الوطن - السعودية هناك أمور لا نجد لها تفسيرا مقنعا، بل إن بعضها مجرد التفكير فيه يجعلك تخرج من المنزل حافي القدمين، وفي هذا الطقس البارد، لتسير بلا وعي حتى تتجاوز حدود حارتك إلى الحارة المجاورة! من تلك الأشياء التي لا تجعلك تسير حافيا فحسب، بل وتقف على يديك لعدم منطقيتها، عند المقارنة بين ما تفعله وزارة التجارة وهيئة مكافحة الفساد في مسألة التشهير تحديدا. إذ تأخذ وزارة التجارة بسياسة التشهير بالمخالفين تجاريا، بينما ترفض "نزاهة" ذلك في تعاملها مع الفاسدين، ولا أعلم أيها أكبر جرما وأولى بالتشهير: فاسد يسرق البلد، أم تاجر تجاهل وضع السعر على سلعته؟! تشهّر وزارة التجارة بكل من يخالف الأنظمة والقوانين ويمتهن عمليات التستر والغش والتلاعب في الأسعار وغيرها، وذلك بإعلان اسمه ومخالفته والعقوبة المطبقة عليه في الصحف المحلية على نفقة المخالف. بينما ترفض "نزاهة" الإعلان عن أسماء المتورطين في قضايا الفساد، وتكتفي بنشر الحادثة والمخالفة، دون إعلان اسم الفاسد، مع ذكر الجهة التي ينتسب إليها بحجة أن "اللبيب بالإشارة يفهم"، على حد وصفها، في إشارة إلى إمكان معرفة الموظف الفاسد من خلال المعلومات الأولية! على حساب وزارة التجارة في "تويتر" تغريدات عن مخالفات وعقوبات وتشهير بالمخالفين، في المقابل لا نجد في حساب "نزاهة" سوى تغريدات عن أركانها التوعوية في المعارض، ومشاركات مسؤوليها في الندوات والمؤتمرات، وبضع تغريدات عن استقبالاتهم. إلا إذا كانت "نزاهة" تمرر محتوى تلك التغريدات كأنموذج للفساد، فهذا شأن آخر! هناك تبادل أدوار غير طبيعي، إذ من المفترض أن تقوم "نزاهة" بما تفعله "التجارة" من الكشف عن الفاسدين ومعاقبتهم والتشهير بهم، ليرتدعوا ويصبحوا عبرة لغيرهم، لكنها آثرت إلا أن تكون حنونة مع الفساد! من يراقب سياسة عمل "نزاهة" ويقارنها بأعمال وزارة التجارة، سيدرك لماذا يزداد الفاسدون كل يوم، في الوقت الذي يرتدع فيه المخالفون لأنظمة "التجارة"، وتقل أعدادهم يوما بعد يوم؟!