موقع دوت مصر سارة مطر كاتبة وروائية سعودية معروفة نشرت مقالا مسهبا مطلع هذا الأسبوع في صحيفة الوطن السعودية تنتقد فيه الدكتورة بدرية البشر. بدرية البشر ناشطة سعودية وروائية وكاتبة، تكتب في كبريات الصحف السعودية بشكل يومي، وأيضاً تقدم برنامج #بدرية الأسبوعي على الMBC . الدكتورة بدرية منتشرة تماماً وصوتها مسموع باستمرار لذلك هي واضحة ولا مجال للاستتار. عندما يكون الشخص منتشرا إلى هذا الحد فإن التصيد له سهل لأنه من كثر ما يتكلم لا بد وأن يخطأ ولو زلة لسان على الأقل. حين تُخصص صحيفة كبيرة ومحترمة، كالوطن السعودية، مساحة لمقال طويل ينتقد شخص معين بالاسم، فإننا نتوقع أن يكون هناك وجهة نظر فيها شيء من المنطق سواء اختلفنا أو لم نختلف معها. عنوان مقال سارة مطر شدني كثيراً "ماذا تريد بدرية البشر منا؟" حتى أني قرأته في ظروف حرجة جداً (الصباح وأنا أجهز ابنتي الصغيرة للمدرسة).* تحدثت سارة عن زيارة جارتها "الوافدة العربية" كما وصفتها لهم في منزلهم ومشاهدتها لبرنامج بدرية وتعليقها عليه. الوافدة العربية، والتي اتضح أنها لبنانية اسمها مايا وتمتلك صالون تجميل استفزت سارة الفتاة الوطنية بحديثها عن الشأن السعودي مما جعلها تسجل مجموعة من النقاط. تعتقد سارة أنه لا يحق للبنانية ولا المصري الذين يعيشون بيننا في السعودية التعليق من باب "كول عيش وخليك قافل بؤك". النقاط الأساسية التي سُجلت ضد بدرية والتي ذُكرت في المقال هي: - لماذا "الوافدة العربية" تتابع برنامج بدرية؟ - لماذا "الوافدة العربية" تتحدث عن برنامج بدرية؟ - لماذا "الوافدة العربية" لا تتابع برنامج داود الشريان؟ - كيف استطاعت "الوافدة العربية" فهم برنامج بدرية بالرغم من أنه يناقش مشاكل المجتمع السعودي؟ أسئلة من العيار الثقيل سأجتهد للرد عليها... "الوافداة العربية" فهمت كلام بدرية لأن "الوافدة العربية" تتحدث العربية وبدرية البشر تتحدث العربية أيضاً... تكبير "الوافدة العربية" تهتم بأخبار السعودية لأنها تعيش في السعودية... تكبير "الوافده العربية" تتحدث عن أخبار السعودية معك لأنك سعودية ولكنها تتحدث عن أخبار لبنان مع جارتها الثانية اللبنانية... تكبير طرحت سارة نقاط أخرى مهمة مثلاً... - لماذا لا تفتتح أو تُنهي بدرية برنامجها بعبارة "بحبك يا سعودية 3 3" كما يفعل وائل الإبراشي (مع أنه لا يفعل)! - لماذا مصطفى عامل صيانة المكيفات المصري الذي تتعامل معه عائلة سارة يعرف معدلات الطلاق في السعودية؟ اضطررت إلى الاستعانة بصديق للرد على هاتين النقطتين بالذات... بدرية لا تقول بحبك يا سعودية في برنامجها لأنها حرة تقول ما تشاء... تكبير بدرية تعبر عن حبها للوطن بالطريقة التي تناسبها وليس من الضروري أن تفعل كما يفعل وائل الإبراشي، لأنها ليست مسخا تقلد وبس ولكنها شخصية أصيلة تُقَلد ولا تُقلِد. بدرية ظهرت ورفعت صوتها في وقت كانت المرأة السعودية مقموعة تخاف حتى أن تتحدث وتريدين منها أن تقلد؟ أما بخصوص إطلاع مصطفى المصري على أحد أسرارنا القومية (معدلات الطلاق) فمعك حق وأقترح إعدامه حتى لا يتسرب السر لجهات معادية ويُستغل. تعتقد سارة أنه لا يحق للبنانية ولا المصري الذين يعيشون بيننا في السعودية التعليق من باب "كول عيش وخليك قافل بؤك" وتجزم ب "أن معظم الوافدين يرغبون اليوم قبل غد في الحصول على الجنسية السعودية لو تسنى لهم ذلك، رغم كل ما يقولونه أو يسمعونه من البرامج ذات الضغينة!". هذا الكلام منقول نصاً من مقالها. تقول لا يحق للبنانية الانتقاد لأن لبنان فيها طائفية ولا يحق للمصري الانتقاد لأن مصر كلها مصايب ولأننا كما تقول "في كل ساعة يتناهى