الاقتصادية - السعودية قال لي: عندما كنت هناك، كان الأصدقاء الذين يحيطونني أكثر مما تتصور .. فجأة بدأ عدد الأصدقاء يتضاءل، وغابت الوجوه التي كانت تبتسم لي في الحضور والغياب. هذا جزء من حوار مع وزير كان في المشهد قبل سنوات صارت بعيدة. كنا نتحدث عن حركة التغيير الوزارية الأخيرة .. قال الرجل: أعان الله الوزراء الجدد على أصدقاء المرحلة. هؤلاء والكلام له يشبهون الصمغ شديد الالتصاق، لا تستطيع أن تتخلص منهم، وهم يتصرفون باعتبارهم قريبين منك، يتحدثون باسمك، ويتصرفون ويأمرون باسمك. وفي كثير من الأحيان أنت لا تعلم. والغريب أن البعض يستجيب لهم. تابع الرجل: عندما ينحسر الضوء عن المسؤول، تصيبه حالة إحباط، خاصة إذا لم يحقق نجاحا في المسؤولية التي ألقيت على عاتقه. ذلك أن أصدقاء المرحلة يتوارون من حوله، كما أن الناس لا يتذكرون له صنيعا واحدا يجعلهم يثنون عليه. لقد مر في تاريخنا مجموعة مميزة من المسؤولين في العمل الإداري الحكومي. ومع الأسف فإن قلة منهم، لجأت إلى تسجيل تجاربهم من خلال سير ذاتية مطروحة بين أيدي الأجيال، ومن هؤلاء الوزيران الراحلان الدكتور غازي القصيبي والدكتور عبدالعزيز الخويطر. إنني أتمنى أن نقرأ تجارب وزرائنا الآخرين، فهم شهود على مرحلة بناء وعطاء لهذا الوطن. لماذا لا نقرأ تجربة ومذكرات الوزير محمد أبا الخيل في وزارة المالية؟ والوزير الدكتور خالد العنقري في التعليم العالي؟ وسواهما من الوزراء الذين عاصروا مراحل مهمة في تنميتنا المعاصرة. أعود للوزير الجالس على دكة الاحتياط منذ زمن بعيد، أسأله: ماذا ستفعل لو عدت للوزارة؟ يقول: هذه المرة سأكون على يقين بأن أصدقاء الأمس هم الأصدقاء، وما عداهم مجرد عابرين. قلت له: الرحيل والغياب من سنن الحياة، الرصيد الباقي أمام الله والناس هو ما أنجزته بضمير طيب. قال: عندما تترك منصبك تبدأ في الاقتراب من الضمير الطيب، وتنام قرير العين.