الافتصادية - السعودية 150 عاما هو عمر الشركة المتعددة الجنسيات DNV GL، وهي عبارة عن ناتج لاندماج بين شركتي DNV النرويجية وGL الألمانية وتتخصص الشركة حالياً في مجال التصنيفات، كما أن الشركة لها نشاطات أخرى في قطاعات النفط والغاز والطاقة المتجددة. مثال شركة DNV GL من أكبر الأمثلة على أثر الممارسات الصحيحة للاستدامة في استمرارية الشركة وزيادة عمرها. ولكن كيف استطاعت الشركة تحقيق ذلك؟ وللإجابة عن ذلك دعونا نقتبس بعضا من كلمات الدكتور هنريك ماديسون الرئيس التنفيذي للشركة، الذي بدأ في الشركة عام 1982 ككبير العلماء في قسم الهندسة الإنشائية، وقد تحدث في أحد المحافل التي توجت مرور 150 عاما على بداية الشركة قائلا "من أجل أن تستمر شركة ما على مدى 150 عاما، لا بد أن تكون هناك قيمة مضافة مقترحة من قبل جيل الآباء المؤسسين، الذين ركزوا على أهمية الثقة والنزاهة، التي اندمجت تماما في ثقافة الشركة منذ سنوات ماضية". وقد ذكرنا في العديد من المقالات السابقة أن الاستدامة في الشركات وتطبيقاتها تختلف باختلاف الشراكة والقطاع الذي تعمل فيه، وفي حالة DNV، فإن الاستثمارات الضخمة في البحث والتطوير يمكن الإشارة إليها بأنها حجر الأساس لاستراتيجية الشركة، التي تعهدت بها الشركات على مدى أعوام وأجيال عدة، وكانت إحدى أهم نتائج هذا التعهد بالمحصلة استمرارية الشركة كل تلك السنوات، وتبوؤها مكانة مرموقة في جميع القطاعات التي تعمل فيها. واليوم تخصص الشركة 5 في المائة من إجمالي عائداتها للبحث والتطوير، بمعنى أن الشركة ترى أن بقاءها والحفاظ على مستوى كفاءتها وريادتها القطاعية، هو تبني التحديث والابتكار كأحد أهم عوامل الاستمرارية على المدى الطويل. يطول الحديث هنا عن العلاقة بيت الاستدامة والاستمرارية أو طول عمر الشركة، فبينما يرى الكثير أن الحفاظ على تطبيق مستوى عال من الاستدامة وبوجه خاص الاستدامة البيئية، الذي يواجه فيه العالم أجمع تحديات جمة، أهمها انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الضارة، هو أحد أهم عوامل استمرار الشركات، لذلك نرى التوجه الكبير نحو ما أصبح يعرف ب"المنتجات والخدمات الخضراء". بينما يتجه العديد من الشركات العالمية لمبدأ تطبيق الاستدامة بشكل شامل في جميع عملياتها وأقسامها وكيف أنها أحد الحلول المثلى لإطالة عمر الشركات، لذلك يقوم العديد من الشركات اليوم بإدراج تطبيق الاستدامة تحت إدارة التخطيط الاستراتيجي، حيث إن جميع مخططات الشركة على المديين المتوسط والطويل يجب أن تنال موافقة المجلس الأعلى الذي يراقب شؤون الاستدامة داخل الشركة، سواء كان لجنة الاستدامة المنبثقة من مجلس الإدارة أو غيرها، وبالعادة يرأسها الرئيس التنفيذي أو رئيس مجلس الإدارة. ويجب التنويه هنا بأن تعهد الشركة بالاستدامة لا يعني عدم وجود مخاطر من عمليات الشركة، فالشركات الأفضل تطبيقا للاستدامة تعمل عل تقليل تلك المخاطر سواء البيئية منها أو غيرها، ففي نموذج DNV نلاحظ أن الشركات تعترف بوجود بعض الأضرار البيئية وغيرها من جراء عملياتها، ولكنها في الوقت ذاته تؤكد في كل محفل يجمعها بمديريها في أي رقعة توجد فيها الشركة، أن الالتزام بالاستدامة هو قضية جوهرية وأساسية، كما أننا نجد ترجمة على أرض الواقع لذلك التعهد. خلاصة القول، إن نموذج العمل الخاص بكل شركة وخصائصها هما أهم محددات وتوجهات الاستدامة لكل شركة، ولكن الأكيد أن ثمة قناعة متزايدة يوميا بأن التطبيق الأمثل للاستدامة له علاقة مباشرة بعمر الشركة.