أميركا هي بلاد المهاجرين الأوروبيين ولذا ظلت «بيضاء». لكن هذا الوضع يتغيّر بسرعة حاليًا مع تدفق التيارات من أميركا اللاتينية وآسيا بشكل رئيسي. أضف إلى هذا أهل البلاد من السود وستجد أن الأغلبية في طريقها لأن تصبح أقلية. وصلت الولاياتالمتحدة النقطة التي صار واضحاً فيها أن معدلات الوفيات والمواليد والهجرة وضعت الأساس لتركيبة ديموغرافية مختلفة يصبح فيها العرق القوقازي (البيض) أقلية للمرة الأولى في تاريخ البلاد منذ إعلان استقلالها. ووفقًا لبعض الصحف الأميركية والبريطانية التي أوردت الخبر، فإن أكبر علامات انحسار التيار الأبيض أمام مد التيارات العرقية الأخرى تبدى في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي مع إعادة انتخاب الرئيس باراك اوباما لولاية ثانية رغم أن البيض صوتوا في أغلبيتهم لمرشح الجمهوريين الأبيض بحسب موقع إيلاف اللندني. تركيبة ديموغرافية جديدة على هذه الخلفية يدور جدل حامي الوطيس في الكونغرس الآن، سيفضي في الغالب إلى منح حق المواطنة لنحو 11 مليونًا من المهاجرين غير الشرعيين ومعظمهم من هسبان أميركا اللاتينية. وفي ربوع أخرى، فإن المحكمة الأميركية العليا تنظر الآن في اعتماد ما يسمى «التمييز الإيجابي» الذي يضمن لأبناء الأقليات مقاعد أكاديمية ووظائف ليسوا أهلاً لها بالضرورة من ناحية المؤهلات، وإنما سعيًا لتمثيلهم في مؤسسات الدولة تبعًا لأحجام عرقياتهم. وهذا يعني إعادة تعريف مصطلحات مثل «العرق» و«المساواة» وغيرهما مما اتصل بهذا الأمر. وثمة ما يعتبر «تغيّرًا تاريخيًا» يتضح من الإحصاء السكاني الأخير واستطلاعات رأي أجرتها «برس أسوسيشن». فسيفقد البيض غير الهسبان وضعهم كأغلبية عرقية في وقت ما خلال الجيل المقبل، وعلى الأرجح حول العام 2043. توترات حتمية رغم أن الولاياتالمتحدة ظلت موطنًا للمهاجرين منذ ولادتها قبل 237 سنة، فلم يحدث طوال تلك الفترة أن كان البيض أقلية. لكنها ستصبح الأولى التي تصل إلى هذا الوضع بين سائر المجتمعات الصناعية في العالم، وإن كانت مدن بأكملها في رقاع مشابهة مثل فرنسا وانكلترا إما تقلب الموازين العرقية التقليدية الآن أو تجاوزت الخط الفاصل لتوها. لكنّ المحللين يشيرون أيضًا إلى أوضاع تحمل الكثير من التوترات في ثناياها. ويضربون مثلاً لذلك بالبرازيل التي عبرت ذلك الحاجز وصار السود أغلبية كبيرة فيها منذ زمن. ومع ذلك فهي من دول العالم التي تشهد القدر الأدنى من الفرص أمام وصول السود إلى منابع الثروة المركزة حتى الآن في يد الأقلية البيضاء. وهناك أيضاً فرنسا التي تتخذ من «الحرية والمساواة والإخاء» شعارًا لها لكنها في الواقع بين الأسوأ سجلاً في العالم عندما يتعلق الأمر بتمييز البيض الغالب ضد بقية الأعراق. ثورة مؤسسية كما يقول عميد كلية الدراسات التعليمية والإعلامية بجامعة «يو سي إل ايه» الأميركية، مارسيدو سواريز – اوروزكو، فقد ظلت المسائل في الولاياتالمتحدة على الدوام خاضعة للّون. فطوال القرن العشرين كانت أهم ملامح المجتمع الأميركي هي العلاقة العسيرة بين الأبيض والأسود. وفي هذا القرن الحادي والعشرين تتغيّر هذه الصورة وتضم لاعبين آخرين مثل الهسبان والآسيويين. والسؤال الآن هو ما إن كانت المؤسسات الأميركية ستتغيّر وفقًا لهذه الخارطة الديمغرافية الجديدة». أميركا اليوم * العام 2012 شهد للمرة الأولى زيادة عدد المواليد من الأقليات العرقية على عددهم من الأسر البيضاء. * 45 في المئة من الأطفال في الفئات العمرية من الروضة إلى عمر 16 سنة من أقليات عرقية. ويقول الخبراء إن هذه النسبة ستتجاوز عتبة ال 50 في المئة الحاسمة في فترة لا تتجاوز خمس سنوات. * «الأقليات العرقية تشكل أكثر من 50 في المئة في خمس ولايات هي كاليفورنيا وتكساس ونيومكسيكو وهاواي وديستريكت اوف كولومبيا. وبحلول 2020 ستنضم إلى هذه الفئة ثماني ولايات أخرى هي فلوريدا ونيويورك ونيوجيرسي وميريلاند وجورجيا ومسيسيبي واريزونا ونيفادا. * بين 2039 و2043 تكون الأقليات العرقية الحالية قد صارت أغلبية. * عدد البيض، تبعًا للإحصاء السكاني الأخير، يبلغ 197.8 مليون شخص، وسيصل إلى ذروته (200 مليون) العام 2024. ثم يبدأ منذ ذلك الوقت «الهبوط» قياسًا إلى عدد غير البيض من مختلف الأعراق.