اعتقلت الشرطة الأميركية أكثر من سبعمائة محتج من مناهضي وول ستريت في إطار مظاهرات ضد الجشع والصعوبات الاقتصادية، تنظمها حركة "احتلوا وول ستريت" وذلك بتهمة سد طرق المرور ومحاولة تنظيم مسيرة دون ترخيص. ووقعت الاعتقالات عندما خرجت مجموعة كبيرة من المتظاهرين -الذين يشاركون في ثاني أسبوع من هذه الاحتجاجات- عن ممر المشاة على الجسر، وساروا في الممرات المخصصة للسيارات فوق جسر بروكلين. وقال متحدث باسم الشرطة إن هؤلاء الأشخاص اعتقلوا على جسر بروكلين بعد الظهر عقب تحذيرات عديدة من قبل الشرطة للمحتجين بضرورة البقاء على ممر المشاة. وأضاف أن بعض المحتجين التزم بأوامر الشرطة وسار في الممر المخصص للمشاة دون أن يتعرض للاعتقال، لكن آخرين شبكوا أذرعهم وتقدموا على الطريق المخصص للسيارات المتجه نحو بروكلين، وهؤلاء تم اعتقالهم. وأعيد فتح الجسر في الساعة الثامنة وخمس دقائق مساء بعد إغلاقه عدة ساعات. وكانت المسيرة قد بدأت في الساعة الثالثة والنصف مساء من مخيم المحتجين في زوكوتي بارك وسط مانهاتن قرب موقع مركز التجارة العالمي السابق، وتعهد أعضاء في الحركة بالبقاء في زوكوتي بارك طوال الشتاء. وجاء هذا الاحتجاج بعد أقل من أسبوع من اعتقال الشرطة ثمانين شخصا أثناء مسيرة إلى منطقة يونيون سكوير التجارية المزدحمة، وكان هذا أكبر عدد من الناس تقوم شرطة نيويورك باعتقالهم خلال مظاهرة منذ اعتقال المئات خارج مؤتمر قومي للجمهوريين عام 2004. محتجون مناهضون لجشع شركات وول ستريت (الفرنسية) احتجاج ضد الجشع وتعتصم هذه الحركة منذ أسبوعين في شارع وول ستريت، وهو العصب المالي للبلاد، ويحتج أعضاؤها على الأوضاع الاقتصادية بالولايات المتحدة. ويحمل المحتجون شركات وول ستريت المسؤولية عن الصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، ويتهمونها بالجشع. وعلاوة على ما يعتبرونه استخداما مفرطا للقوة ومعاملة غير عادلة للأقليات، ومنها المسلمون، فإن الحركة تحتج على الاستيلاء على منازل المتعثرين في سداد أقساط الرهن العقاري وارتفاع معدلات البطالة وعمليات إنقاذ مالي جرت عام 2008. واستخدم أحد قادة الشرطة مسحوق الفلفل ضد أربع نساء خلال المسيرة التي جرت مطلع الأسبوع الماضي، وانتشر شريط مصور بهذه الواقعة على الإنترنت، مما أثار غضب محتجين كثيرين توعدوا بمواصلة احتجاجاتهم إلى أجل غير مسمى. وحظيت الحركة بدعم بين بعض أعضاء النقابات العمالية، ومن بين الجهات التي تعهدت بالتضامن اتحاد المدرسين ونقابة عمال النقل المحلية 100 التي تضم 38 ألف عضو. ويمكن للنقابات توفير دعم تنظيمي ومالي مهم للحركة التي لا قيادة لها. وبدأت تظهر احتجاجات مشابهة في مدن أخرى، منها بوسطن وشيكاغو وسان فرانسيسكو. ورفع المتظاهرون شعارات عدة تحمل طابعا اجتماعيا اقتصاديا ولكن أيضا بمدلولات سياسية، منها "حرب العراق والركود والبطالة وحرب أفغانستان. من الذي يجني المال؟ إنها وول ستريت". كما رفعت لافتة أخرى تقول "لسنا نخاف شيئا سوى الخوف نفسه والمصرفيين غير المنضبطين". وقالت صحيفة غارديان البريطانية وهي تعلق على أنباء هذه المظاهرات إن بعض اللافتات كانت تنتقد قسوة الشرطة، لكن غالبية الشعارات كانت موجهة لانتقاد النظام الرأسمالي والبنوك. ونقلت عن أحد المتظاهرين قوله "أنا هنا للاحتجاج على الجشع، وفي سبيل فرض ضرائب على الأغنياء". وسئل رئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرغ هل يمكن أن يبقى المعتصمون إلى أجل غير مسمى بذلك المتنزه الخاص الذي يصفونه بأنهم قاعدتهم، فقال "سنرى، من حق الناس الاحتجاج ولكن علينا أيضا أن نتأكد من أن بوسع الناس الذين لا يريدون الاحتجاج السير في شارع دون مضايقات".