عبدالحليم البراك مكة أون لاين - السعودية لأسباب مفهومة أو غير مفهومة – لا يهم ! – منذ زمن بدأ موسم هجرة الرجال للشمال، ولعل أحد هذه الأسباب هو رقة لغة الجبل ونعومتها، فعلى الرغم من جزالة لغة الصحراء ونشميتها؛ إلا أن لغة الجبل لها وقع لطيف وخفيف على أذن وقلب رجل الصحراء! الفم نسميه (اثم أو افم، وبعضنا يقول: خشّة أو براطم) أما في بلاد الشام (تم، وشفايف) والذي يبدو أن الأخير أرق، بل أرق وأنعم، أقسم بالله أرق وأنعم! نقول أيضا (غنم طاحت في مريس) بينما يقولون (هجين ووقع بسلة تين !) هجين وتين .. تين .. تين وليس مريس - لا مريسنا ولا غنمنا! وها هم في الشام يطبخون كل شيء، ويعملون منه كل شيء جميل ورقيق.. مكدوس ومحشي أما نحن فنطبخ عجين فوق عجين ونرمي فيه اللحم كما نرمي الحجارة ونسميه (مرقوق ومطازيز)، بالمناسبة حرف الطاء مع الزاي جريمة لغوية إذا اقتربا من بعضهما بعضا (!!) بينما نخلط الأشياء معا ونسميها كبسة، والحقيقة أن كل شيء فينا مكبوس؛ بما فيه أذواقنا، ولا أدل على ذلك من ثقافة المثلوثة، فبدلا من أن نضع كل نوع من الأكل في طبق خاص، قمنا بعمل طبقات كوكتيل من قرصان وجريش ورز في طبق واحد، وتغرس يدك في صفحة الصحن ولا تعلم ماذا سيخرج لك من الطبقات الثلاث.. ثم يأتي أحدهم يتكلم عن البرستيج والذوق في الأكل وهو يخلط الخس مع الرز: ها أنت يا عزيزي لعبت في ( أبو - أم ) البرستيج! ونقول عن الرجل الطويل (الطول عز ولو في الخشب) خشب (تذكروا هذه الكلمة خشب أم حطب . يا ساتر) بينما يقال في بلاد الجبال (العز للرز والبرغل شنق حاله) برغل، ويا لطيف على الرّقة، وفي عالم التفضيل والتمييز بين الناس أحدهم يقول: ما (عندي كيري ميري) كيري! ميري! (عربي؟)، بينما يقال في بلاد الجبل أنا ما عندي (ناس خيار وناس فئوس)، الخيار والفقوس كلهم حلوين، عموما؛ هذه بعض أسباب هجرة الرجال للشمال!