الحياة - سعودي قد تكون النصيحة الأولى التي أقدمها لزملائي الخريجين حديثاً من كليات الشريعة والقانون هي: «مرحباً بك في الواقع». هنا حيث يُنتظر ما الذي تقوله كدعوى أو إجابة لتبنى الأحكام عليها، هنا حيث الاستشارات القانونية التي يطّلع عليها قياديّ الشركات وأعضاء مجالس الإدارة، وكل كلمة فيها تنتظم مع أختها لتشكّل الرأي القانوني الذي سيبني مستقبل الشركة، هنا حيث تكون الأخطاء محسوبة ومحل تأثير في مهنتك وعملك وعميلك وآثارها لا يتعدى على الدرجات إنما على الأرصدة. في تقديري أن الجلوس على مقاعد الدراسة يحقق الحد الأدنى من المعرفة العلمية، لكن لا غنى عن الخبرة العملية من خلال الدورات التدريبية والاطلاع على الأحكام القضائية وتنمية المهارات الشخصية كحسن الصياغة وأدوات التواصل، والمتابعة المستمرة لتحديثات الأنظمة وغيرها من شؤون لا تُدرّس في الكتب. ولعل أعظم ما يغفل عنه الخريجون حديثاً الراغبون في المضي قدماً في مهنة المحاماة تحديداً أنه لم يبدأ محامٍ بأعلى من مهمة متابعة سير المعاملات في المحاكم والدوائر الحكومية، وكثير من المحامين النجاحين -إن لم يكن كلهم- كانت بدايتهم كذلك، متضمنة كثيراً من ضغط العمل وقلّة الأجر، لكن مع باب واسع لاستقاء الخبرة والمهارة التي هي محل فائدة وتأثير مستقبلاً، ولاسيما إذا كان العمل مع محامٍ له باع طويل في المهنة. ولعل أهم ما أوصي به في هذا الباب هو عدم الاستنكاف من التعلّم، فكثير من أعمال المهنة تصقلها الدربة، ويحسنها التكرار والمراجعة والمشاورة بما يتحقق معه بذل الجهد والعناية حتى يكون المرء في مصاف المحامين المتمكنين. * محامٍ ومستشار قانوني [email protected]