وسط أجواء سياسية يشوبها التوتر، أغلق في الكويت باب الترشح للانتخابات البرلمانية المزمع إقامتها في الأول من ديسمبر/كانون الأول بعد عشرة أيام من البدء في استقبال الترشيحات, وشهدت إدارة الانتخابات في اليومين الأخيرين إقبالا كبيرا على الترشح، وهو ما فسره مراقبون بضغوط حكومية مورست على مواطنين للترشح لإنجاح العملية الانتخابية. وقد فاقت أعداد المرشحين من خاضوا الانتخابات منذ العام 2003. حيث تقدم 387 مواطنا للترشح, غير أن معظم القوى والكتل السياسية قد قاطعت الانتخابات ترشحا وانتخابا. حيث لم يترشح 38 نائبا سابقا في مجلس 2012 المبطل. بالإضافة إلى مقاطعه اجتماعية من قبل المواطنين وأصحاب الديوانيات ومكونات اجتماعية عريضة كشف عن رفض شعبي غير مسبوق. ووفقا للجزيرة نت يرى محللون أنه ولأول مرة تفتقد الإدارة العامة للانتخابات رموزا سياسية أمثال أحمد السعدون وخالد السلطان وعبد الله النيباري, ورموزا سياسية موالية للحكومة أمثال رئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي وغيره من الذين طبعوا الانتخابات السابقة. وشهد الأسبوع الماضي استقبال أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح للعديد من السياسيين وقوى المجتمع المدني والنقابات العمالية وشيوخ دين وشيوخ قبائل وجموع من المواطنين ومسؤولي الدولة بالإضافة إلى كبار الضباط في السلك العسكري من جيش وشرطة وحرس وطني. وقال الأمير إنه لن يتهاون مع ما من شأنه المساس بأمن الوطن وسلامة المواطنين ولن يتساهل في تطبيق القانون على الجميع, واعتبر أن الخيار اليوم بين 'دولة القانون والدستور أو انتهاج طريق الفوضى والتعدي على صلاحيات السلطات الدستورية المسؤولة'. وأكد أمير الكويت أنه لن يتراجع عن مرسوم تقليص أصوات الناخبين إلى صوت واحد، وأن طريق إبطاله يكون من خلال المحكمة الدستورية التي إذا قضت ببطلانه فإنه سيحترم قرارها. حق مشروع وفي تصريح للجزيرة نت قال وزير الإعلام الشيخ محمد عبد الله المبارك إن 'هناك حقا مشروعا لمن أراد أن يقاطع، وكذلك لمن يريد أن يشارك'، وأكد أن الحكومة لن تتراجع عما اتخذته من إجراءات حيال إقامة الانتخابات في وقتها المحدد. ونفى المبارك أي تدخل حكومي في التأثير على مرشحين لخوض الانتخابات بدعم حكومي لإنجاح العملية الانتخابية, وأشار إلى حرص الحكومة على نزاهة العملية الانتخابية وفق ممارسة ديمقراطية صحيحة. بدوره قال المرشح نواف الفزيع للجزيرة نت إن المرحلة الأولى من العملية الانتخابية قد نجحت, بدليل زيادة أعداد المرشحين, 'رغم الضغوط والإرهاب الفكري الذي رافق عملية الترشح'، وهو ما عده حربا من أجل الكراسي. وبشأن المال السياسي والتدخل الحكومي لحث مرشحين لخوض الانتخابات، طالب الفزيع من يملك إثباتا بالتقدم للمحكمة ورفع بلاغ للنائب العام. اقتناع بالمقاطعة من جهة أخرى اعتبر النائب في مجلس الأمة المبطل أسامة الشاهين أن المرحلة الأولى قد نجحت في إقناع الكثير من القوى السياسية بمقاطعة الانتخابات، 'رغم الضغوط التي مورست والأموال التي دفعت, حيث لم تنجح الحكومة في إقناع الكثير من قوى المعارضة للترشح'. وأوضح الشاهين للجزيرة نت أن المرحلة المقبلة ستعرف وقفة لدعم مقاطعة المواطنين للتصويت في الانتخابات, وأوضح أنه لمس من المواطنين اتجاها للمقاطعة 'لعدم قناعتهم بمرسوم الضرورة, ولعدم وجود أسماء مؤثرة في الأوساط السياسية تعطي العملية الانتخابية زخما أكبر'. في السياق قدر الناطق الرسمي للجبهة الوطنية لحماية الدستور المعارضة خالد الفضالة في تصريح للجزيرة نت وجود عزوف كبير عن الترشح لمجلس الأمة بين أوساط المواطنين والقوى السياسية, وأشار إلى أن 'الحكومة لم تستطع إقناع الموالين لها بخوض الانتخابات، وهو ما يحسب للحراك السياسي والوعي الشعبي'. واعتبر الفضالة أن الحراك الشبابي 'نجح في إيصال رسالة للسلطة مفادها أن الشعوب من الصعب تحديها, ونحن على يقين بأن الشعوب الحرة في النهاية لا بد أن تفرض كلمتها'. ويرى مراقبون أن الانتخابات البرلمانية القادمة ستحظى بأقل نسبة حضور عرفتها الانتخابات في الكويت, إذ لم تشهد الحياة السياسية في الكويت حملة مقاطعة متفقا عليها من قبل الأوساط الشعبية والقوى السياسية كتلك التي تشهدها الكويت في الوقت الحالي.