أكدت المستشارة التربوية الدكتورة مريم بو بشيت،أن منذ أن دخلت المرأة في مجال التعليم في عام 1379، لم تخرج صفر اليدين بل توج التعليم الرسمي جهودها فخرا واعتزازا، ومنه خرجت للعمل والوظيفة والكتابة والصحافة، فكوادر المدارس والمؤسسات التعليمية القيادية سعودية بنسبة 100%، وهناك كليات وجامعات خرجت أفواجاً منهن الطبيبات والممرضات والمتفوقات عالميا ومنهن جميعا تأتي المبدعات والناشطات الحقوقيات". وقال المستشارة بو بشيت أن صورة المرأة مشرقة، لكنها لم تكتمل، وهي لا ترقى إلى ما نتطلع إليه من آمال وأحلام، والتجارب كلها لم تنظم في إطار واحد يؤطر الدور المنجز لها وينظم جهودها. وقالت بحسرة ومرارة، إن الملاحظ أن المرأة دائماً تظهر تحت الوصاية، وهذه الوصاية جعلتها تعيش الظلم والإجحاف وأنواع الإيذاء. مشيرة إلى أن صورة المرأة السعودية مهزوزة، فهي تترنح بين الصرامة والتشدد والتطرف فلا يوجد صوت نسائي موحد يعمل على الدفاع عنها وعن حقوقها التي شرعها لها الشرع. وطرحت صور من ظلم المجتمع مثل الطلاق والوصي والفتاه المغتصبة من أحد محارمها. موضحة أن هذه الصور القاتمة ليست صفة غالبة في المجتمع، بل هي حالات شاذة، ومع ذلك لا بدّ من وقفة حازمة تجاه مثل هذه التعديات. وقالت إن المرأة المظلومة والمعتدى عليها في كل هذه القضايا، لا تملك إلا الاختباء وراء النقاب، فلا أحد يراها أو ينظر لملامحها ليعرف حجم الألم والظلم الذي لحق بها إلا امرأة مثلها، مشيرة إلى أن المحاكم وجمعيات حقوق الإنسان تسجل في محاضرها وسجلاتها الكثير من هذه القضايا، بل إن هناك كثيرا من النسوة الضحايا اللواتي لم يمتلكن الشجاعة الكافية للبوح بما لحق بهن من ظلم واضطهاد، وقضاياهن لم تر النور بعد. وتساءلت بوب شيت عن حقوق المرأة؟ وهل هي أسرية أو اقتصادية أو قانونية؟ لافتة إلى أن حقوق المرأة كثيرة، لكن الواضح والجلي منها قليل ولا يعد أو يذكر، أما بقية الحقوق الأخرى فهي في دهاليز الغموض والنزوات الشخصية للآخرين. وفي ختام حديثها، قدمت بو بشيت عدة توصيات، كان من أبرزها: إطلاق أسماء نسائية على المدارس والشوارع في مختلف مناطق المملكة، وفتح باب المشاركة في الحياة الاجتماعية أمام المرأة، وأن يسمح لها بالمساهمة في صنع القرار، وأن تكون شريكا للرجل. كما أوصت بفتح باب التخصصات المطلوبة في الجامعات السعودية لكي تسد حاجات سوق العمل، وأن يتم إغلاق التخصصات التي لم يعد لخريجاتها شاغر في سوق العمل، حتى لا يكن عبئاً على عائلاتهن وأزواجهن أو أن يعجزن في المستقبل من المساهمة في مساعدة أسرهن. ودعت إلى إحداث تغيير جذري يسهم في منح المرأة حقها الذي وهبه لها الشرع والدين الحنيف. كما طالبت النساء بعدم الاكتفاء بالانتظار حتى يحدث التغيير ومن ثم تعطى لهن الحقوق. وطالبت النساء بالتخلي عن سياسة الصمت أو الهمس الذي اعتدن عليه فيما يتعلق بمطالبتهن بحقوقهن. كما أوصت بدراسة واقع المرأة بتأمل، وأن يكون هناك مجلس أعلى لشؤون المرأة، يتفرع عنه مجلس مصغر لكل منطقة، تحمل أمانته نخبة من السيدات المشهود لهن بالأمانة والإخلاص. اء ذلك في الندوة التي