوم ليس لها القدرة على لعب ذلك الدور، لأنها لا تمتلك العوامل المختلفة التي تمكنها من النجاح، ومن أن تكون كفوءة وفعّالة في لعب ذلك الدور".