الاقتصادية - السعودية العلاقات بين الدول خاضعة للتباين والخلافات، تماما كما هي خاضعة للتفاهم والتعاون. فالخلافات تحدث حتى ضمن المنظومة الاتحادية بين الدول، لكن المصالح المشتركة، تبقى المحور الرئيس للعلاقات الدولية، وترتفع أهمية هذا المحور، كلما ازدادت القواسم المشتركة بينها، خصوصا عندما يتطلب واقع الحال ذلك، وعندما تكون هناك إرادة بين الطرفين لتحقيق أكبر قدر من العوائد الإيجابية لهما. وحين تمثل البلدان المعنية مفاصل على الساحة الدولية، ترتفع أهمية تطوير العلاقات بينها، وصياغة روابط مستدامة على مختلف الأصعدة، سياسية كانت أو اقتصادية. وأهمية هذه الروابط ترتفع أكثر وأكثر حين تكون هذه الدول مشاركة في صنع القرار العالمي، أيضا على مختلف الأصعدة، وحين تكون جزءا من كيان دولي هائل التأثير والحجم. هناك كثير من القواسم المشتركة البينية والدولية تجمع المملكة وروسيا الاتحادية. وكل تفاهم بينهما، يعني تقدما لا يخصهما فحسب، بل يخص الحراك الدولي نفسه. وعلى هذا الأساس، تأتي أهمية زيارة الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي عهد المملكة وزير الدفاع لموسكو، وهي تجيء في وقت حساس إقليميا ودوليا على مختلف الساحات. في حين تتطور العلاقة بين الرياض وموسكو بصورة ملحوظة على الصعيد الاقتصادي، سواء من ناحية التبادل التجاري بينهما، أو من جهة الوجود الاستثماري الروسي في السعودية. فضلا عن الروابط فيما يختص بأوضاع النفط في الأسواق العالمية، على الرغم من أن روسيا ليست عضوا في منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك". هناك كثير من القضايا المتلاحقة والمتفاعلة، التي تدعم هذه الزيارة المهمة: الملف النووي الإيراني، سورية، الحرب ضد الإرهاب، القضية الفلسطينية. كلها قضايا تخص الطرفين المحورين. وإذا ما أضفنا دور كل من المملكة وروسيا ضمن مجموعة العشرين، التي اتخذت منذ سنوات زمام المبادرة الاقتصادية، فإن زيارة ولي ولي عهد السعودية تزداد محورية. هناك مصالح مشتركة كثيرة يمكن البناء عليها. فعلى الجانب الاقتصادي، من الواضح أن هناك مجالات كثيرة للاستثمارات المشتركة بين البلدين، ويمكن أن ترتفع وتيرة الحراك الاقتصادي أكثر في المرحلة المقبلة، خصوصا في ظل الانفتاح الاقتصادي الواسع الذي اعتمدته المملكة، وتقوم بتكريسه في أكثر من مجال. وتكفي الإشارة هنا، إلى أن الصادرات السعودية لروسيا نمت في غضون أقل من عامين وتضاعفت تضاعفا كبيرا وهي قابلة للنمو، وفق المنهجية الراهنة. وفي غضون عقد من الزمن، قفزت روسيا من المرتبة ال 115 إلى المرتبة ال 65 في قائمة الدول المستقبلة للصادرات السعودية. وعلى الجانب الآخر، جاءت روسيا في المرتبة ال 25 في قائمة البلدان التي استوردت من السعودية خلال عام 2013. ورغم ذلك، تظل قيمة التبادل التجاري منخفضة، فيما لو أسقطت على المجالات والإمكانات المتوافرة لدى الطرفين. ومما لا شك فيه، أن زيارة على مستوى عال يقوم بها ولي ولي عهد المملكة لروسيا، ستدعم الحراك الاقتصادي أكثر، كما أنها ستفسح المجال أمام مزيد من التفاهمات السياسية حول القضايا التي تخص بصورة أو بأخرى الطرفين أو كليهما. هناك مصلحة لدى الرياض وموسكو في الوصول إلى أعلى مستوى من التفاهم، ليس فقط بحكم محورية البلدين عالميا، ولكن أيضا من جهة وجود فوضى في صنع القرار العالمي، الذي يعرف الجميع أسبابه. هناك سياسة مرنة وأكثر تطورا تعتمدها المملكة منذ وصول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى الحكم. وهذه السياسة توفر في الواقع قواسم مشتركة ذات قيمة عالية مع روسيا الاتحادية، ومع كل البلدان التي تحتل مكانة مرموقة على الساحة الدولية. وزيارة الأمير محمد بن سلمان لموسكو، ستحدث فروقات كبيرة لا تلبث أن تظهر على الساحة.