تأتي أهمية الزيارة التي يقوم بها سمو ولي العهد الى روسيا لترسيخ مهمتين حيويتين الأولى ذات علاقة جذرية بدعم العلاقات المتنامية بين الرياضوموسكو, فالعلاقات بين البلدين الصديقين شهدت تطورا ملموسا خلال السنوات العشر الماضية بشكل ملموس على مختلف الأصعدة التجارية والاقتصادية, والمهمة الاخرى ذات علاقة بالبحث في الأحداث الخطيرة المتسارعة على الساحات الدولية والاقليمية فثمة مخاطر محدقة على الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط بفعل الأزمة القائمة بين العرب واسرائيل, وحلحلة أزمة المنطقة بحاجة ماسة الى تشاور وتنسيق, وهذا ماسوف يتم في المباحثات والمداولات التي سوف يجريها سمو ولي العهد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين, كما ان المنطقة من جانب آخر لاتزال في اشد اضطرابها وفقا لتطوير الأحداث الخاصة بالحالة العراقية التي مازالت تزداد تعقيدا بمرور الوقت. مشاورات مهمة ان التشاور فيما بين القيادتين السعودية والروسية في الوضع العراقي الحالي المتفجر والمرشح فيما يبدو لمزيد من التفجير وكذلك للتشاور والتباحث فيما له علاقة بمسألة الشرق الأوسط لا سيما البحث في بنود خطة خريطة الطريق ومحاولة انفاذها على أرض الواقع, تلك المشاورات بين الجانبين في هاتين القضيتين اللتين تمثلان محورا من اهم محاور الاضطراب والقلق وعدم الاستقرار في المنطقة لها اهميتها دون شك في الظروف العصيبة التي تمر بها المنطقة, فثمة مستجدات خطيرة لحقت بالقضيتين تقتضي من القيادتين السعودية والروسية بحثها بشكل موسع ودقيق في محاولة جادة لايجاد المخارج المأمونة لتسوية عادلة وشاملة ودائمة في منطقة الشرق الأوسط تقوم في اساسها على تحكيم الشرعية الدولية والقرارات الأممية ذات الشأن, فلابد في الظروف الصعبة التي تمر بها ازمة منطقة الشرق الأوسط من ايجاد مناخات ملائمة ومناسبة لتحقيق الاهداف المرجوة من خطة خريطة الطريق التي لاتزال متعثرة حتى الآن, والاهداف التي تلتزم بها المملكة هي تلك التي تقوم على مبادىء نشر السلام والأمن والاستقرار بين كافة دول المنطقة وابعادها عن اشباح حروب جديدة. مردودات ايجابية من جانب آخر فان الزيارة سوف تركز على بحث كافة السبل الكفيلة بتطوير العلاقات السعودية الروسية وترسيخ ابعادها الحيوية لخدمة الشعبين الصديقين لا سيما في مجالات النفط والغاز والتعليم والثقافة والتبادلات التجارية ونحوها, ولعل من المناسب هنا الاشارة الى تلك الزيارات المتبادلة بين المسؤولين في البلدين, وقد كانت لها مردوداتها الايجابية التي ساهمت في دعم مسارات العلاقات الودية التي تجمع بين الرياضوموسكو, ولعل اهمها في الآونة الاخيرة تلك الزيارة التي قام بها وزير الطاقة الروسي للمملكة, وقد كانت زيارة مثمرة أطرت السبل الممكنة للتعاون بين البلدين في مجالات الطاقة واهمها النفط والغاز, كما ان زيارة وزير البترول السعودي علي النعيمي لنظيره في موسكو حققت نتائج باهرة وايجابية على اصعدة تبادل الاتفاقيات الثنائية بين البلدين الصديقين فيما له علاقة بالتعاون في مجالات النفط والغاز المتعددة, اضافة الى ذلك فثمة اتفاقات تجارية مبرمة بين