مكة أون لاين - السعودية وصلتني مؤخرا عبر واتس اب رسالة مذيلة برابط الكتروني تقول (أي حي بالسعودية لا يوجد به مسجد سنقوم نحن ببناء المسجد.. انشر فلا تدري كم سيبنى من مسجد بسببك.. ما رأيك أن تبني لك مساجد كثيرة دون أن تدفع ريالا واحدا). وبالدخول للرابط وجد أنه إعلان لمؤسسة تقول إنها خيرية متخصصة في عمارة المساجد وصيانتها والعناية بها، وتحت إشراف وزارة الشؤون الإسلامية، ولديها تصريح رسمي برقم وتاريخ محددين. الأكيد أنني لست بصدد التشكيك في هذه الجمعية أو أهدافها، ولكن مضطر لسؤال الوزارة باعتبارها المعنية بالمساجد، كم مسجدا وجامعا لدينا؟ وهل نحن بحاجة لبناء المزيد منها؟ وهل الوزارة بإمكاناتها البشرية والمالية قادرة على الإيفاء بمساجدها (عناية، وصيانة، ومراقبة) حتى تتحمل أعباء مساجد إضافية؟ وأخيرا كم شخصا يؤدي الصلاة في هذه المساجد؟ للإجابة على الأسئلة الثلاثة الأولى توجهت لموقع الوزارة الالكتروني، فوجدت أن آخر رقم مسجل بعدد مساجد وجوامع المملكة يعود للعام 1428/1429 بنحو 55266. وبعد بحث في الانترنت تعثرت بتصريح لوكيل الوزارة للشؤون الإدارية والفنية عبدالله الهويمل لصحيفة الجزيرة في 19 شعبان 1434 يؤكد أنها تزيد عن 94304، وهي تستقطع ما مقداره 2.22 مليار ريال من ميزانية الوزارة على هيئة رواتب للأئمة والمؤذنين والخدم. وللإجابة على السؤال الأخير سأعقد هذه المقاربة: آخر تعداد لمصلحة الإحصاءات العامة قدر سكان المملكة بنحو 30.7 مليون نسمة، وعلى افتراض أن ثلثهم لا يترددون على المساجد إما لأنهم نساء أو أطفال أو يصلون في مقار أعمالهم أو غير مسلمين، فهذا يعني أن نحو 20 مليونا فقط هم من يذهبون للمساجد. وإذا افترضنا أيضا أنه لم يبن أي مسجد بعد تصريح الهويمل في 1434، وأنه لا يؤدي الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي أي مصل، فهذا يقودنا إلى أنه لا يجتمع في كل مسجد من مساجد الوزارة ال 94 ألفا سوى 217 شخصا.. فهل نحتاج بعد هذا العدد للمزيد من المساجد؟ شخصيا الحي الذي أسكنه به على مساحة كيلو متر مربع 3 جوامع، ومع هذا أصلي الجمعة والتراويح في مسجد يبعد عن منزلي قرابة ال8 كيلو مترات. والسبب في ذلك بخلاف عدم جمال صوت وترتيل أئمتها، ومبالغتهم في الخطب.. هو عدم نظافة دورات مياهها، وانعدام وجود مواقف لسيارات المصلين.. فما الذي يمنع أن يؤسس في كل حي جامع واحد مستوف لجميع التجهيزات. الأسبوع الماضي ذهبت إلى الرياض للصلاة على ابن عمي الذي توفاه الله. أثناء تواجدي بمسجد الراجحي واستعدادا للصلاة توجهت لدورات المياه لتجديد الوضوء. عند دخولي لإحداها فوجئت بعبارة «اترك المكان كما تحب أن تجده» تتصدر كل دورة. بعد أن فرغت من الوضوء انتظرت دقائق أتابع عمال النظافة التابعين لشركة الراجحي الوقفية لصيانة ونظافة المسجد وهم يقومون بأعمالهم كأنهم في أعرق الفنادق العالمية، فأكبرت في إدارة المسجد أنها لم تكتف ببناء المسجد، بل أوقفت له ما يقوم على صيانته ورعايته. هذا الأمر يقودني للتساؤل الأخير: في ظل عجز الوزارة عن مراقبة جميع جوامعها وضبط أئمتها، ورداءة دورات معظم مساجدها، لماذا لا تدفع الراغبين في بناء مساجد جديدة نحو تأسيس شركات وقفية لصيانة ونظافة القائمة منها الآن، بدلا من السماح ببناء مساجد جديدة لن تجد من يصلي فيها لاحقا.. أم إن الأجر مقرون بالبناء فقط؟ @alnowaisir