مكة أون لاين - السعودية مبدأ استقلال القضاء هو أحد مفاخر النظام الأخلاقي الغربي (الغربي: وصف عام لتلك المجتمعات التي تجمعها صفة أنها ورثت التراث اليهودي - المسيحي من ناحية، والتراث اليوناني - الروماني من ناحية أخرى)، ومن المعروف اليوم أن استقلال القضاء هو أحد دعائم استقرار المجتمع الحديث وضمان تحقق الأمن بمعناه الواسع: الشعور بالأمن، أن يعيش الفرد في المجتمع وهو على ثقة بأنه آمن، وأن العدالة في المجتمع متحققة. والشعور بالأمن هو أحد الحاجات الأساسية للفرد والتي في حال انعدامها أو اهتزاز ثقة الفرد بها، تثير عدم الارتياح لديه وتستحوذ على جزء من تفكيره لتعبئة السلوك نحو إشباعها بطرق أخرى مثل تهديد أمن الآخرين. بذلك يمكن أن يكون التطرف والعنف مثلا ردة فعل على غياب الأسس الأخلاقية لبناء المجتمع ومنها مبدأ استقلال القضاء. ليست هذه محاولة لتقديم تفسير نفسي لظاهرة معقدة مثل التطرف الذي يقود للعنف خارج المؤسسات الدستورية، ولكن ما علينا إدراكه هو أن الفرد في المجتمع يعيش دائما وفي كل لحظة في سياق نفسي. سألت صديقا متخرجا في قسم التاريخ (أي بالمعدل المتوسط من المعرفة بالقانون وفلسفته الذي نمتلكه جميعا) لماذا في رأيك يجب أن يكون القضاء مستقلا؟ وبدون تفكير رد: ليكون عادلا ولا تسيطر عليه فئة في المجتمع فيكون مجرد أداة لها للسيطرة على الآخرين وتحقيق مصالحها الخاصة فتضيع العدالة ويختل المجتمع. والحق أنه مهما تكن معرفتنا بفلسفة القانون فإن هذا هو لب أهمية أن يكون القضاء مستقلا. من المهم أن يكون القضاء بكل مؤسساته (أي مؤسسات حماية العدالة في المجتمع) وقرارات القضاة وأحكامهم مستقلة ومتحررة من أي تأثيرات - غير ما يستندون إليه من نصوص القانون - وبعيدين عن أي ضغط على عملهم سواء من قبل الحكومة (السلطة التنفيذية في المجتمع) أو مجموعات الضغط التي لها مصالح أو حتى الإعلام. ففي مجتمع اليوم أصبحت القضايا ليست حصرا بين مواطن ومواطن ولكن قد تكون بين الحكومة ومواطن لذلك فإن استقلال القضاء (السلطة القضائية في المجتمع) عن الحكومة أمر بالغ الأهمية. إن مسؤولية القضاء هي تحقيق العدالة في المجتمع ولذلك يجب أن يعمل القضاة باستقلالية تامة عما يمكن أن يؤثر في قراراتهم وفي ذلك ضمانة لاستقرار المجتمع.