البلدين بامكانها ترسيخ مبدأ المشاركة بينهما, كاتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار, وكذلك الاتفاقية المبرمة بين الجانبين لتفادي الازدواج الضريبي, وثمة مشروعات قيد الدرس سوف تتم في القريب العاجل بعد زيارات مرتقبة لعلماء من روسيا الى المملكة والالتقاء بالعلماء السعوديين في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. تعاون منشود وثمة تعاون مرتقب على نطاق واسع بين البلدين الصديقين في مجال التعليم العالي, فالتنسيق والتشاور بين البلدين في سبيل الوصول الى التعاون منشود لا يتم على نطاق سياسي فحسب, بل يتم ايضا على مستويات متعددة في المجال التعليمي والصناعي والتجاري والاقتصادي, وعلى سبيل المثال لا الحصر فثمة ترتيبات لزيارة سوف يقوم بها وفد تجاري ورجالات اعمال من المملكة قريبا الى موسكو, ردا على زيارة كان قد قام بها رجال اعمال روس الى المملكة, فهذه الزيارات الايجابية كان لها أثر واضح في انشاء لجنة سعودية روسية سوف تجتمع قريبا في الرياض برئاسة كل من معالي وزير المالية السعودي ومعالي وزير الطاقة الروسي للتباحث في تعاونيات عديدة بين البلدين الصديقين, واضافة الى هذه التعاونيات فثمة ارادة بين القيادتين السعودية والروسية على ضرورة وجود آليات مختلفة تعمل على ضمان الأمن الدولي والاقليمي, فعلى مستوى الامن الاقليمي لا توجد في منطقة الشرق الأوسط آليات للسلام والأمن الاقليمي, وكانت هناك محاولة مثمرة وجادة انبثقت بعد عملية السلام في مدريد عام 1991م فتم الاتفاق على انشاء ما سمي وقتذاك باللجان المتعددة الاطراف للسلام كتلك الخاصة بالبحث في مشاكل المياه, وتلك الخاصة بالبحث في مشاكل اللاجئين ونحوهما من اللجان, غير ان هذا المشروع سرعان ما اختفى, والأمل يحدو الكثير من الدول الصديقة للعرب ومنها روسيا الى اعادة مثل هذه اللجان الى الشرق الأوسط. رؤى متجانسة من جانب آخر يبدو ان رؤى البلدين تكاد تكون متطابقة حيال الاوضاع المأساوية التي تعيشها العراق في الوقت الراهن, فتلك الرؤى تتجانس في مطالبتها برفع الحظر الاقتصادي عن العراق وفقا لمعطيات القرار الأممي الخاص بالرفع, ووفقا لمعطيات الشرعية الدولية, فزيارة سمو ولي العهد لروسيا انطلاقا من تلك المحاور تهدف فيما تهدف الى محاولة تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في كافة المجالات الى الافضل, ومحاولة رفع مستوياتها الى درجات اعلى من جانب, وكذلك التنسيق والتشاور فيما له علاقة بتسوية أزمة الشرق الأوسط وتسوية الأوضاع المتردية في العراق, والتفاهم الثنائي بين القيادتين لتفعيل انشطتهما التي تصب في قنوات الحلول الكفيلة بتسوية الأزمتين, وعلى صعيد آخر فان المناخات تؤكد على أهمية الزيارة وامكانية الخروج منها بنتائج ايجابية سواء على صعيد التعاون المشترك السعودي الروسي في مجالات اقتصادية وتجارية متعددة او على صعيد معالجة التطورات والمستجدات الطارئة على الساحتين الفلسطينية والعراقية تحديدا. لقاءات حيوية من جانب آخر فان ثمة لقاءات حيوية تمت في سالف الأيام بين رجالات اعمال لتأطير سبل التعاون لا سيما في مجالات زيادة حجم التبادلات