د.صلاح بن فهد الشلهوب الاقتصادية - السعودية كلمة خادم الحرمين الشريفين كانت مختصرة وواضحة وترسم ملامح الاستمرار في خطط التنمية والبرامج الحكومية، وتأتي في وقت تقطع الطريق أمام الشائعات والتخمين والحدس، التي تروج إلى أنه سيكون هناك تغييرات جوهرية في سياسات المملكة الاقتصادية والداخلية والخارجية، حيث إنه شاعت في الفترة الماضية كثير من الأخبار التي ليس لها أساس، لتجعل الناس تعيش نوعا من القلق، وتوجه البعض الآخر إلى أن يكون مترددا في قراراته، ليس على مستوى المجتمع في المملكة، بل على المستوى الخليجي وبعض الدول العربية، حيث يخشى هؤلاء أن المملكة اليوم لديها رؤية مختلفة سواء على مستوى السياسة الخارجية أو على مستوى الخطط التنموية، بما قد يؤثر خصوصا في خططهم الاستثمارية، وهذا ما جعل للشائعات مناخا خصبا لكل من يريد أن يرسم واقعا يتخيله في ذهنه ليس له رصيد من الواقع الملموس. من هنا جاءت كلمة الملك لتقطع الطريق على هذه الشائعات، كما أنها ترسم مستقبلا يعتمد على الخطط لتنموية التي سارت عليها هذه البلاد مراعية أهمية التفاعل مع المتغيرات، وأنها تغير بناء على متطلبات التطور الطبيعي للبرامج والمشاريع السابقة لتبدأ مشاريع جديدة للاستمرار في خطط البناء، وليس بسبب اختلافات جوهرية في قرارات المؤسسات الحكومية، مع مراعاة الالتزام بالأسس والثوابت التي قامت عليها هذه البلاد، والخصائص التي تميزها. كلمة الملك تضمنت الإشارة إلى التقلبات التي تشهدها أسعار النفط، التي جعلت الكثير يتوقع متغيرات كبيرة في برامج الدعم الحكومي، ولكن القرارات جاءت مخالفة لذلك حيث زاد الدعم المخصص للإسكان، إضافة إلى التأكيد على أن أي قرار مستقبلي سيأخذ في الاعتبار عدم التأثير في حياة ورفاه المواطن، مع توجيه المواطنين الذين ينعمون بكل هذا الدعم بأن عليهم مسؤولية كبيرة للعمل والاجتهاد والتحصيل. لا شك أن كلمة خادم الحرمين الشريفين ظاهر فيها الشفافية مع المواطنين واعتبارهم أولوية في العناية والاهتمام من قبل الحكومة، والتأكيد على أمراء المناطق بأهمية ليس فقط الاستماع إلى شكاواهم وحلها، بل إلى مقترحاتهم باعتبارهم شركاء في تنمية هذا الوطن ولديهم الكثير ليقدموه ويساهموا به. الكلمة نلتمس منها الحرص على الاستمرار في خطط التنمية وأهمية تنويع مصادر الدخل بدعم القطاع الخاص، إضافة إلى أن الاعتماد على النفط سيستمر ولكن مع أهمية الاستثمار في التنقيب عن النفط والغاز، إضافة الموارد الطبيعية الأخرى، وذلك من أجل استمرار استقرار الدخل والاعتماد على هذه الموارد في هذه المرحلة لتعزز من قدرات الدولة لتحقيق التنمية المستدامة بتنويع مصادر الدخل، والاعتماد على العنصر البشري كأساس في أي تطور قادم، حيث تتيح البرامج الحكومية فرص التعليم لمختلف المستويات ولجميع أفراد المجتمع في رغبة طموحة لوصول المجتمع إلى مستوى عال من المعرفة، وأصبحت مؤسسات التعليم والتدريب الفني والتقني تستوعب جميع مخرجات التعليم العام، بل أصبح بعض الموظفين الحكوميين وفي القطاع الخاص يحملون مؤهلات عالية أسهمت في تحسين أداء تلك المؤسسات. كما أن الكلمة يظهر أنها تريد أن تلمح إلى أن الحكومة قد تلجأ إلى إجراءات لتقليص الإنفاق من خلال بعض التغيير في الهيكل التنظيمي لبعض المؤسسات والهيئات، ومن ثم تريد تقليص الهدر من خلال التوعية والترشيد خصوصا في مجال الطاقة، والبرامج الحكومية التي تهدف إلى تعزيز إمكانات القطاعات الخدمية تقنيا، سيكون لها أثر في تقليص النفقات الحكومية، ودعم الجهات الرقابية التي يمكن أن تحسن من كفاءة وأداء المؤسسات الحكومية. الحقيقة أنه كما جاء في كلمة خادم الحرمين لا يمكن أن نتجاهل أثر تقلبات أسعار النفط، ومع استمرار صعود أسعار الدولار وتوقعات إقبال المستثمرين على أدوات الدين بدلا من السلع، فقد لا يكون للبترول فرصة للعودة إلى أسعاره السابقة، وهذا يجعل من الأهمية العناية بزيادة كفاءة برامج الدعم والعناية بما يسمى الدعم الذكي الذي يحقق مصلحة مباشرة للمواطن، ويحد من الإسراف، خصوصا أن بعض السلع الرئيسية بدأت تنخفض أسعارها مع الانخفاض في أسعار النفط، وارتفاع سعر الدولار في مقابل السلع والعملات. فالخلاصة أن كلمة خادم الحرمين الشريفين اعتمدت الشفافية والوضوح في عرض رؤية الملك حفظه الله وتؤكد أن توفير الخدمات والرفاه للمواطن أولوية، كما أنها تؤكد أهمية مشاركته في القرار من خلال التواصل مع إمارات المناطق، إضافة إلى استمرار خطط التنمية بما يحسن من كفاءة الاقتصاد، والعناية بزيادة الدخل من خلال الموارد الطبيعية من البترول والمعادن، ودعم القطاع الخاص لزيادة فرص تنوع مصادر الدخل، إضافة إلى مشاركته في زيادة فرص العمل وتوفير الوظائف المناسبة للمواطنين.