شهدت محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك بتهمة قتل المتظاهرين الاربعاء اولى مفاجأتها عندما وجهت النيابة العامة رسميا الاتهام، اثناء الجلسة الرابعة، لاحد شهود الاثبات ب"الشهادة الزور" لصالح المتهمين. ووجهت النيابة هذا الاتهام ضد الشاهد محمد عبد الحكم محمد، وهو ضابط شرطة برتبة نقيب الذي كان مسؤولا عن تحريك ثلاثة تشكيلات لقوات الامن المركزي (مكافحة الشغب) في الثامن والعشرين من كانون الثاني/يناير الماضي وهو اليوم الذي عرف ب "جمعة الغضب" وكان واحدا من اكثر الايام دموية اثناء الانتفاضة المصرية التي استمرت 18 يوما وانتهت باطاحة الرئيس السابق في 11 شباط/فبراير الماضي. وقال المحامي العام مصطفى سليمان امام المحكمة ان "النيابة تحرك الدعوى الجنائية" ضد الشاهد. وكان رئيس محكمة جنايات القاهرة القاضي احمد رفعت استجوب الشاهد عن طبيعة تسليح قوات الامن المركزي يوم 28 كانون الثاني/يناير فقال انها كانت مسلحة "بعصي وطلقات صوت وقنابل مسيلة للدموع". ولما عاد القاضي وسأله ان كان تم تزويد قوات مكافحة الشغب في ذلك اليوم ب"طلقات خرطوش" اي الطلقات التي تستخدم في الصيد اجاب "لا". عندها تدخل المحامي العام واعلن تحريك الدعوة الجنائية ضد الشاهد مشيرا الى انه يتراجع عما ادلى به من اقوال قاله في تحقيقات النيابة عنما اقر بان قوات الامن المركزي كانت مسلحة ب"خرطوش". وشدد المحامي العام على ان النيابة العامة وجهت تهمة الشروع في القتل الى المتهمين بناء على تأكيدات الشاهد ان القوات كانت مزودة ب"خرطوش" وهي طلقات يمكن ان تؤدي الى مقتل من يتعرض اليها. وقررت المحكمة التحفظ على الشاهد ومنعه من المغادرة الى حين انتهاء الجلسة واتخاذ قرار بحبسة احتياطيا على ذمة التحقيق او التحقيق معه من دون احتجازه. وكانت الجلسة الرابعة بدأت بتقدم هيئة الدفاع عن المدعين بالحق المدني (اسر الشهداء) بعدة طلبات اهمها استدعاء المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة، الممسك بالسلطة منذ اطاحة مبارك، ورئيس اركان الجيش الفريق سامي عنان ورئيس المخابرات العامة السابق اللواء عمر سليمان وزوجة الرئيس السابق سوزان مبارك للشهادة. وقررت المحكمة استدعاء المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة، الممسك بالسلطة حاليا، ورئيس اركان القوات المسلحة المصرية سامي عنان والرئيس السابق لجهاز المخابرات اللواء عمر سليمان للشهادة الاسبوع المقبل. وقال رئيس المحكمة القاضي احمد رفعت انه "كلف النائب العام" المستشار عبد المجيد محمود باستدعاء طنطاوي الاحد وعنان الاثنين وسليمان الثلاثاء على ان تعقد جلسات الاستماع الى شهاداتهم "سرية لاعتبارات تتعلق بالحافظ على الامن القومي المصري"، كما قرر "حظر نشر محليا ودوليا" لهذه الجلسات الثلاث. وعلى الفور، قال مصدر عسكري ان "القضاء العسكري لا يمانع في تنفيذ امر القضاء بخصوص مثول كل من طنطاوي وعنان للشهادة امام محكمة الجنايات وذلك اجلالا واحتراما للقضاء المصري الشامخ ووصولا لتحقيق العدالة". وقال المحامي محمد دماطي، ممثل هيئة الدفاع عن اسر الضحايا، ان شهادة هؤلاء "ستوفر علينا كل ما نحن في الان" في اشارة الى تضارب اقوال الشهود بعد ان تراجع كذلك في الجلسة الثالثة للمحاكمة شاهد اثبات رئيسي عن اقواله امام النيابة العامة. يذكر ان الصحف المصرية نسبت الى اللواء سليمان قوله في التحقيقات امام النيابة ان مبارك "كان على علم" باطلاق الرصاص على المتظاهرين الذين سقط منهم اثناء الانتفاضة اكثر من850 قتيلا و7 الاف جريح. اما سوزان مبارك، التي اتهمها دماطي بأنها كانت تحرك الامور "خلف الكواليس"، فمعروف عنها انها كانت واسعة النفوذ اثناء فترة حكم زوجها. وكانت الصحف المصرية عكست على نطاق واسع الثلاثاء الاحباط الذي اصاب اسر الضحايا بعد الجلسة الثالثة للمحاكمة التي لم يدل خلالها اي من شهود الاثبات الاربعة بمعلومات تسمح بتأكيد الاتهامات بالقتل والشروع في القتل الموجهة الى مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي الذي يحاكم معه. وحضر مبارك (83 عاما) المحاكمة مرة اخرى على سرير طبي نقال وكان نجلاه جمال وعلاء، اللذان يحاكمان في نفس القضية بعد اتهامهما بالفساد المالي، يقفان الى جواره. ومنح وزير العدل المصري عبد العزيز الجندي تصريحا لخمسة محامين كويتيين لحضور المحاكمة من اجل الدفاع عن مبارك الا انهم رفضوا الادلاء بأي تصريحات بعد ان اعلنوا انهم متطوعون للدفاع عن الرئيس السابق "ردا للجميل" بسبب دعمه الكويت عقب الغزو العراقي في العام 1990. وخلافا للجلسات الثلاث السابقة التي شهدت صدامات عنيفة بين اسر الشهداء من جهة وانصار مبارك والشركة من جهة اخرى، لم تقع اي اشتباكات الاربعاء عند باب اكاديمية الشرطة في ضاحية القاهرةالجديدة (شرق العاصمة المصرية) حيث تنعقد المحكمة. وتجمع امام اكاديمية الشرطة بضع عشرات من مشجعي كرة القدم الذين وقعت صدامات بينهم وبين الشرطة مساء الثلاثاء في ستاد القاهرة. وكان مشجعو الكرة يرددون هتافات يؤكدون فيها انهم سيشاركون في تظاهرة دعت اليها بعض الاحزاب وائتلاف شباب الثورة بعد غد الجمعة في ميدان التحرير، بحسب مصور لوكالة فرانس برس. واندلعت الاشتباكات في استاد القاهرة فور انتهاء مبارة بين فريقي الاهلي وكيما اسوان بين الشرطة والمشجعين الذين كانوا يرددون هتافات ضد مبارك والعادلي ووزير الداخلية الحالي منصور العيسوي، بحسب العديد من الشهود. واطلق ائتلاف شباب الثورة في موقعه على شبكة فيسبوك اسم "جمعة تصحيح المسار" على التظاهرة التي دعا اليها الجمعة في ميدان التحرير. واكد الائتلاف ان لهذا التظاهرة عدة مطالب ابرزها "الوقف الفوري لكافة المحاكمات العسكرية للمدنيين وتحديد جدول زمني لتسليم المجلس العسكري إدارة شئون البلاد لسلطة مدنية منتخبة بعد انقضاء الستة اشهر التي وعد بها وتعديل قانون الانتخابات التشريعية بشكل كامل اذ يمكن القانون الحالي اصحاب النفوذ المالي والعصبيات القبلية من السيطرة علي مجلس الشعب".