نظمها الفرع النسوي الديني في هيئة حقوق الإنسان في المنطقة الشرقية واستضافتها جمعية جود النسائية الخيرية في الدمام بالتعاون مع جمعية فتاة الخليج الخيرية في الخبر أمس الأول تحت عنوان "ما أكرمهن إلا كريم.. وما أهانهن إلا لئيم"وقدمت د. بو بشيت قدمت ورقة عمل بعنوان "المرأة .. الواقع والتطلعات" ودعت الدكتورة فرحة الدوسري المحاضرة في كلية الآداب في الدمام إلى وجوب الفهم الحقيقي للنصوص الشرعية وللأحاديث النبوية الشريفة. وقالت الدوسري في ردها على سؤال بشأن التفسير الصحيح لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "النساء ناقصات عقل ودين"، إن هناك قصراً في الفهم للمعنى المقصود من هذا الحديث الشريف. وأوضحت أن المعنى منه لا يشير إلى نقص الأهلية والقدرة عند المرأة، كما يفهم البعض، بل كما قال بعض المفسرين المعتبرين أن النقص مرده أن عاطفة المرأة تغلب على ما يدركه عقلها، فتضعف وتفتر إرادتها على الرغم من إدراكها للأمور في نصابها الصحيح، وأما فيما يختص بالجانب الديني، فالمقصود هو ما يعتري المرأة من بعض الأمور التي تجعلها تنقطع عن بعض العبادات كالطمث والحيض. ونبهت الدوسري إلى خطورة ما وصفته ب "التصيد" والذي يحاول البعض من خلاله تحجيم حق المرأة ودورها في المجتمع، موضحة أن معنى "التصيد" هو اختيار الأمور التي يكثر فيها اللغط، من شاكلة أمور المواريث وقوله تعالى "للذكر مثل حظ الأنثيين"، وقضايا القوامة "الرجال قوامون على النساء". وأوضحت الدوسري في ورقة العمل التي شاركت بها بعنوان "المرأة بين الشرع والتقليد"، أنه وفي عموم تعاليم الإسلام لا تختلف المرأة عن الرجل في شيء، فهما أساس التكوين البشري حيث يصنف الأشخاص في الإسلام من حيث التقوى وليس من جهة الاختلاف في الجنس، فالاثنان متساويان في الحقوق والواجبات، وما يترتب عليهما من ثواب وعقاب، فعلى النساء مثل ما على الرجال. وأشارت إلى أن الإسلام حمل المرأة المسؤولية الاجتماعية كاملة كما حملها للرجل، فهي مسؤولية مشتركة، بل إن مسؤولية المرأة قد تكون أكبر من مسؤولية الرجل. فالإسلام أطلق للمرأة حرية التملك والتصرف فيما لها من بيع وشراء وهبة وغيرها، ولكن منعها من هذه الحرية يأتي من جهات أخرى وليس من التشريعات الدينية. ولفتت الدكتورة الدوسري إلى أهمية التصدي لما وصفته بالمشكلة المستعصية وهي قلة وعي وإلمام المرأة بحقوقها المالية وغيرها من الحقوق الأخرى. داعية في الوقت ذاته إلى توعية الرجل بهذه الحقوق حتى يتخلى عن رفضه لممارسة الأنثى حقها في المجتمع. وقالت إن عملية وأد البنات في الوقت الحالي أصبحت متفشية في المجتمع، ولكن ليس بقالبها الجاهلي المعروف، أي ليس الوأد بمعنى دفن الفتاة وهي صغيرة في التراب، بل هو وأد من نوع جديد يتمثل في عدم إعطاء الفتاة حقوقها كاملة. وأوصت الدوسري في نهاية ورقتها بالاطلاع على الكتاب والسنة فيما يتعلق بحقوق وواجبات المرأة، وإلى أهمية التفرقة بين الموروثات الاجتماعية وتعاليم الدين، بالإضافة إلى نشر ثقافة الحقوق والواجبات وبالأخص للمقبلين على الزواج والموازنة في المطالبة بحقوق المرأة.