مكة أون لاين - السعودية نحن في المملكة بحاجة ماسة إلى جهة متخصصة لقياس الرأي العام، حيال القضايا العامة التي تحدث سواء كانت داخلية، أو خارجية ويكون لها صداها بين السعوديين أو بين بعضهم. قياس الرأي العام المنهجي، وإعلان نتائجه أولا بأول، يقطع دابر الوهم والشائعات، والتقارير الانطباعية التي تفاجئنا بين الحين والآخر، عبر وسائل الإعلام الأجنبية، أو العربية، أو حتى المحلية، وهذه التقارير الإعلامية لا تستند إلى معلومات بقدر ماهي انطباعية في ضوء ما توحي به وسائل التواصل الاجتماعي، التي تدور في ميادينها معارك طاحنة بين قلة من هنا وأخرى من هناك، وتصور الوضع، وكأنه مؤشر لحقيقة المجتمع السعودي كله، بينما الواقع ليس كذلك. خذ مثلا، موقف السعوديين من الحرب على عصابات (داعش) في العراق والشام، وهي حرب تؤيدها حكومة المملكة، بل ودعت إليها، وتشارك فيها، ضمن تحالف دولي بقيادة أمريكا، كانت المملكة هي الداعي والداعم الأول والأساسي لتكوينه، من أجل القضاء على الإرهاب. هذه حقيقة، لكن على شبكة التواصل الاجتماعي (تويتر خاصة) تجد أن عددا من السعوديين، بعضهم باسمه الصريح، وبعضهم باسم مستعار، يشجبون هذه الحرب، ويصفونها بأقبح الصفات، ويطالبون، بل وبعضهم يهدد المملكة، بسبب مشاركتها في الحرب، ويختلقون الأكاذيب، ويروجون لشائعات، حول امتناع طيارين سعوديين عن المشاركة، وهم واهمون وكاذبون، لكن من يتابع هاشتاقاتهم، وتغريداتهم المكثفة، وكثرة حساباتهم التي يمتلك بعضهم منها عشرة حسابات أو أكثر بأسماء مختلفة، الذي يتابع كل ذلك، خاصة من خارج المملكة، قد يتصور أن الشعب السعودي منقسم على نفسه، وقد يتكون لديه انطباع أن نحو نصف الشعب يعارض قرارات الدولة في محاربة الإرهاب، وبالتالي فهو مجتمع إرهابي. الواقع، وهذا انطباعي الشخصي، أن لدينا متطرفين ومؤيدين ومنتجين للتطرف، ولدينا دواعش حقيقيون في الداخل غير أولئك الذين التحقوا بالتنظيم وحملوا السلاح ومزقوا جوازاتهم أمام الكاميرات، وهددوا وطنهم علنا، وشتموا قيادته، لكن في تصوري الشخصي أن كل هؤلاء المتطرفين والداعشيين والداعمين لهم والمتعاطفين معهم لا يمثلون نسبة بارزة في الشعب السعودي مهما علا صوتهم، وتوهم أي أحد كثرتهم. صحيح أنهم مزعجون وخطيرون والقضاء على فكرهم ووأده واجب وطني عام، وهو مهمة مؤسسات الدولة كلها، والمجتمع بكافة أطيافه وفئاته، لكن لا بد من دراسات منهجية دقيقة محايدة تحدد نسبة هؤلاء في المجتمع السعودي، حتى يمكن للكل معرفة حجم هؤلاء الشواذ، وأتذكر أن حملة (السكينة) أعلنت منذ أشهر عن قيامها بدراسة من هذا النوع، لكنني لا أعرف مدى قدرة الحملة على ذلك، من حيث إمكانياتها المادية والبشرية، وهي لم تعلن ماذا فعلت حتى الآن. أي جهة محايدة مؤهلة لرصد الرأي العام، لن تخدم الوطن في موضوع (داعش) فقط، بل في كل قضية مهمة تثور حولها جلبة من فئة قليلة أو كثيرة، ونراها في مواقع التواصل وفي بعض المنابر، وتوحي بأنها تمثل المجتمع كله، فهل مجتمعنا كله (داعشي) رافض لأي تطوير؟