«2-2» قيصر حامد مطاوع المدينة - السعودية ذكرنا في المقال السابق* أن القرن العشرين كان مخيبًا لآمال الشعوب العربية وشاهدًا على تفككهم وضعفهم، ولم تكن بداية القرن الواحد والعشرين تختلف كثيرًا عن القرن المنصرم، فقد استهل بحرب أمريكية على العراق في عام 2003م وإسقاط نظام صدام حسين، ليدخل بعدها العراق في حالة فوضى، وتجمع للتنظيمات الإرهابية، والذي لم يتعافَ منه حتى الآن. بسبب الواقع المرير وإحباط المواطن العربي من أنظمته التي تحكمه منذ عقود دون أن تقدم له غير الفساد ونهب ثروات البلاد، قامت بعض الشعوب العربية بمحاولة تغيير واقعها بيدها، لتبدأ ما يسمى بالربيع العربي في عدة دول عربية، أولها تونس، لتجد الشعوب العربية بعد ذلك بأن الربيع انقلب صيفًا جافًا، لم يجلب له إلا مزيدًا من المشكلات والويلات وعدم الاستقرار والتفكك، والذي لم تتعاف منه أغلب تلك الدول حتى الآن. الضعف والتفكك العربي طيلة السنوات الماضية جعله عرضة لأطماع العديد من الدول لبسط نفوذها عليه، والتي منها إيران، حيث أصبحت تحكم ثلاث دول عربية من خلف ستار، هي لبنانوالعراق وسوريا، لتضم إليها مؤخرًا اليمن عن طريق الحوثيين. في كل هذه الدول، كانت تتدخل وتستخدم كرت الشيعة، لتصبح حربًا مذهبية، لجني أرباح سياسية بحته. وكانت تتباهى إيران بأنها تحكم أربع دول عربية، في إشارة للجميع، بما فيهم الغرب، بأنها الدولة الأقوى في المنطقة بدون منازع. ظن البعض بأن الأمة العربية لن تقوم لها قائمة وستستمر في سباتها العميق، حتى جاءت عاصفة الحزم بتحالف دول عربية وإسلامية بقيادة سعودية لتعصف بالانقلابيين الحوثيين، والتي أثبتت بأن العرب قادرون على أخذ زمام المبادرة بأنفسهم في حروبهم، دون الاستعانة بجيوش دول غربية، خصوصًا أمريكا، وهذا لم يحدث منذ عقود. وهنا نستشهد بما ذكره الجنرال لويد اوستين، قائد قيادة العمليات الوسطى بالجيش الأمريكي، في رده على السيناتور جون ماكين، الذي يرأس لجنة الشؤون العسكرية التابعة للكونغرس الأمريكي، حول وقت إفصاح الرياضلأمريكا عن خطتها في اليمن وبدء عاصفة الحزم، بأنه: «كان قبل وقت قصير من بدئها»، ليرد ماكين قائلًا: «هذا أمر مثير للاهتمام.» لا شك بأن عاصفة الحزم قلبت الموازين في المنطقة وأظهرت قيادة سعودية للمرحلة المقبلة، وأكدت بأن الدول العربية قد بدأت في حل قضاياها بنفسها والدفاع عن نفسها عند الحاجة. وما يعزز ذلك، ما تقرر في القمة العربية الأخيرة في شرم الشيخ تشكيل قوة عربية مشتركة مهمتها الدفاع عن الدول العربية في حال الحاجه، وكل هذه مؤشرات تدعو للتفاؤل بأن ظلام الشعوب العربية في القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، أخيرًا بدأ ينقشع ليرى العرب بصيص أمل والتفاؤل بالمستقبل. [email protected] *عاصفة الحزم .. الأمل بعودة العرب (1-2) قيصر حامد مطاوع صحيفة المدينة الثلاثاء 31/03/2015 الشعوب العربية مرت بمراحل عصيبة خلال تاريخها الحديث، فالقرن العشرون شاهد على الضعف والخذلان العربي واستعمار أراضيه، حيث تم الاتفاق في بداية القرن بين فرنسا وبريطانيا وروسيا في عام 1916م، بموجب اتفاقية (سايكس بيكو)، بتقطيع جسد الدولة العثمانية أو الخلافة المريضة، وتقاسم فرنسا وبريطانيا بموجبه الدول العربية الواقعة في شرق المتوسط، لتنتهي الدولة العثمانية بشكل رسمي في عام 1924م. وما زاد الجرح العربي وعورة هو وعد (بلفور) الصادر عام 1917م، بتأييد الحكومة البريطانية بإنشاء وطن لليهود في فلسطين، ليتحقق الوعد عام 1947م بموافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على خطة تقسيم فلسطين الخاضعة للانتداب البريطاني إلى دولتين إحداهما لليهود والأخرى عربية،وقد وافق اليهود على ذلك التقسيمورفض العرب. ليتم بعدها انتهاء الانتداب البريطاني، وإعلان قيام الكيان الصهيوني في عام 1948م . ولتحرير فلسطين، دخلت الجيوش العربية في حرب مع الصهاينة في عام 1948م، ولكنها لم تنجح ، ليتم بموجبها إعلان الهدنة الأولى والثانية لتلك الحرب، ويصبح بذلك الكيان الصهيوني أمراً واقعاً. ولينشغل بعدها العالم العربي في نفسه بسقوط العديد من أنظمته الموجودة بانقلابات عسكرية، مثل النظام الملكي في مصر عام 1952م، بالاضافة إلى انقلابات الحكام العسكر بعد ذلك على بعضهم، كما حدث في العراق وسوريا.وكانت الأنظمة الجديدة تطلق الشعارات البراقة لشعوبها وتوهمها بعودة الجيوش العربية وجاهزيتها، ولكن اكتشفت الشعوب العربية زيف تلك الشعارات بهزيمة الجيوش العربية في حرب عام 1967م من الكيان الصهيوني واحتلاله لأراضٍ جديدة ، ليزداد الجرح العربي اتساعا ،وما رفع من معنويات الشعوب العربية قليلاً ،هي حرب 1973م بطليعة للجيش المصري والسوري، ضد الكيان الصهيوني، لتحرير الأراضي المحتلة في عام 1967م، والذي كسر أسطورة أن الجيش الاسرائيلي لا يقهر ، ولكن ما لبثت أمريكا أن قامت بتحييد مصر وتوقيعها على اتفاقية سلام مع إسرائيل في كامب ديفيد عام 1978م. وبسبب الضعف العربي، كانت شهية الكيان الصهيوني مفتوحة لحروب أخرى،فقامت باجتياح لبنان في عام 1982م واحتلالها لجنوبه لقرابة العقدين من الزمان. وكأن القرن العشرين لم يكفه من شواهد على الضعف العربي وتشرذمه، لتقوم العراق باجتياح الكويت في عام1990م ، ليتم تكوين تحالف بقيادة أمريكا لتحرير الكويت ، وليعاني بعدها الشعب العراقي من عقوبات اقتصادية فرضت عليه لأكثرمن عقد من الزمان،والتي لم تنتهِ إلا في بداية القرن الواحد والعشرين،عام 2003م، بالغزوالامريكي للعراق واسقاط نظام صدام حسين. لا شك بأن أحداث القرن العشرين كانت مخيبة لآمال الشعوب العربية وشاهدة على تفككهم، فكانت عاصفة الحزم، التي انطلقت بقيادة السعودية ضد الانقلابيين الحوثيين في اليمن، هي بصيص الأمل لعودة العرب.. وهذا ما سنناقشه في المقال القادم إن شاء الله.