مكة أون لاين - السعودية عشنا على مدى العقود الأربعة الماضية حروباً متتالية مسرحها الأساسي أراضينا نحن المسلمين.. بدءًا من الغزو الروسي لأفغانستان 1979م والذي استمر حتى أواخر الثمانينات وانتهت بهزيمة الروس وانسحابهم من أفغانستان لتتسارع بعدها عجلة تفكك الاتحاد السوفيتي أواخر عام 1991م، ويغيب النظام الدولي القائم على قطبين ويُسدل الستار على ما سمي بالحرب الباردة بينهما.. فاستفرد القطب الأوحد أمريكا وحلفاؤها الغربيون بالمسرح الدولي وعاثوا فيه فسادًا وُجّه جله للعالم الإسلامي، الذي رأوا فيه العدو بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. بالطبع بُعيد بدء غزو أفغانستان أُشعلت شرارة حرب الخليج الأولى 1980م بين العراق وإيران .. وما إن انتهت حتى بدأت مقدمات حرب الخليج الثانية باحتلال الكويت في أغسطس 1990م، لتنطلق مطلع عام 1991م .. في عام 1992م اشتعلت حرب البوسنة، وبعدها بعامين اشتعلت حرب الشيشان الأولى في 1994م واستمرت حتى عام 1996م، لنطلق من جديد في عام 1999م. بعد ذلك جاءت أحداث 11 سبتمبر 2001 لتمهد للحرب العالمية الأولى على الإرهاب بقيادة أمريكا - التي زل لسان الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن بأنها حرب صليبية - فبدأت بغزو أفغانستان عام 2001، ثم غزو العراق في عام 2003م. في عام 2006م شنت إسرائيل حربها على لبنان بمعاونة معلنة من أمريكا، في عام 2007م عمدت أمريكا إلى ضرب استقرار الصومال النسبي للمحاكم الإسلامية. وفي عام 2008م شنت إسرائيل حربها الأولى على غزة بعد انسحابها منها، وفي عام 2012 شنت حربها الثانية، وفي العام الحالي 2014م شنت حربها الثالثة. ولعل أبرز وأطول هذه الحروب ما سمي الحرب على الإرهاب الذي تمثله القاعدة، وهدفها الأهم هو القضاء على القاعدة، وكما جاء في ويكيبيديا: استنادا إلى منشورات معهد الدراسات الاستراتيجية وهو معهد بريطاني تأسس عام 1958 فإن الأهداف الرئيسة للحرب على الإرهاب يمكن تلخيصها بالنقاط التالية: قطع الملاذ الآمن للإرهابيين للحيلولة دون إنشاء معسكرات تدريب أو رص صفوف أعضاء ما يسمى بالمجموعات الإرهابية. قطع تدفق الدعم المالى لما يسمى بالمنظمات الإرهابية. إلقاء القبض على المشتبه بانتمائهم إلى ما يعدّ مجاميع إرهابية. الحصول على المعلومات بطرق مختلفة مثل الاستجواب والتنصت والمراقبة والتفتيش. تحسين مستوى أداء أجهزة المخابرات الخارجية والأمن الداخلي. تقليل أو قطع الدعم من المواطنيين المتعاطفين لما يسمى بالمجموعات الإرهابية عن طريق تحسين المستوى المعيشي وتوفير فرص العمل. الاستعمال الكثيف لأجهزة التنصت لكي يكون اعتماد ما يسمى بالمجاميع الإرهابية على الوسائل البدائية البطيئة في التواصل ونقل المعلومات. إقامة علاقات دبلوماسية متينة مع حكومات الدول التي تشكل جبهة للحرب ضد الإرهاب. ولو تأملنا نتائج الحرب على الإرهاب سنجد أنها تتلخص فيما يلي: احتلال أفغانستانوالعراق وتدميرهما وتفكيكهما. استنزاف طاقات وثروات شعوب دول الخليج. تجريم المقاومة والجهاد والمجاهدين ووصمهم بالإرهاب وإدخال الدول التي قدم منها المجاهدون في مواجهات دامية معهم. كسر الحلف التاريخي بين الجزيرة العربية والشام ومصر وبدء خطوات إضعاف أطرافه، وذلك بدءًا من حادثة اغتيال الحريري. حصار غزة. نقض استقرار أفغانستان. نقض استقرار الصومال. العمل على إضعاف اليمن وتفكيكه وتسليمه لإيران كما سُلّم العراق من قبل. الخسائر البشرية تُعد بالملايين على امتداد العالم الإسلامي جلهم مدنيون أبرياء وهي خسائر تفوق خسائر ما وُصف بالعمليات الإرهابية بمراحل كبيرة. وبرغم كل هذه النتائج الكارثية على أمتينا العربية والإسلامية فإن الهدف الأهم للحرب على الإرهاب وهو القضاء على القاعدة لم يتحقق، بل العكس هو الصحيح إذ تمددت القاعدة من العراقوأفغانستان إلى الشام وجزيرة العرب والمغرب العربي، وأقامت لها دولة مترامية الأطراف في العراق والشام.. فماذا بعد هذا الفشل الذريع؟ وما المرجو من الحرب العالمية الجديدة على الإرهاب؟ أهو المزيد من الإنهاك والتفكيك لدول المنطقة وتوسيع رقعة الفوضى في ربوعها؟ أليس من الحكمة التوقف عن تجربة الفشل المجرّب؟ هذه دعوة للتأمل والتبصُّر.