الاقتصادية - السعودية قبل أن أضع لكم رسالة الدكتورة سعاد بنت محمد بن عامر التي أسست جمعية زهرة لسرطان الثدي في الرياض. وجاء اسم زهرة من اسم والدتها "زهرة بنت علي بن حرفش" التي انتقلت إلى رحمة الله بعد معاناة طويلة مع هذا المرض الذي يصاب به ملايين النساء في العالم. أستسمحكم أولا أن أضع رسالة أخرى مؤثرة ثم أعود لرسالة الدكتورة سعاد. (*) رسالة من فاتن. م. س: "كنت من مستمعات لقائك في مستشفى الملك فهد التخصصي وأنت تتعرض لما أسميته مرض الرحمة، وقلت إن والدتك تطلق عليه هذا الاسم لأنه لا خبيث يأتي من الله، فكل ما يأتي منه هو رحمة. وإني لا أجد ملاذا من الآلام التي لا توصف لمعاناة مريضات سرطان الثدي إلا رحمة الله تعالى، لأنها آلام فوق الوصف. حتى علاجه بما أسميه بالشيطان الأحمر، تلك الجرعات من الكيماوي التي تذهل الجسد البشري وتسبب له الضعف وآلاما في الحركة وجراحا ملتهبة حول الفم فتصبح الحياة قطعة من العذاب المتواصل الذي لا يعطي المريض حتى استراحة قصيرة يجمع فيها أنفاسه من شدة المرض. أنا وأنت تتكلم عن روح الناجين والناجيات من مرض الرحمة، أقول لك وبكل صراحة إني كنت وقتها أخالفك. فأنا نجوت من سرطان الثدي ليس مرة بل ثلاث مرات، وها هو يزحف ويعود وكل مرة كنّا أنا وأسرتي نظنه الشفاء النهائي. هل أنا شجاعة؟ لا لست شجاعة ولا يمكن أن أكون شجاعة، بل أنا يا أخي كنت في حالة خوف كامل لا يعرف توقفا ولا استراحات بين الفواصل.. وعائلتي تعيش الرعب معي وأراه في عيني زوجي الباكيتين، وأراه في عيني ابنتي التي أجلت سنة كاملة من دراستها الجامعية للبقاء معي في المستشفى. كما أني كنت لا أحب اللون الوردي، ولا تلك الشرائط الوردية التي تضعها الفتيات والنساء اللاتي يقمن المناسبات الخاصة بسرطان الثدي، بل كنت أصاب بحالة هلع وتشنج عندما أرى هذا اللون. يوما كنت أزور أختي في الرياض عندما طلبت مني الذهاب معها لإحدى مناسبات جمعية زهرة لسرطان الثدي. في الحفل اقتربت مني سيدة لطيفة وكأنها دخلت وجودي وقرأت كتابه كاملا.. وعلمتني الدرس المهم: أنه ليس مطلوبا مني أن أكون شجاعة ولا أن أحب اللون الوردي ولكن أن أفهم أن نية هؤلاء النساء والفتيات اللاتي يحيطهن اللون الوردي هو التعبير عن الدعم، والأمل بالشفاء، والأهم الوعي كي تساعدي بعد الله على ألا تصاب ابنتك بمرض الثدي، والاهتمام بالعلاج في أول بوادره حيث يمكن الشفاء التام. بعد تلك المقابلة لم يتغير شيء، وأظن حالتي ستسوء، ولكني من الناشطات الآن في التوعية بالمرض من أجل وحيدتي الغالية ومن أجل كل النساء. الآن ألمُّ أطراف شجاعتي وصرت أضع الشريط الوردي في ياقتي". وترون أن هذه السيدة صاحبة الرسالة، رفع الله عنها وشفاها، تعلمت درس حياة بأن المرضى يمكنهم أن يساعدوا في استمرار الحياة الخالية من هذا المرض لغيرهم. هنا تأتي المناسبة المواتية لرسالة الدكتورة سعاد بنت محمد بن عامر صاحبة فكرة تأسيس جمعية زهرة لسرطان الثدي في الرياض، وهنا الرسالة: "إن الألم الذي يصيب الشخص عند فقدان والديه لا يضاهيه ألم فهو من أصعب لحظات الحياة. عندما كنت أدرس في مرحلة الماجستير 1994 في الولاياتالمتحدة، قدر اللهُ أن تصاب والدتي زهرة - رحمة الله عليها - بسرطان الثدي، وفي تلك الفترة كنت أجهل كل شيء عن هذا المرض، وعندما أقول أجهل فهو جهل كامل على الرغم من أني متعلمة ومطلعة وكان جديرا بي أن أكون ملمة ولو ببعض الشيء عن هذا المرض.. على أنني لم أكن. خلال فترة سنوات العلاج التي قضيتها مع والدتي تألمت معها لآلامها كثيرا ولكني أيضا تعلمت الكثير. منذ إصابة والدتي رحمة الله عليها وأنا أريد أن أزداد علما ومعرفة عن هذا المرض، ما ساعدني أن أشرح لها أثناء فترة علاجها عن هذا المرض، وذلك لحبها رحمة الله عليها للمعرفة، ولكثرة تساؤلاتها. فكانت ذخيرتي المعرفية عنه عونا لي للإجابة عن أسئلتها وأحاول أن أفسر لها كي تستوعب ما أقول. ثم وجهتني والدتي بنصيحة صارت السراج المعلق أمامي وسيبقى أمامي ما حييت، وهو عندما قالت لي: يجب على كل امرأة أن يكون عندها الوعي والمعرفة عن هذا المرض كي تحرص على إجراء الفحص المبكر خصوصا بالتصوير الإشعاعي. حملت رسالة أمي منذ وفاتها، وشعرت أنه واجب علي أن أبدأ في توعية نساء مجتمعنا بهذا المرض والأهمية القصوى للاكتشاف المبكر له، ولا سيما أنه في تلك الفترة أي في عام 1997 لم يكن هناك أحد يتحدث عن هذا المرض. بدأت أنقل إلى كل امرأة ما تعلمته من دروس الألم مع والدتي لأفيدهن بكل جهدي بما لدي من العلم والمعرفة. ألمي بوفاة والدتي "زهرة" رحمة الله عليها، تحول إلى طاقة إيجابية لتحقق رسالة العلم والمعرفة والمساعدة لكل زهرة من زهرات بلدي الغالي. تألمتُ، فتعلمتُ.. فعلَّمت!" دكتورة سعاد.. شكرا.