إلى مسامعنا عدد من الانفجارات والاغتيالات لجنود وعساكر شرطة" مصريين. وبأن سواقين الباص عندهم بياكلوا برشام ومدارس الأطفال في مصر بتتحرق لذلك يا مصطفى يا مصري لا يحق لك أن تقول إن معدلات الطلاق في السعودية مرتفعة! ثم تعقب وتقول طيب حتى الكويت عندهم طلاق بعد يعني مش إحنا لوحدنا اللي وحشين. يا أجنبي كل عيش وأنت قافل بؤك كأننا ماسكين عليك زلة أو كأنك عايش سفلقة على الحكومة السعودية ولا تعمل وتكسب بعرق جبينك وتساعدنا (مشكوراً) في سد حاجات البلد وبنائها. لغة متعالية مليئة بالاحتقار للمغتربين الذين يعيشون بيننا ويعملون معنا يداً بيد. النقطة الوحيدة التي طرحتها وفيها شوية منطق بالرغم من بدائيتها هو أن برنامج بدرية (كما كل برامج التوك شو) فضحتنا. ولا أعلم مالذي تقترحه كحل لهذه المشكلة؟ مثلاً أن يكون الدخول لمشاهدة البرنامج عن طريق رقم البطاقة المدنية؟ بالمناسبة الدكتورة بدرية البشر جذبت الأجانب والسعوديين لأن لغتها مفهومة للجميع وأسلوبها سلس وهذه نقطة تحسب لها وليست ضدها. أما الأستاذ القدير داوود الشريان فحتى أنا كسعودية أواجه صعوبة أحيانا في فهم لهجته المحلية جداً. من حق كل شخص أن يعلق على ما يريد ويذكر ملاحظاته. لبنان فيها طائفية وحروب وفيها أيضاً فن وأشهر مصممي الأزياء والمكياج والمطربين والشعراء والكثير جدا جدا من الرقي والحضارة. مصر فيها سواق باص مبرشم وفيها دكاترة ومهندسين وأطباء وعبد الحليم وأم كلثوم والسمباطي ويوسف زيدان وزويل وآلاف المثقفين والمفكرين. الوطنية لا تعني أن نجرح الآخرين أو نُسيء الأدب معهم! لغة متعالية ونقد يدل على ضحالة فكر. المقال هذا هو حفلة تأبين لسارة مطر ككاتبة الله يرحمها بقى دي كانت طيبة أوي. أعتذر بالنيابة إن كان مقال سارة ضايق أي من أخوتنا المغتربين والذين يعيشون بيننا وهم منا ونحن منهم وأقول لصحيفة الوطن السعودية ياعيب الشوم! *مقال الكاتبة سارة مطر في صحيفة الوطن: ----------------------------------------- ماذا تريد بدرية البشر منا؟ "كثيرون من الوافدين مهتمون ببرنامج "بدرية"، متناسين وجود برامج مماثلة مثل: "الثامنة"، و"بدون شك"، وكلاهما يناقشان قضايا المجتمع السعودي، ولكن يبدو أنهم يحبذون برنامج "بدرية"، لأنها تغرز نصل السكين إلى نهايته في جسد المشكلة بطريقة "دراماتيكية"" جاءت لزيارتنا جارتنا اللبنانية التي افتتحت مؤخراً صالوناً صغيراً، بدت سعيدة وبهية، وهي تشرب قهوتها وتضع ساقاً فوق ساق، وفجأة بدأت تتحدث بشغف ظاهر عن برنامج "بدرية"، الذي يعرض مساء كل سبت على شاشة الMBC، ترى ما الذي يدعو وافدة عربية إلى أن تتحدث عن البرنامج؟ وتصل إلى تحليل كامل التفاصيل التي تطرقت إليها الإعلامية الشهيرة في برنامجها، رغم أن كل القضايا تتعلق بالمجتمع السعودي، وهذا ما جعلني في مأزق نفسي، فالسيدة "مايا" لم تكن تتحدث عن قضايا وطنها الكثيرة والمتشعبة من بطالة وعنوسة وارتفاع أسعار البنزين، وفحش أسعار الشقق السكنية، فنحن نلحظ بشكل عام أن الهم والوضع العربي شبه متشابه، مع اختلاف في بعض الفروقات، الجميع يعاني من بطالة تختلف نسبها من وطن إلى آخر، الجميع يندد ويهدد بسبب ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، لبنان على سبيل المثال يعاني من طائفية حمقاء واضحة مثل الشمس، فلا أحد يأتي ليزايد على وطني، ورغم أن مشاكلنا وعلى الأخص فيما يتعلق بالطائفية محصورة في مناطق محددة ومعروفة للعيان، لكننا ولله الحمد نعيش في وطن آمن، يحترم ملكه وولي أمره وحكومته، مع وجود الكثير من التحفظات على عمل بعض الوزارات، لكننا لم نصل إلى ما وصل إليه لبنان، من