باتت الأموال التي حولها رجال أعمال سوريون هاربون من نظام بشار الأسد إلى مصر حائرة بين الاستثمار في العقارات أو البورصة أو القطاع الصناعي، في حين فضل سوريون المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتجارة التجزئة كمجال لاستثمار أموالهم التي فلتوا بها من النظام السوري. وقال خليل العجيلي، وهو ناشط سياسي سوري مقيم في مصر إن أكبر 10 رجال أعمال في سوريا وصلوا إلى مصر خلال الأيام الماضية، ولكن من الصعب الكشف عنهم. أضاف أن معظم من ينتمون إلى الطبقة البرجوازية في سوريا فضلوا اللجوء إلى مصر، مؤكداً أن عشرات الملايين من الدولارات وصلت من سوريا إلى مصر ولكن لا يمكن حصرها بدقة. وقال إن ثلث الاقتصاد السوري انتقل إلى مصر بعد الثورة في سوريا، لكن لا يوجد مصادر محايدة تؤكد هذه الأرقام أو تنفها، مضيفاً أن كبار جال الأعمال السوريين فضلوا الاستثمار في البورصة أو إيداع أموالهم بالبنوك المصرية لحين وضوح الرؤية وضخها في استثمارات. وتقدر الاستثمارات السورية داخل مصر بما يتراوح بين 400-500 مليون دولار، في حين يقدرها آخرون بأكثر من ذلك ،خاصة أن السوريين باتوا يتعاملون بغزارة مع البنوك المصرية من حيث الإيداعات وفتح الحسابات. وقال نزار الخراط، رجل أعمال سوري ورئيس اللجنة التنسيقية للثورة السورية في مصر ورئيس مؤسسة البيت الدمشقي إن هناك عددا كبيرا من رجال الأعمال والمستثمرين السوريين الذين جاؤوا إلى مصر بعد اشتداد قصف الجيش النظامي السوري لهم ولمصانعهم وأعمالهم. وأوضح الخراط أنه يتم حاليا تأسيس تكتل اقتصادي يجمع بين رجال الأعمال السوريين في مصر وهم أغلبهم من حلب. وقال باسم الكويفي، مستثمر سوري بمصر ورئيس الغرفة التجارية السابق بدمشق وعضو المجلس الانتقالي السوري إن أعداد رجال الأعمال السوريين والمستثمرين الذين قدموا إلى مصر تضاعف خلال الثلاث أشهر الأخيرة. أضاف أن معظم المستثمرين السوريين بالقاهرة اتجهوا لافتتاح مشروعات صغيرة ومتوسطة ليضعوا فيها أموالهم التي جاؤوا بها من بلدهم، مقدراً عدد رجال الأعمال السوريين الذين وصلوا إلى مصر ب30% من أعداد رجال الأعمال الذين فروا من سوريا والبالغ عددهم حوالي 50 ألف مستثمر. وأضاف الكويفي أن كبار المستثمرين السوريين اتجهوا إلى الاستثمار في البورصة المصرية وبعض دول الخليج وأوروبا، موضحاً أن المستثمر السوري يفضل اللجوء إلى مصر لسهولة إجراءات الدخول والخروج منها وسهولة الحصول على إقامة، بالإضافة إلى توافر الأيدي العاملة الرخيصة والطاقة. وأشار إلى أن معظم المستثمرين السوريين الذين وصلوا إلى القاهرة من الطبقة المتوسطة والممتازة أيضا، وأن هناك عددا المليارديرات السوريين اتجهوا إلى دول مجاورة وخاصة التابعين لنظام الأسد. وأضاف الكويفي أن هناك عددا كبيرا من السوريين أقاموا مشروعات جديدة في مصر مثل المطاعم والمقاهي وورش الخياطة والصناعات النسيجية،كما أقبل عدد من اللاجئين السوريين على فتح حسابات لهم بالبنوك المصرية لإيداع الأموال التي انتقلوا بها من بلدهم أو استقبال حوالات من حساباتهم من بنوك خارج سوريا. وقال خلدون الموقع رئيس مجلس الأعمال السوري المصري في تصريحات صحافية منذ أيام إن مجموعة من رجال الأعمال السوريين، بدأوا ضخ استثمارات جديدة في السوق المصرية تتجاوز 500 مليون دولار في مجالات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة والخيوط والأقمشة في العديد من المدن الصناعية المصرية. وأكد أحمد غنام عضو غرفة الصناعة بدمشق والقيادي السوري اللاجئ في مصر أن هناك أعدادا كبيرة من السوريين وصلوا إلى مصر مع زيادة قصف قوات الأسد لهم. وأوضح غنام أن السوريين في مصر يتركزون في مدينة 6 أكتوبر غرب القاهرة والرحاب شرق القاهرة، خاصة من ذوى الملاءة المالية والطبقة المتوسطة ويتواجد الحرفيون منهم في منطقة عين شمس خاصة الذين يعملون في القطاعات النسيجية. وقال إن هناك عددا من السوريين أقام مشروعات غذائية في منطقتي المهندسين و6 أكتوبر وتتكلف هذه المشروعات ما بين 500-600 ألف جنيه. وأكد غنام أن المستثمرين من رجال الأعمال الكبار اتجهوا للاستثمار في البورصة المصرية لحين استقرار أوضاع الاقتصاد الكلي. وأشار إلى صعوبة تحويل الأموال من داخل البنوك السورية إلى الخارج بسبب منع السلطات النقدية ذلك، لذا فإن معظم الأموال جاءت إلى مصر إما تم نقلها نقدا أو عن طريق تحويلات خاصة من البنوك اللبنانية. ومن جانب آخر أكد عدد كبير من مديري الفروع بالبنوك المصرية عن زيادة كبيرة في حسابات السوريين سواء بمبالغ ضخمة أو متوسطة سواء عن طريق إيداعها أو استقبالها في حساباتهم عن طريق حوالات من الخارج. وقال عبدالعزيز الصعيدي، مدير عام فرع بنك الشركة المصرفية العربية الدولية إن معظم البنوك رصدت تزايداً في حسابات السوريين بالبنوك المصرية. وأوضح أن هناك تسهيلات من جانب البنوك في فتح حسابات للاجئين السوريين، حيث لا يشترط البنك أوراق الإقامة لفتح حساب للسورى المقيم في مصر. وأضاف الصعيدى أن معظم الأموال يتم إيداعها نقدا أو استقبالها عن طريق حوالات من بنوك خارجية مثل بنوك لبنان والسعودية. وكشفت الأرقام الصادرة عن هيئة الاستثمار السورية تراجع عدد المشاريع القائمة في سوريا في الفترة من أول يناير 2012 حتى نهاية سبتمبر من نفس العام بنسبة 74%، مقارنة بالفترة نفسها من العام 2011 نتيجة الأحداث التي تمرُّ بها سوريا والعقوبات الاقتصادية المفروضة على مجمل قطاعاتها.