مكة أون لاين - السعودية السوشيال ميديا منصة العرض المفتوحة الأضخم في الهواء الطلق، كل من يعتلي مسرحها متاح فكريا للجميع، وأقول فكريا لأن وسائل التواصل الاجتماعي مهما حرص المرء على التحفظ في المشاركة فيها إلا أنها رغما عنه ستستعرض أعماقه النفسية، والتي لا يمكن للمرء أن يعبر عنها فيما لو كان الاجتماع بالمتابعين والمنوهين في المجلس الواقعي. في العالم الافتراضي يقضي المرء وقته متحدثا بما في نفسه دون صوت وقارئا لما في أنفس من يتابعهم دون أن يراهم، هذا النوع من التواصل يلعب دورا مهما في عملية الإيحاء الفكري والتغذية العاطفية التي لا يمكن تجاهلها بعدما أثبتت تأثيرها خارج محيطها الافتراضي إلى واقعنا الحقيقي. على سبيل التنوية: النسوية المتطرفة في الخطاب المتشدد والقمعي والتحزبي والتكفيري تتنامى في السوشيال ميديا. وتظهر من خلف المعرفات الناعمة في رمزيات الصور وروحانيتها منهجيات ترسم خطوطها الاستراتيجية الصريحة وتحدد أهدافها ورسالتها الأساسية ورؤيتها التي تسعى إلى تحقيقها. الأبعد من ذلك، أن بعض النسويات الخطابية المتطرفة أماطت اللثام عن وجودها الافتراضي الخجول تحت لواء اللقب والقيام بالغارات من وراء حجاب الرمزية. أصبحت النسوية المتطرفة جرئية وشجاعة حتى تظهر بالصورة والاسم والموقع الجغرافي في بعض الأحيان، وتشدد على أهمية النضال بخطاب النسوية المتطرفة ولو من باب المناداة بالديموقراطية المقلوبة طالما أن الغاية تبرر الوسيلة. تفتح السوشيال ميديا بالاسم والصورة في عالم افتراضي أثبت وجوده على أرض الاقتتال الالكتروني يساعد بالضرورة على مد جسر الافتراضية حتى يصل إلى الواقع، فمن لم تلتق بالنسوية المتطرفة على جغرافيا الواقع انضمت إلى خضم الحزب والحشد والمعسكر في عالم التواصل الافتراضي. الفضاء النسوي الالكتروني المتطرف يزخر بالخطابات النتنة والأهداف الهدامة والقنابل الفكرية الملغومة في دور مؤازر للرجولية المتطرفة. نسخ كربونية متطابقة نجدها اليوم في فضاء السوشيال ميديا من المعسكرات الإرهابية الرجالية المتطرفة يقابلها معسكرات الكترونية نسوية تتمتع بالجرأة في أقصى حدودها النسوية من خلع النقابات عن الوجوه والأسماء والانتماءات الجغرافية تتجاوز المعسكرات الرجولية في كونها جريئة وصريحة وتستفيض في تفصيل الأفكار بالثرثرة عليها حتى تتعهن وتنتفش وتتناثر هنا وهناك. النسوية المتطرفة في السوشيال ميديا خطورتها تكمن في اندماجها مع جميع الأطياف، فيمكن أن تتداخل مع كل الاتجاهات والتيارات والصراعات لتتشربها بدرجات جزئية أو كلية متفاوته دون أن يقلل ذلك أدنى ذرة من تفاصيل هيكلها الخارجي.