الاقتصادية - السعودية قامت شركة "جوجل" بطرح منتج جديد عبارة عن نظارات ذكية تحتوي على حاسوب وشاشة صغيرة ويتم التحكم فيها من خلال الأوامر الصوتية، وهي بذلك تستخدم تقنية الواقع المحسن Augmented Reality، وهذا المنتج صرف عليه من الوقت والمال الشيء الكثير ومر على مراحل طويلة من الأبحاث والتطوير، وهو منتج لم يطرح في الأسواق بشكل واسع بل محدد لفئة معينة من المختصين من أجل التجربة وذلك مع بداية سنة 2014م، ولكن للعلم فالمنتج تم البدء بتجربته منذ 2012م، ثم مر بعد ذلك بعدد من المراحل التطويرية لتعديل الملاحظات. وهو بلا شك يعتبر ثروة علمية ستؤدي إلى تغيير كبير في أسلوب الحياة وسوف تحقق منه شركة جوجل أموالا طائلة. لننتقل الآن إلى الصعوبات التي توجه هذا المنتج التقني الحديث وخاصة القانونية منها، وهي التي أدت إلى تأخر طرح هذا الابتكار بشكل واسع في الأسواق، حيث تضع شركة جوجل في الحسبان التبعات القانونية المترتبة على هذا المنتج، وتكمن صعوبة الموضوع في عدم القدرة على تحديد عدد الانتهاكات القانونية التي قد تتم من خلال استخدام هذه النظارات. فقد يؤدي استخدام هذه النظارات إلى انتهاك الخصوصية والذي يعاقب عليه القانون، وحسب ما تم ذكره من خصائص موجودة في النظارات فهي قادرة على التسجيل المرئي (الفيديو) والصوتي، لذا فإن دخولك البنوك أو المستشفيات أو بعض المحال التجارية وأنت ترتدي هذه النظارات يعتبر انتهاكا للخصوصية ويضعك تحت طائلة الاتهام والمحاسبة، ولك أن تتخيل استخدام هذا المنتج لدينا في السعودية، وهي البلد التي تتمتع بمعيار عالٍ من الخصوصية. وهذا المنتج الحديث له عقبات قانونية أخرى مرتبطة بالجانب الأمني، فكما قلنا بأنه يقبل التسجيل الصوتي والمرئي وتحليل الصورة والصوت في الوقت نفسه نظرا لاحتوائة على حاسوب وارتباطه المباشر بالإنترنت، فبإمكانك أن ترى تقريرا كاملا عن أي شيء تراه أمامك، ولك تخيل أثر ذلك عند دخولك المنشآت الحكومية، فمجرد مرور هذه النظارات على مستند لمدة جزء من الثانية فهو كاف لأخذ صورة من هذه الوثيقة حتى وإن كانت ملقاة على المكتب، وبإمكان النظارات تسجيل أي حوار يحصل بالصوت والصورة وأنت تسأل الموظف عن معاملة بسيطة. أما ما يتعلق بجانب السلامة العامة، فإن هذا المنتج قد أثار فعلا بعض القضايا القانونية في الولاياتالمتحدة بشأن استخدام هذه النظارات أثناء قيادة السيارة، فهو أكثر إشغالا من الهاتف الجوال الذي يمنع القانون استخدامه أثناء القيادة ويعاقب عليه، لأنك ببساطة يمكنك أن تشاهد التلفزيون بحجم (25) بوصة وأنت تقود السيارة. وأخيرا فإن هذا المنتج يساعد على سرقة الملكية الفكرية واستنساخ الأشكال والأفكار الإبداعية من تصاميم موجودة في المحال التجارية أو معروضة في المعارض. ومما تم استعراضه من عقبات قانونية، فإن المسائل القانونية المتفرعة من الحالات السابقة والمتمثلة في انتهاك الخصوصية، والأمن، والسلامة العامة، وأخيرا الملكية الفكرية، فهي تعتبر مسائل كثيرة لا يمكن حصرها ويصعب التكهن بعواقبها. وهذا ما جعل شركة جوجل في حرج، فالمنتج يعتبر ثورة علمية سوف تجني منها ثروة طائلة، وبالمقابل هناك العديد من المسائل القانونية الشائكة والتي ستبقى عقبة على مستخدم هذا المنتج. فبإمكان الشركة إذا طرحت المنتج أن توضح أن استخدام هذا المنتج قد ينتهك عددا من المسائل القانونية، وبذلك تبرئ ساحتها من المساءلة القانونية وتنقل المسؤولية للمشتري، لكن المشتري لن يُقدم على شراء منتج لا يعرف حدود هذه المسؤولية، لذا قد يحجم الكثير عن شرائه، وبذلك آثرت شركة جوجل بحث هذه المسائل وأخذ موافقة من أغلب الجهات ذات العلاقة ويدعمها في ذلك طاقم من أساتذة القانون والمحامين من أجل التخفيف من آثار هذه الانتهاكات. وختاما، يجب الاعتراف بأن القوانين بطبيعتها بطيئة التطور، بل يرى كثير من فقهاء القانون أن هذا البطء ضروري لاستقرار التعاملات والتشريعات، ولكن في المقابل هناك علوم أخرى سريعة التطور مثل علوم التقنية، وبناء على ذلك فإن هناك سؤال يجب أن يجد الإجابة: أي من هذين العلمين سيخضع للآخر؟ هل ستتطور التشريعات والقوانين بسرعة تطور علوم التقنية نفسها، أم سوف تتباطأ علوم التقنية بوتيرة علم القانون نفسها؟