تُشير التقارير إلى أن حاكم قطر سوف يتنحى قريباً لصالح نجله البالغ من العمر ثلاثة وثلاثين عاماً. ورغم تصوير القرار على أنه تغير تطوري، إلا أنه قد يدفع بعض المنافسين الإقليميين للدولة إلى تحدي بعض مناحي سياستها الخارجية النشطة، والتي شملت مؤخراً مساعدة مقاتلي المعارضة في سوريا ومساندة حكومة مرسي في مصر. وسوف تشمل التغييرات شغل ولي العهد تميم منصب رئيس الوزراء خلال الأسابيع القليلة القادمة، حيث يحل محل الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني. وسوف يتزامن مع هذه الخطوة على ما يبدو أو يتبعها بقليل حلول تميم محل والده، حمد بن خليفة آل ثاني، كأمير للبلاد. هذا ويجري الترويج لترقية تميم على أنها تطور منشود وليس استجابة قسرية لصحة الحاكم المعتلة (حيث خضع الأمير حمد لعملية زرع كُلى في عام 1997 وتفيد التقارير بأنه يحتاج إلى غسيل كلوي منتظم). ورغم أن الأمير نفسه استولى على السلطة بشكل مثير للجدل في عام 1995 عندما كان والده المتكاسل في سويسرا، إلا أنه يرغب الآن في أن يقدم نفسه على أنه "استولى على السلطة لا ليظل فيها إلى الأبد". ويُقال إن انتقال السلطة مخطط له منذ سنتين أو ثلاث سنوات، حيث جرى إعداد تميم -- الذي اختير ولياً للعهد قبل عشر سنوات -- بشكل ثابت لكي يلعب أدواره الجديدة. وتلقى الزعيم الجديد تعليمه في بريطانيا في نفس المدرسة التي تعلم فيها وينستون تشرشيل، وبعد ذلك في المؤسسة البريطانية الموازية لأكاديمية ويست بوينت، ويتحدث اللغتين الإنجليزية والفرنسية بطلاقة. وبالنسبة لصناع السياسة الأمريكيين، فإن التغيير الأكثر أهمية على الأرجح سيتمثل في تهميش حمد بن جاسم. فقد كان يشغل منصبي رئيس الوزراء ووزير الخارجية لسنوات عديدة، وكان محاوراً رئيسياً، حتى عندما أثارت سياسة قطر الخارجية غضب واشنطن (على سبيل المثال، دعم الدوحة للمقاتلين الجهاديين في سوريا). وتفيد التقارير بأن حمد بن جاسم سيظل في منصبه كرئيس تنفيذي ل "هيئة قطر للاستثمار" التي تتولى التصرف في إيرادات حقول الغاز الطبيعي العملاقة في البلاد التي تعد ثالث أكبر منتج للغاز في العالم بعد روسياوإيران. ولم يتضح بعد من سيشغل منصب وزير الخارجية. وتقوم سياسة قطر الخارجية على تحقيق التوازن بين رغبتها في بناء علاقات جيدة مع إيران (التي تشترك مع الإمارة في إحدى حقول الغاز البحرية الضخمة) والاعتماد على الدعم العسكري الأمريكي (الذي يتمحور حول القاعدة الجوية العملاقة العديد، التي تسيطر على العمليات الجوية الأمريكية في المنطقة). وربما يستهوي إيران استغلال عملية انتقال القيادة في قطر، وتسعى للانتقام من الدوحة جراء تأييدها لخصوم نظام الأسد في سوريا، حليف إيران الرئيسي. كما أن تصرفات قطر قد أثارت حفيظة جيران آخرين. على سبيل المثال، بدت شبكة قناة الجزيرة الفضائية الكائنة في الدوحة في بعض الأحيان وكأنها تسلط الضوء فقط على إزعاج المملكة العربية السعودية. ومؤخراً، استشاطت دولة الإمارات العربية غضباً جراء دعم قطر لحكومة «الإخوان المسلمين» في مصر، حيث رأت أن فرع الجماعة في الإمارات العربية المتحدة يمثل تحدياً لأمنها الداخلي. ورغم أن الإعلام الغربي وصف الشيخ تميم بأنه متعاطف مع جماعة «الإخوان»، إلا أن الوصف الأخير الأكثر دقة هو أنه مجرد قومي قطري. وفي ضوء الفوضى التي تعم أرجاء سوريا واستمرار احتمالات أن تصبح إيران دولة نووية، فإن رؤى تميم والحيوية التي يستغل بها وضعه الجديد قد يمثلان أهمية كبيرة لمستقبل الشرق الأوسط. * المحلل: سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.