عبدالمجيد الزهراني الوطن - السعودية في مثل هذا الجو العاصف والملتهب، بالطائرات والصواريخ، وفي ظل هذا الظرف السياسي الذي تعيشه بلادنا في حربها ضد الحوثيين وبقايا صالح، لإعادة اليمن إلى سعادته التي افتقدها، يأتي دور الإعلام في بث أكبر عدد ممكن من أغاني الحماسة، ولكن. ما بعد لكن، أضع نقطتين وأقول: نعم نحتاج لأغان وأناشيد وشيلات حماسية تقذف الحمم الكلامية المحفّزة للجيش السعودي المشارك في قلب عاصفة الحزم، وهي تلك الأغاني والشيلات المليئة بلغة الرصاص والصواريخ والضربات الجوية، هذا ضروري، ولكن بجانبها نحن أكثر حاجة إلى بث نوعية أخرى من الأغاني التي تتناول مفهوم الأرض والتراب والوطن بعيدا عن نيران المعارك، وهي كثيرة في أرشيفنا الغنائي والإعلامي. الأمثلة كثيرة على أغاني التراب التي أقصدها، ولعل أقرب ما يلمع في الذاكرة كثير من التحف الفنية التي كتبها بدر بن عبدالمحسن، كتلك التي قال فيها: "من على الرمضا مشى حافي القدم يستاهلك.. ومن رعى صحرا الظما إبل وغنم يستاهلك". وهذه الأغنية، نموذج واحد من نماذج كثيرة في شعر بدر وأغانيه الوطنية، لأن معظم أغاني البدر الوطنية تتناول مفهوم الانتماء للتراب والهوية والتاريخ، أكثر من كونها أغان مرتبطة بالحدث التاريخي الآني، وهذا بالتحديد ما قصدته بمصطلح أغاني التراب. في الذاكرة أيضا نموذج أكثر وضوحا لأغاني التراب والهوية والوطن، وهو الأوبريت البديع والوطني فعلا الذي كتبه الشاعر الغنائي الكبير إبراهيم خفاجي كأحد أوبريتات الجنادرية، وكانت كوبليهاته أشبه بالمسح الجغرافي والوجداني لكل مناطق المملكة، في حالة عالية من الطرب الترابي والوطني، الذي يشد الإنسان إلى هويته، ويحرّك الكامن الوطني فيه، بدرجة أعلى من أغاني الأحداث الآنية والموقتة.