د. محمد بن سعود المسعود الاقتصادية - السعودية بات من المهم استبدال باب غرفة نومك بباب من حديد صلب، لا يطاوع رجال الحسبة- أثابهم الله وثبتهم- في خلعه استجابة- لبلاغ- ربما كانت الضغينة أو العداوة لك سببه الوحيد. فبعد رصد وسائل الإعلام لحادثة اقتحام منزل في العاصمة الرياض، ليتم اقتياد زوج وزوجته لمركز الهيئة، ليتبين لاحقا أن البلاغ كاذب وكيدي. وأن الرجل والمرأة المقبوض عليهما، هما في علاقة زوجية صحيحة، لا تستوجب العقوبة. وتم الإفراج عنهما بعد تقديم الشاي بنكهة النعناع! تتابعت الروايات لمواطنين ومقيمين تعرضوا لقصص مماثلة، لم تتوقف عندها وسائل الإعلام، أو لم يرغب ضحاياها في روايتها حياء وخجلا من تفاصيلها. القصص تتشابه، وتنتهي إلى أن رسالة بلاغ، أو الاشتباه المرسل والناشئ من سوء الظن غالبا، يبرر بقوة- نظام الهيئة- المداهمة وسحب المشتبه بهما إلى المركز. إذ لو كان هذا السلوك من الهيئة ممنوعا وغير مسموح به، حين إذ يصبح التسيب وانعدام الانضباط في سلوك الموظفين قد بلغ منتهاه. وبما لا يجوز السكوت عنه أمام تصرفات تمس بشكل مباشر، كرامة المواطنين، وأعراضهم، وإهانتهم أمام الجميع دون جرم وبلا جريرة. هذا سلوك في أصله غير جائز شرعا؛ لأن الهيئة حسبها المحافظة على البيئة الاجتماعية الطاهرة، وحسبها ملاحقة المنكر المجاهر به صاحبه، ترده، وتعاقبه عليه. أما أن تتبع الناس في غرف نومهم بناء على بلاغات تأتيها، أو تلاحق المواطنين في خلواتهم، رغبة في القبض عليهم، وهم على ذنب استتروا به، وتباعدوا عن الخلق في الوقوع فيه، فهذا ما لم يجيزه أحد من قبل هيئتنا الموقرة، ولم يرتضه خيرة من حكم العباد لنفسه، غير المسؤولين عن جهاز الهيئة هذا. يزيف البعض المفاهيم، حتى يظهرك وكأنك تغري بالفساد، أو تحرض عليه، إن لم تتركه يقوم بوظيفة الخالق على الخلق. وهذا ضلال مبين. لقد قلب التشدد عندنا القيم الإسلامية العليا، وقلب الدلالة الأخلاقية للإسلام. فالشريعة التي تجعل التجسس على الناس تتبعا للقبيح منهم محرما، والشريعة التي تجعل إشهارك، وعدم سترك للذنب الذي زال ستره جريمة كبرى، ويعجل الله لك عقوبتها في الحياة الدنيا، ويخزيك بها في الدار الآخرة، حتى إنه جعل الشهادة الموجبة لثبوت الزنا ضعف الشهادة في ثبوت قتل النفس المعصومة التي حرمها الله، وقيدها بشروط ممتنعة عادة، وشبه مستحيلة اجتماعيا أربعة شهداء، وهذا ممتنع أن يتحقق وأن يكون في الواقع، كراهة لله في ثبوته، ورغبة منه في عدم تمامه، رحمة منه للخلق، ومحبة منه للستر على العباد، ولما يترتب عليه من عظيم الآثار، وعظيم الضرر. الهيئة لديها، اقتحم عليه بابا ثم بابا ثم بابا حتى تقبض عليه متلبسا بالجرم المشهود، ثم يُشهر به على رؤوس الأشهاد، ويستجلب للمحاكم، وتنهدم البيوت فوق أصحابها، ويكون هلاك أرواح وأنفس كثيرة، بما لا حياة بعدها! وهذا كله لأن هيئة الأمر بالمعروف رغبت فيما لم يرغب الله ولا رسوله فيه، وهو هتك حجاب الستر عن الخلق وعن المسلمين وهم مستترون بذنوبهم وسيئات أعمالهم. وحيث إن الرجاء قد تكرر بما لا أذن تلتقطه، ولا رشد يتمعن في معناه، فاجعل بابك من حديد، فقد يأتيك بلاغ بياتا وأنت نائم.. فيحتسبون لله في جرك مهتوك الستر وزوجتك إلى الهيئة بما لا ينفعك عذرك بعد تمام فضيحتك أمام جيرانك وسائر الناس.