قتل وتدمير، وأيضاً لم نصل للحال الذي وصلت إليه مصر الحبيبة، ففي كل ساعة يتناهى إلى مسامعنا عدد من الانفجارات والاغتيالات لجنود وعساكر شرطة. جارتنا الكوافير "مايا" ليست هي الوحيدة المهتمة بمتابعة برنامج "بدرية"، لكن أغلب الوافدين العرب يشعرون بأنهم يفجرون الكبت بداخلهم، حينما يتسنى لهم أن يشاهدوا إعلامية سعودية، تقوم بسن السكين وتقطيع قضايا وطنها بسخرية مريرة ولاذعة، وكأن المجتمع السعودي النسوي قد توقف عند الرغبة المحمومة في حضور المباريات، كما تشير البشر عبر برنامجها، دون وعي منها بأن لكل مجتمع قانون وخطوط لا يمكن لأي فرد تجاوزها. "مصطفى" عامل الصيانة الذي نتعامل معه بشكل مستمر، حينما جاء إلى البيت ليشرف على صيانة عمل أجهزة التكييف، سألني بلهجة مصرية لذيذة "أيه الأرقام الفلكية دي يا مدام سارة، هو صحيح نسبة الطلاق عندكم بالصورة دي، أصلي بتابع برنامج الست بدرية وبصراحة الله يكون في عونكم"، شكراً مصطفى على مشاعرك الكبيرة تجاه ما يحدث من نسب زواج وطلاق كبيرة، وأيضاً أنا أشعر بالأسى لذلك، كما وأني أشعر بكثير من الأسى لما يحدث في وطنك، وآخرها احتراق باص مدرسة، وذهب ضحية الحادث عدد من الأطفال الأبرياء، وكل ذلك نتيجة تعاطي سائق الباص "لبرشام"، أنا لا أتعامل مع الوضع، "عيب وأنا عيب"، ولكني أود أن أوضح لجميع الوافدين الذين يجدون بهجتهم بمتابعة قضايا الوطن الذي استقبلهم بمحبة كبيرة، وأعطاهم الحرية في كسب العيش الطيب الحلال من دون ضغينة، أن جل ما يقوم به هذا الوطن، أولاً وأخيراً -وربما يأتي قبل المواطن السعودي- هو المحافظة على أرواح الوافدين وممتلكاتهم دون تفريط. لدينا في المجتمع السعودي مشاكل لا حصر لها ولا يمكن لنا نكرانها، ولا يوجد أي مجتمع عربيا كان أم غربيا، لا توجد لديه مشاكل مختلفة ومتنوعة، لا يوجد مجتمع يعيش في بحبوحة العيش وهو راض تمام الرضى عن الحكومة وعن أجهزتها، ولكني أكاد أن أقول إننا بفضل الله نعيش ضمن نطاق مشاكل قابلة للحل، وليست أمورا عالقة لا يمكن الوصول لحل لها عاجلاً أم آجلاً. الغريب أن الكثيرين من الوافدين مهتمون ببرنامج "بدرية"، لكنهم يتناسون أن هناك برامج مماثلة مثل برنامج "الثامنة" مع داود الشريان، وبرنامج "بدون شك" لمحمد الحارثي، وكلاهما يناقشان قضايا المجتمع السعودي، ولكن يبدو أن الوافدين العرب يحبذون برنامج "بدرية"، لأن الأستاذة البشر تحاول غرز نصل السكين حد نهايته في جسد المشكلة بطريقة "دراماتيكية" جداً، وكأنها مشكلة عصية جداً، وتهدد الأمن القومي لأفراد المجتمع، وخصوصاً حينما تحدثت عن نسب الطلاق التي تحدث في المجتمع، والتي أعطتني مشاعر زائفة بأن البيئة السعودية يمكن لها أن تتحول إلى دمار شامل وفتاك، وأنا أحب أن أوضح أن هناك نسب طلاق عالية جداً في دولة الكويت على سبيل المثال، وعنوسة مرتفعة في عدد كبير من الدول العربية. وبدرية البشر ليست هي الإعلامية التي تقدم مثل هذه البرامج، فنجد مثلاً محمد سعد وخيري رمضان ووائل الإبراشي، لكن الفرق بين البشر وبين هذه الكوكبة، أنهم رغم كل ما يقدمونه من دلائل واقعية على نسبة الأضرار والتخلف الموجود في وطنهم، تجدهم بين كل سطر وسطر، يفزع أحدهم ليقول: "بحب مصر"، "بحب وطني جداً"، ما عدا "البشر" التي لم أسمعها مرة تقول: "بحب السعودية"؟ أين المشكلة إذاً في "البشر".. أم فيما تقدمه للمشاهدين الملايين، الذين يجدون في مشاكل وطني فرصة للتنفيس؟ وأنا أتحدى وبكامل قواي العقلية أن معظم الوافدين يرغبون اليوم قبل غد في الحصول على الجنسية السعودية لو تسنى لهم ذلك، رغم كل ما يقولونه أو يسمعونه من البرامج ذات الضغينة!