منذ صدور قرار مجلس الوزراء بفتح سوق الأسهم أمام الاستثمار الأجنبي والحديث عن الموضوع هو الشغل الشاغل للجميع. وهذا أمر طبيعي فالقرار سوف يؤثر على قطاعات كبيرة من المواطنين والمقيمين المستثمرين في السوق. بل ان انعكاسات هذا الحدث سوف تتخطى سوق الأسهم وتؤثر على مجمل الاقتصاد بشكل إيجابي نتيجة التحسن الذي سوف يطرأ على تصنيف المملكة من قبل الوكالات الدولية المتخصصة في هذا الشأن. وأنا أعتقد أن هذا القرار الذي طال انتظاره سوفر يؤثر على مجرى العديد من الأمور. فالسوق بدون شك مقبلة على نقلة نوعية سوف يستفيد منها الكثير. ومبعث هذا التفاؤل عدة عوامل. فسوق الأسهم السعودية لا زالت لديها الامكانية الكبيرة والمقدرة على الصعود في المستقبل وذلك لأن مستوى أسعار الأسهم، حسب تقدير بلومبرغ، أقل 15.1 مرة من الأرباح التي تجنى عند نفس المستوى في أسواق الامارات وبعض الدول مثل فيتنام ونيجيريا. وهذا بالتأكيد عامل مهم ومغر للاستثمارات الأجنبية. كما أن هذا الفرق بين مستوى أسعار الأسهم والعائد عليها يبين أن المجال لارتفاع الأسعار ليس فقط أمرا واردا بل انه حتمي وبنسبة لا يستهان بها. وهذا ليس وحده الجانب الإيجابي فقط. ففتح سوق الأسهم للمستثمرين الأجانب سوف يعني من ضمن ما يعني أن سوق الأسهم مقبلة على تغيرات مهمة. فالغش والتلاعب من قبل الشركات والمضاربين سوف يتم الحد منها إلى أقصى درجة ممكنة. فرؤوس الأموال الأجنبية لن تدخل السوق قبل أن يتم وضع الضوابط والآليات المشابهة لتلك التي تعمل بموجبها في بقية أسواق البلدان الأخرى. وهذا معناه أن مستوى أداء سوقنا سوف يتطور إلى المستويات العالمية. الأمر الآخر هو أن تأثر سوق الأسهم السعودية وتفاعلها مع الأحداث الاقتصادية العالمية وتطورات الأسواق في البلدان الأخرى سوف يتغير عما هو عليه الآن. فنحن كثيراً ما كنا نشهد انخفاض مؤشر السوق بمجرد أن تعطس أي من الأسواق العالمية. وهذا سوف يتم تصحيحه مع دخول المستثمرين الأجانب. فاضطراب الأسواق المالية في البلدان الأخرى من شأنه أن يشجع رؤوس الأموال الأجنبية ويغريها بالتدفق على سوقنا المدعومة بالمؤشرات الإيجابية للاقتصاد الكلي ومستوى الأمن والاستقرار الذي تعيشه المملكة. ورغم ذلك فإنه من غير الممكن أن لا نرى الجانب الآخر من المعادلة. فرؤوس الأموال الأجنبية الموظفة في الأسهم هي ليس فقط رؤوس أموال حارة بل هي تعود في معظمها لمؤسسات مالية لها خبرة طويلة في هذا المجال. ومؤسسات كهذه تعتمد في قراراتها على تحليلات ودراسات معمقة. ولذلك فإنه في حال تردي أي من مؤشرات الاقتصاد الكلي أو عندما تنخفض أسعار النفط أو تقل نسبة العائد على الأسهم فإنها سوف تنسحب. وهذا الخروج الجماعي سوف يؤدي إلى انهيار السوق بكل تأكيد. ولذلك فإنه من الأهمية أن تضع هيئة السوق المالية ليس فقط الضوابط التي من شأنها تشجيع تدفق رؤوس الأموال الأجنبية على سوقنا وإنما أيضاً سن القوانين ووضع الآليات التي تقلل من الآثار السلبية لتدفق رؤوس الأموال المعاكس نحو الخارج.