مال الاقتصادية لا ألوم منظمة اوبك على قرارهم بعدم تخفيض النفط علما بانني كنت على يقين ان ذلك ما سيحدث وهو القرار المنطقي. فعندما تكون حصتك السوقية هي عبارة عن 30% من حجم الانتاج العالمي فتخفيضك لحصتك معناها تنازلك عن عملائك لمنافسيك. وحتى لو تم تخفيض الانتاج باكثر من مليون برميل (علما بانه حاليا يزداد العرض عن الطلب بقرابة 800 الف برميل فقط) فرغما عن ذلك سوف تستمر اسعار النفط بالنزول وتستمر الموجة. ان ما يحدث او المسببات المبدأية لهذا التراجع الحاد هي نتيجة عدة عوامل منها الاساسي والمنطقي وهي قوة الدولار المفاجأة امام جميع عملات العالم، فمنطقيا ان تتراجع اسعار النفط لتتوازى مع ضعف اسعار العملات. اما السبب الثاني وهو الثورة المفاجأة للنفط الصخري بامريكا وما خلفته من تنبأت بعدم توازي ميزان الطلب والعرض المستقبلي لوفرة الانتاج. السبب الثالث وهو الضعف الاقتصادي باوروبا والاسواق الناشئة من ضمنها الصين. واخيرا وهو السبب الادهى والامر وهو المضاربات فما يحدث حاليا عبارة عن مضاربات بحته الهدف الرئيسي منها الكسب الجشع .. ومعظم هذه المضاربات تدار من قبل صناديق التحوط العالمية وبعض البنوك الدولية، فحتى عندما انخفضت اسعار النفط لاكثر من 30% تم جني ارباح فقط 25% من اجمالي حجم المضاربات. فمن يعلم ان ما يحققه من مكافآت هؤلاء المضاربين من صافي ارباح الشركة والتي يصل في بعض الحالات الى 17% فلا يستغرب من شراهة هذا الجشع. من يعتقد ان سبب ما حدث في اسواق النفط هو نتيجة عملية مؤامرة فهو جاهل للحقائق، فما هي الا اسباب اقتصادية ومنطقية خلقت فرصة للمضاربين. وتهاوي الاسعار لن يهدأ الا عندما تغلق هذه المراكز المضاربية. لقد منعت القوانين الحديثه (الامريكية) البنوك من المضاربة على اسعار المنتجات الزراعية والغذائية وبعدها استقرت حدة تذبذب هذه السلع. فلماذا لم يمتد هذا الامر ليشمل اسعار الطاقة؟! قريبا سوف تستقر الاسعار ولكنها ستكون بعيدة جدا عن المستويات المريحة لكثير من المصدرين، ومن ضمنها المملكة العربية السعودية، وهو سعر 90 دولار، وربما يتبعها تقنين حجم الاستثمارات الامريكية في النفط الصخري والتي تبين الدراسات انها تتجاوز 5 تريليون دولار في ال 20 سنه القادمة، حيث ان تكلفة حفر البئر الغير تقليدي تعادل 10 اضعاف البئر التقليدي. انها حقبة سعرية جديدة وربما تستمر لعدة اعوام، تتفاوت فيها الاسعار بين 50 الى 80 دولار للبرميل وعلى الجميع التحوط من تبعيات هذه الحقبة وتداعياتها على الاقتصادات.