بريدة - لقاء - خالد المقيطيب - الرياض السعودية رجال نذروا أنفسهم لخدمة مجتمعاتهم، يستلهمون ذلك بالعمل الدؤوب والروح الوثابة. أنكر ذاته وبذل وقتاً وجهداً مضنياً.. وفاء للمؤلفين في منطقة القصيم ليعرِّف بهم، وليجمع مؤلفاتهم تحت سقف واحد. الباحث والمؤلف عبدالله بن سليمان بن محمد المرزوق تخرج من قسم اللغة الإنجليزية في كلية التربية في جامعة الرياض (الملك سعود حالياً)، فألف في اللغة العربية، كما ألف في اللغة الإنجليزية. ومن مؤلفاته: الوفاء للنبي المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، الرحمة المهداة، مكملات الفريضة، رجال من الميدان التربوي. وآخر مؤلفاته: مواقف مؤثرة في الميدان التربوي، طرائف ومواقف لتنمية مهارة التفكير، ثم ها هو يواصل خدمة مجتمعه ليقدم للمجتمع خلاصة تجربة، وعنوان نجاح، وصورة أخرى من صور الوفاء.. الوفاء للمؤلفين، وذلك من خلال مشروعه الذي سيكون محور هذا اللقاء. نتشرّف بلقاء الأستاذ عبدالله بن سليمان بن محمد المرزوق مدير مكتب التربية والتعليم في جنوب بريدة التابع للإدارة العامة للتربية بمنطقة القصيم. ❊ متى وكيف بدأت الفكرة لديكم؟ - لا أستطيع تحديد بداية الفكرة بدقة، إلا أنها ابتدأت قبل عدة سنوات. أما الخطوة العلمية الفعلية فقد كانت عصر يوم الجمعة 25/8/1428ه حيث ابتدأت بالكتابة فعلاً عن المؤلفين من أهل بريدة، كما أني ابتدأت في الوقت نفسه بجمع كتب هؤلاء المؤلفين. وكانت النواة الأولى لمكتبة المؤلفين من أهل بريدة هي الكتب التي كانت في مكتبتي الخاصة، ثم مؤلفات زملائي في الإدارة العامة للتربية والتعليم، ثم توسعت بعد ذلك. وأما كيف ابتدأت الفكرة، فإني كنت أرى أن المؤلفين وأصحاب القلم يخدمون كثيرا، ولم يعرّف بهم ولا بانتاجهم، فجعلت هذا أحد أهدافي الأساسية للقيام بهذا المشروع. ❊ هل تعتقد أنه سبقك أحد إلى هذا العمل؟ - لا أعتقد ذلك. فأنا لم أسمع ولم أعلم أن هناك من جمع مؤلفات أهل بلد من البلدان تحت سقف واحد. علماً بأن المكتبة تعتبر قائمة من رمضان عام 1428ه. ❊ هل ستتطور الفكرة لتتم شموليتها للمنطقة بأكملها مستقبلاً؟ - نعم أصل الفكرة التعريف بالمؤلفين من أهل منطقة القصيم، وجمع ملفاتهم. ولكن البداية كانت من بريدة. وتوجد لدي الآن مكتبة هي الأولى من نوعها، حيث تجمع الكثير من مؤلفات أهل بريدة. ومجموعة من الكتب لمؤلفين من بعض محافظات منطقة القصيم. وسأبذل الجهد - بإذن الله - لأن استوعب - قدر الإمكان - الكتابة عن جميع المؤلفين من أهل منطقة القصيم، مع جمع مؤلفاتهم. ولقناعتي بأهمية هذا العمل، فإني لأتمنى أن تتوسع الفكرة لتشمل جميع مناطق بلادنا الغالية، وذلك بأن ينبري من كل منطقة من يهتم بهذا الأمر، لنجد مستقبلاً ترجمة لكل مؤلف، ومكتبة في كل منطقة تجمع مؤلفات مؤلفي المنطقة. ومن منبر صحيفة «الرياض» أدعو القادرين لاتخاد الخطوات العملية المناسبة في كل منطقة من مناطق المملكة. ومن سار على الدرب وصل. ❊ وهل هناك تخصص معيّن للكتب التي جمعتها حتى الآن؟ - المكتبة التي جمعتها تحوي عدداً من العلوم المختلفة. فتجد الكتب التي تعنى بالشريعة واللغة والتجارة والزراعة والطب والرياضيات والطرائف والفلك والاقتصاد والرحلات والسواليف والشعر والرواية والمعاجم وغيرها من التخصصات المتنوعة. كما أنها تشمل الكتب باللغة العربية والإنجليزية وقدراتهم. وأحب أن أؤكد على أن الذي يعنيني هنا أن يكون الكتاب لمؤلف من أهل منطقة القصيم في أي مجال كان، وبأي لغة كانت، ودون أن يحده زمن، سواء كان المؤلف رجلاً أو امرأة، وسواء كان المؤلف كبيراً أو صغيراً، وسواء كان مستقراً في منطقة القصيم أو يسكن في غيرها. المهم أن يكون من أهل منطقة القصيم. ❊ وما أهداف هذا المشروع؟ - العمل الذي أقوم به له شقان لكل منهما أهدافه، وذلك على النحو التالي: الأول: إعداد معجم للمؤلفين، والهدف من هذا العمل التعريف بالمؤلفين، وأداء بعض حقهم، والتعريف بكل كتاب من كتبهم المطبوعة. الثاني: هو جمع مؤلفات هؤلاء المؤلفين تحت سقف واحد، بحيث تكون جميع الكتب الموجودة في هذه المكتبة من مؤلفات أهل منطقة القصيم فقط، والأهداف من هذا العمل ثلاثة: - التعريف بالمؤلفين وبانتاجهم العلمي. - خدمة الباحثين ممن يريدون الكتابة عن أحد مؤلفي المنطقة، أو عن جانب من جوانب العلم والمعرفة التي كتب فيها أهل المنطقة، أو عن حقبة زمنية محددة، وتيسير الوصول إلى مؤلفات أهل المنطقة. - خدمة المدينة التي أكتب عنها، وخدمة المنطقة عموماً، وذلك بإبراز جانب من جوانب التميز فيها. ❊ وكم عدد الكتب التي جمعتها حتى الآن؟ - عدد الكتب قريب من 1200 كتاب منوعة، وسأعمل جاهداً على أكبر قدر ممكن من الثروة الثقافية الموجودة في مدينة بريدة أولاً، ثم في بقية منطقة القصيم. وأعتقد أن الذي جمعته حتى الآن لا يشكل إلا القليل من الإنتاج العلمي والثقافي لبريدة. أما عدد المؤلفين الذين تحصلت على أسمائهم فقد قرب من الثلاثمائة. وكتبت عن أكثرهم، وأنتظر استكمال المعلومات عن البقية حتى أكتب عنهم. ❊ ما أهم المفاجآت التي مرّت عليك خلال المشروع؟ - عندما زرت معالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي وعرفته بالمشروع الذي أقوم به، والحد الذي وصلت إليه، شجع هذه المبادرة كثيراً. وقد عرفت أن مؤلفاته بلغت 357 كتاباً. وكانت هذه مفاجأة سارة.. أن تبلغ مؤلفات أحد أبناء بريدة هذا العدد الكبير مما لم يصل إليه إلا النادر من المؤلفين على مدار التاريخ. وقد تكرم فأهداني كثيراً من مؤلفاته، كما أهداني ستة مؤلفات لإحدى بناته، وكتاباً لابنة أخرى له. ومفاجأة أخرى. لقد كنت أعرف لبعض الكتّاب مؤلفات، وكنت أظنها قليلة، ولكن الواقع أثبت أنها أكثر مما كنت أظن. فهناك من تجاوز عدد ملفاتهم العشرين كتاباً. بل هناك مجموعة من المؤلفين تجاوز عدد مؤلفاتهم الخمسين ما بين كتاب من عدة مجلدات، ورسالة قصيرة. وهذا أمر يسر كثيراً، وما كان ليعرف عنهم بدون مثل هذا المشروع المهم. ❊ وهل تعتقد أنك وصلت إلى الرقم النهائي للمؤلفين في مدينة بريدة حتى الآن؟ - أعتقد أن عدد المؤلفين في بريدة أكثر بكثير من 300. كما أن 1200 كتاب ليست كل مؤلفات أهل بريدة. أعتقد أنني لم أصل إلى منتصف الطريق حتى الآن. وقد لا يظهر عدد من المؤلفين إلا بعد طباعة الكتاب. ❊ هل من الممكن نقل المكتبة لأن تكون مكتبة لعامة الناس ولزوار المنطقة؟ - أنا لا أجمع هذه الكتب لتكون ملكاً لي، لأنها بهذه الصورة لن يستفاد منها كما يأمل أصحابها. ولكني أجمعها لأهديها لبريدة ولمنطقة القصيم، وذلك إذا وجد المبنى الذي يليق بها في المكان المناسب، وضمنت سلامتها والمحافظة عليها، وأنه سيستفاد منها بالشكل المطلوب بإشراف مجلس إدارة من المهتمين بالجانب العلمي والثقافي في البلد. ويشرفني ويسعدني أن يستفيد منها الباحث والقارئ العادي. ❊ تشرف وفد دورة المناهج من منسوبي وزارة التربية والتعليم من مختلف الإدارات التعليمية بالمملكة العربية السعودية بزيارتك في مساء يوم الخميس 12/4/1430ه والإطلاع على مكتبة المؤلفين من أهل منطقة القصيم. هل هذه هي أول زيارة لهذه المكتبة المتخصصة؟ وهل تعتبر هذه الزيارة فتحاً لباب الزيارات المستقبلية للمكتبة؟ - نعم. هي أول زيارة يقوم بها وفد. وقد سررت كثيراً بزيارتهم. غير أنه منذ رمضان عام 1428ه وعدد من المهتمين الذي يزورونني أطلعهم على المكتبة، وكانت في بداياتها، ومع هذا فقد كنت أرى منهم الإعجاب، وألمس منهم التشجيع. وبخصوص زيارة الوفد من مختلف مناطق المملكة فإنني أرحب بمن يحب أن يطلع على هذا العمل الذي أسأل الله تعالى أن يتممه على خير. ❊ ألا تتوقع أن يفسر عملكم هذا مستقبلاً بأنه من التعصب المناطقي؟ - التعصب ممقوت بشتى صوره وأشكاله. ولكن المؤكد أنه ليس من التعصب أن يقوم أحد بالتعريف بالمؤلفين من أبناء منطقته مع جمع مؤلفاتهم، خاصة وهو يدعو المهتمين في جميع المناطق بالقيام بمثل هذا المشروع في مناطقهم. وكوني أكتب عن منطقة القصيم فلكوني من أبنائها، ولكوني أعرف عنها أكثر مما أعرفه عن غيرها، وتواصلي مع المؤلفين فيها أكثر من تواصلي مع غيرهم. وبهذا العمل أستطيع أن أوضح لزائر المنطقة بأن لديها ثروة علمية، وتنوعاً ثقافياً كبيراً، وأنها لا تشتهر بالتجارة فحسب، بل تشتهر بالجانب العلمي والثقافي أيضاً. ومرة أخرى أدعو المهتمين من إخواني وزملائي ممن يستطيعون أن يعملوا في هذا المجال أن يبادروا بجمع مؤلفات أبناء مناطقهم، مع التعريف بهم، ولهم من الله الأجر، ومن الناس الثناء والشكر. ❊ وهل تمت مخاطبة الهيئة العليا للسياحة من أجل دعم الهيئة لمشروعك؟ - أنا أخاطب جميع الجهات التي تعنى بمثل هذا المشروع لدعمه. أخاطب أمانة منطقة القصيم، وجامعة القصيم، والهيئة العليا للسياحة، والمجلس البلدي، والنادي الأدبي، والإدارة العامة للتربية والتعليم، وغيرها من الجهات التي تعنى بالجانب العلمي، كما تعنى بإبراز جانب مهم لبريدة ولمنطقة القصيم، وأهم أمر أراه الآن أن يوجد مبنى في مكان بارز في البلد يكون مقراً لهذه المكتبة، وأن يوجد دعم كاف لطباعة المعجم إذا يسر الله تعالى إنهاءه. ❊ ما قصّة إطلاق لقب «سيوطي بريدة» على الأستاذ عبدالله المرزوق؟ - زرت معالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي في منزله العامر في بريدة، وقدّمت لمعاليه أكثر من عشرين كتاباً من الكتب التي ألفتها ومنها: رجال من الميدان التربوي، خواطر ورؤى من الميدان التربوي، العلم يهتف بالعمل، مواقف من الميدان التربوي، معلومات قرآنية، كيف تتوضأ وتصلي (باللغة الإنجليزية) والقرآن المشهود، المنتخب من أمثال العرب، من آفات اللسان، يا حملة القرآن، الوفاء للنبي المصطفى.... وغيرها من الكتب، وفي زيارة أخرى لمعاليه قال لي: لقد أطلقت عليك لقب سيوطي بريدة. وفي زيارة ثالثة قال بحضور عدد من زائريه: لقد أطلقت على الأستاذ عبدالله لقب سيوطي بريدة. وقد فوجئت بسؤالك هذا، فما كنت أتوقع أنه قد بلغك. ولكن يبدو أن بعض الحاضرين نقل لك هذا القول عن معالي الشيخ، أو أنك سمعته ممن سمعه من أحد منهم. ❊ أستاذ عبدالله، هل من كلمة أخيرة تحب أن تقولها في ختام هذا اللقاء؟ - أحب أن أختم بالأمور التالية: أولاً: أحمد الله تعالى وأشكره على أن وفقني للقيام بهذا العمل، وأسأله سبحانه الإعانة على إتمامه بأفضل صورة. ثانياً: أشكر كل مؤلف تكرم بتزويدي بمؤلفاته وبسيرته الذاتية، كما أشكر أقارب المؤلفين المتوفين الذين تفاعلوا مع هذا المشروع، فبادروا بتزويدي بمؤلفات ذويهم وتراجمهم، ولعل هذا أن يكون باب أجر يجري عليهم في قبورهم. ثالثاً: أدعو كل مؤلف ومؤلفة من أهل بريدة، ومن بقية محافظة ومراكز منطقة القصيم للتكرم بتزويدي بمؤلفاتهم وبسيرهم الذاتية حتى يدرجوا في المعجم، وتكون كتبهم ضمن مكتبة المؤلفين من أهل منطقة القصيم، ويمكن التواصل من خلال البريد الالكتروني [email protected]. كما يمكن ارسال الكتب على العنوان التالي: الإدارة العامة للتربية والتعليم في منطقة القصيم (بنين) مكتب التربية والتعليم في جنوب بريدة. رابعاً: أكرر الدعوة للمهتمين في مختلف مناطق المملكة العربية السعودية أن ينبروا لمثل هذا العمل المهم في مناطقهم، وذلك بأن يترجموا المؤلفين ويُعرفوا بهم، وأن يجمعوا مؤلفاتهم في مكتبات تشهد على الجانب العلمي والثقافي في مناطقهم. خامساً: أشكر جريدة «الرياض» على حرصها وسعيها للتعريف بهذا المشروع، وأشكرك أخي خالد على طرحك وبذلك لوقتك وجهدك. والله لا يضيع أجر المحسنين. ❊ المدير التنفيذي لجهاز السياحة بالقصيم ممثلاًِ بالدكتور جاسر الحربش قال معلقاً على المكتبة: أسعدني كثيراً وجود مثل هذه المبادرات التي تدل على أن القصيم - كعادتها - غنية بأبنائها المبدعين. مبادرة الأستاذ عبدالله المرزوق تستحق الإشادة لعدة أسباب من أهمها: أنها مبادرة تهتم بالعلم وأهله وتخدم كل من يحب أن يقرأ. ونحن أمة «اقرأ باسم ربك الذي خلق». ومن المعروف أن حضارة الأمم تقاس بعدد من المؤشرات ومنها إكرام الأمة للكتاب. وثانياً: فإن مبادرة الأستاذ المرزوق تثبت التنوع الثقافي الذي قد يكون غير معروف للكثيرين عن القصيم وأهلها. ولك أن تطلع على عينة مما حوته مكتبة الأستاذ المرزوق الفريدة لترى عدداً من الأفكار والتيارات التي قد نتفق وقد نختلف معها، ولكنها كلها - بإذن الله - كتبها رجال ونساء همهم الإصلاح ونيتهم حسنة. وثالثاً: أنني أرى في هذه المبادرة مصدر جذب سياحي لبريدة بشكل خاص، والقصيم بشكل عام. كلنا يعرف أن مكتبة المدبولي - مثلاً - في القاهرة، أصبحت موقعاً سياحياً متميزاً لا تكتمل تجربة وزيارة القاهرة ما لم تتوقف في هذه المكتبة العتيدة ولو لدقائق. وأخيراً فإننا في هيئة السياحة سنعمل جاهدين لإبراز جهد أستاذنا عبدالله المرزوق خصوصاً لمن يزور القصيم من السياح، وندعو الله أن نتمكن مع أصحاب الشأن - مثل النادي الأدبي، ووزارة الثقافة والإعلام - من تطوير فكرته ودعمها.