توعد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان المحتجين في ميدان تقسيم وسط مدينة إسطنبول وقال إن حكومته لن تبدي أي "تسامح" بعد الآن حيال المتظاهرين. جاء ذلك بعد ساعات من سيطرة الشرطة على الميدان بعد اشتباكات مع محتجين، لكنها سمحت لهم التجمع في حديقة غازي القريبة منه. وفي خطاب ألقاه أمام أعضاء كتلة حزبه العدالة والتنمية البرلمانية أعلن أردوغان أن الاحتجاجات التي شهدتها البلاد أسفرت عن سقوط أربعة قتلى هم ثلاثة متظاهرين وشرطي. وجدد أردوغان دعوته المحتجين في ميدان تقسيم بإسطنبول ومتنزه غازي إلى الانسحاب، وتعهد بالوقوف ضد كل من يحاول استغلال الأحداث لأغراض سياسية، على حد تعبيره. وأضاف "أوجه الحديث إلى الذين يريدون مواصلة هذه الأحداث ويريدون مواصلة الترهيب، لقد انتهت هذه القضية الآن، لن نبدي تسامحا بعد الآن". وكرر رئيس الحكومة التركية وصف المحتجين الذين ردوا على قوى الأمن برشق الحجارة أو قنابل مولوتوف بأنهم "متطرفون" أو "إرهابيون" واتهمهم بارتكاب أعمال شغب وإحداث تدمير كبير أثناء الاحتجاجات في الأسبوعين الماضيين. وأكد أنهم سيحاسبون على ما فعلوه. كما اعتبر أردوغان أن هناك محاولة لإضعاف تركيا اقتصاديا وزعزعة ثقة المستثمرين. لقاء المتظاهرين وتأتي تصريحات أردوغان قبل يوم من لقاء مرتقب مع منظمي الاحتجاجات حيث قال بولنت أرينتش -نائب رئيس الوزراء التركي- إن رئيس الحكومة سيلتقي الأربعاء القادم مجموعة من منظمي الاحتجاجات في مسعى لإنهاء الأزمة، لكنه حذر من أن المظاهرات غير القانونية لن يسمح بها في تركيا. وأعلن أرينتش للصحفيين إثر جلسة لمجلس الوزراء أمس الاثنين أن رئيس الوزراء أعطى موعدا لمجموعة من الممثلين عن المحتجين وسيلتقي بهم في ميدان تقسيم، دون أن يحدد هوية هذه المجموعة. وقال إن المحتجين طلبوا الاجتماع مع رئيس الوزراء، وقد وافق، مشيرا إلى أن الهدف سيكون العمل على إنهاء الاحتجاجات المتواصلة على خلفية مشروع لتطوير ميدان تقسيم. وأضاف أرينتش أن رئيس الوزراء سيستمع إلى ما سيقولونه. غير أن المسؤول التركي حذر من أن المظاهرات "غير القانونية لن يسمح بها بعد اليوم في تركيا"، وقال "نعيش في دولة قانون، على الجميع أن يكونوا مسؤولين عن أفعالهم في دولة القانون". ميدان تقسيم وجاءت هذه التطورات فيما دخلت شرطة مكافحة الشغب التركية صباح اليوم ميدان تقسيم في إسطنبول، في محاولة لوضع حد لوجود عشرات المحتجين داخل الميدان. وتمكنت الشرطة من السيطرة الكاملة على الميدان فيما سمحت للمحتجين بالتجمع في حديقة غازي القريبة منه. وقال شهود عيان إن مئات من شرطة مكافحة الشغب استخدموا خراطيم المياه وأطلقوا الغاز المسيل للدموع لتفريق أعداد صغيرة من المحتجين. كما ذكرت وسائل إعلام تركية أن الشرطة المدعومة بمدرعات أزالت الحواجز التي وضعها المتظاهرون في محيط الميدان. ووفق مراسل الجزيرة عمر خشرم فإن الاشتباكات تجري في بعض الشوارع المؤدية للساحة ولم تشمل حديقة غازي المحاذية للساحة حيث نصب مئات المحتجين خيما لهم. وذكر المراسل أن المحتجين الذين يشتبكون مع الشرطة أعدادهم قليلة لا تتجاوز العشرات بعد إصدار منظمي الاحتجاج نداء إلى أنصارهم بعدم الاشتباك مع الشرطة. وقد برر حاكم إسطنبول حسين أفني موتلو تدخل الشرطة صباح الثلاثاء في ساحة تقسيم، مؤكدا أن المتظاهرين الذين كانوا يحتلونها منذ 12 يوما "أضروا" بصورة تركيا. وقال موتلو في مؤتمر صحفي إن مشهد المتظاهرين "أثار استياء السكان .. وأضر بصورة البلاد بنظر العالم"، ناسبا مسؤولية المواجهات التي تلت تدخل قوات الأمن إلى من أسماهم "هامشيين". وقد أكد حاكم إسطنبول على حسابه الخاص على موقع تويتر في وقت سابق أن العملية لا تهدف إلى طرد المتظاهرين من الحديقة، مشيرا إلى أن الهدف منها هو إزالة اللافتات والرسوم من الساحة. وقد دخلت الاحتجاجات يومها الثالث عشر، واستخدمت الشرطة التركية في وقت سابق الغاز المدمع لتفريق مجموعة متظاهرين تجمعت خارج السفارة الأميركية في العاصمة أنقرة، في حين أحيل 13 شخصا للمحكمة بتهمة إثارة أعمال شغب، وذلك بعد تحذيرات للمحتجين من طرف أردوغان. وتشير أرقام اتحاد الأطباء الأتراك إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة نحو 5000 بجروح جرّاء الاحتجاجات التي كانت قد امتدت من ساحة تقسيم إلى العديد من المدن والمحافظات التركية، وكانت انطلقت عقب تدخل الشرطة بعنف ضد محتجين على إعلان الحكومة عن مشروع لتطوير ميدان تقسيم، وهو ما رفضته المعارضة بدعوى أن ذلك من شأنه تدمير "القيمة التاريخية والبيئية" للميدان.