المدينة - السعودية قليلاً ما كان يتم التحقيق مع مسؤولين في قضية كبيرة متعلقة بقضية فساد، إلا في قضية سيولجدة التي راح ضحيتها العديد من أبناء الوطن، والتي تم التحقيق فيها مع مسؤولين في أمانة جدة، بمن فيهم مسؤولون سابقون، وفي قضايا أخرى متعلقة بصكوك تم التحقيق فيها مع بعض كتّاب العدل. أما غير ذلك، فقليلاً ما كان يتم التحقيق مع مسؤول بسبب سلب المال العام أو حصوله على رشوة أو سؤاله من أين لك هذا؟ أو حتى بسبب إخفاقه الكبير في أداء مهام عمله، التي نتج عنها إزهاق أرواح أبرياء أو كارثة من أي نوع، ناهيك عن إثبات فساده ومعاقبته. ومعظم من كان يتم التحقيق معهم وإدانتهم في قضايا فساد، هم من الموظفين الحكوميين الصغار، وبالكثير مدير فرع لجهة حكومية معينة، وكأن الفساد انحصر فيهم فقط دون أن يصعد للأعلى. ولا ننكر أن المسؤول في الماضي كان ينعم بشبه حصانة تحميه من المساءلة، ليجلس في المنصب لمدة طويلة بدون حسيب أو رقيب مهما بلغت درجة إخفاقه أو فساده، وكأن المنصب مُلك له. والآن الوضع تغير مائة وثمانين درجة، حيث لا يوجد حصانة لمسؤول، ليظل في منصبه لمدة عقد أو عقدين أو أكثر دون أن يتزحزح منه، وإنما البقاء الآن أصبح للأفضل، الذي يستطيع أن يقدم أفضل خدمات للمواطن، ويحفظ كرامته ولا يتعدى عليه. وما نحن متيقنون منه في هذا العصر الميمون، عصر الملك سلمان المحارب الأول للفساد، هو أن يتم اتخاذ إجراءات صارمة ضد المسؤولين، في حال الاشتباه في فسادهم، بأن يتم التحقيق معهم، ومعاقبتهم في حال ثبوت فسادهم. حتى يُوقن الفاسد المتخاذل أو الذي تكدست أرصدته البنكية من المال العام، وكوَّن ثروة كبيرة، قد تكفي لسابع جيل من أحفاده، بأنه لن يغادر المنصب فقط لينعم بما فعل أو نهب، ولكن ستتم محاسبته على فساده. وبذلك نكون قد قطعنا دابر الفساد بشكل قاطع وتخلصنا من المفسدين وعاقبناهم، وأصبحوا عبرة لمن لا يعتبر. أما إذا أطمأن المسؤول بأن أقصى ما سيحصل له في حال إخفاقه أو فساده هو إعفاؤه من منصبه، دون أن تتم مساءلته أو معاقبته على ما قام به، فإننا سيصعب علينا القضاء على الفساد لفترة طويلة. [email protected]