التجارية بين البلدين, فالعلاقات على العموم بين البلدين الصديقين تنمو بشكل ملحوظ سواء في المجال التجاري, او غيره من المجالات, لا سيما في المجال الاستثماري بين البلدين, ولعل من المناسب الاشارة هنا الى فعالية اللجنة الحكومية المشتركة بين المملكة وروسيا, وهي لجنة تضم رجالات اعمال من البلدين, مهمتها الأساسية تطوير العلاقات المشتركة بين البلدين في مجالات الطاقة وتصعيد حجم التبادل التجاري, فمن المعروف ان هذا الحجم بلغ حوالي 70 مليون دولار, ومن المتوقع ان يزداد حجمه بشكل ملحوظ لا سيما ان البلدين يملكان قدرة هائلة لزيادة حجم ذلك التبادل, وايصاله الى ذروته في زمن قصير باذن الله, غير ان الحوار المباشر مهم بين رجالات تلك اللجنة للوصول الى الاهداف المرسومة والمنشودة باذن الله. علاقات تجارية فثمة بضائع تستوردها المملكة من روسيا على رأسها الأخشاب والحديد والأجهزة الكهربائية, وتصدر المملكة الى روسيا النفط وفقا لاتفاقيات مبرمة بين الطرفين, فتنمية العلاقات السعودية/الروسية تتم على اعلى المستويات, وثمة مواقع على اجهزة الحاسوب الآلي دشنت اخيرا بامكان رجالات الاعمال بالمملكة الاستفادة منها في اعطاء معلومات وافية وكافية عن الشركات الروسية وكيفية التخاطب مع امناء المدن في روسيا وكذلك توضيح القدرات الاقتصادية لتلك الشركات, ومن المناسب هنا الاشارة الى تلك المقترحات التي طرحت على مستويات عدة لتأسيس علاقات تجارية متطورة بين البلدين الصديقين وانشاء تعاون مثمر في مجالات الثقافة والتقنية وتبادل المعارض التجارية, وتلك مقترحات سوف تؤدي على الآماد القريبة والبعيدة الى تعميق وترسيخ العلاقات السعودية/الروسية ودفع عجلات تطويرها بشكل اسرع بين البلدين, وليس بخاف ان الحديث عن تقويم العلاقات بين الدول في هذا العالم بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر اصبح امرا سهلا وصعبا في ذات الوقت, فهو سهل بحكم انه يعيد ترتيب العلاقات الدولية لمعظم الدول على اسس جديدة. اعادة تقويم ومن جانب آخر فهو صعب لأن مثل تلك الاحداث تلقي بشظاياها عادة على مختلف الخطوات الدبلوماسية التي تخطوها كل دولة نحو تحسين علاقاتها مع كافة الدول, وفي الحالتين فان الظروف الحالية بصريح العبارة لم تمنع من انتهاز الفرص لاعادة تقويم العلاقات الدولية, ومن هذا المنطلق يمكن القول انه ينبغي اعادة العلاقات مع دولة كبرى مثل روسيا بلغة العصر الآنية, اي بلغة مختلفة عن تلك المكتوبة ابان الحرب الكونية الثانية مثلا, ورغم ذلك فثمة قواسم مشتركة تجمع بين المملكة وروسيا وبين حضارتيهما, فعلى الأرض الروسية يعيش ملايين المسلمين وآلاف العرب ومئات المستعربين, وقربها الجغرافي مهد لعلاقات متأصلة بين البلدين, ويكفي ان نعلم ان علاقة روسيا بالاسلام تقارب الف سنة, اي قبل اكتشاف امريكا, فالمسلمون في روسيا يشكلون ما نسبته 28% من مجموع سكانها, وفي بعض الأقاليم الروسية يشكل المسلمون اغلبية مطلقة, فتعدادهم في روسيا الاتحادية قرابة 25 مليون مسلم, وفي موسكو وحدها مليون مسلم. من لقاء جمع بين الامير فيصل بن سلطان مع احد المسؤولين الروس لقاءات سعودية روسية متواصلة