مكة أون لاين - السعودية نشرت صحيفة مكة يوم الثلاثاء الماضي تقريرا على صفحتها الأولى بعنوان «أسبوع تنفيذ أحكام القتل للجرائم البشعة»، بيّن الأحكام التي نفذتها وزارة الداخلية خلال أسبوع واحد على أشخاص ارتكبوا جرائم بشعة، وصدرت بحقهم أحكام بالقصاص والتعزير، في قضايا تضمنت قتل الزوجات والأبناء والفاحشة والتمثيل بالجثة وممارسة أعمال السحر وتهريب المخدرات. وفي اليوم نفسه نشرت صحيفة عكاظ مصادقة محكمة الاستئناف على الأحكام الصادرة عن المحكمة الجزائية ببريدة بحق 5 مواطنين، بعد أن قبض عليهم يحتفلون بليلة ما يسمى (عيد الحب)، بالسجن مددا تراوحت بين 5 و10 سنوات وما مجموعه 8000 جلدة. وفي اليوم التالي نشرت صحيفة الحياة الحكم النهائي الذي أصدرته محكمة الاستئناف الإدارية بمنطقة مكةالمكرمة، والقاضي بسجن «أمين أسبق» لمحافظة جدة 8 أعوام وتغريمه مليون ريال بسبب تورطه في قضايا كارثة السيول، وسجن رجل أعمال 5 أعوام وتغريمه مليون ريال، إضافة إلى سجن رجل أعمال آخر 4 أعوام وتغريمه 500 ألف ريال جراء جرائم الرشوة. وقبل ذلك بأيام نشرت صحيفة المدينة حكم المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض بإدانة 4 متهمين بالسجن مددا متفاوتة بين 4 أشهر و34 شهرا، مع المنع من السفر بعد انقضاء مدة الحكم، لإدانتهم باستخراج جوازات مزورة والتنسيق لخروج مواطنين للقتال في سوريا، وتعويض من أمضى منهم في الإيقاف مدة أكثر من العقوبة المحكوم بها. وقبلها نشرت صحيفة سبق الالكترونية نص حكم المحكمة الجزائية بالطائف القاضي بسجن وافد أفغاني، عرف ب»الصربي»، سنة واحدة وتغريمه ألف ريال وجلده 50 جلدة تُكرر ثلاث مرات في فترة سجنه، وذلك بعد تورطه في استدراج الغلمان والتحايل عليهم وافتعال الفاحشة بهم وتصويرهم. شخصيا أجد في مجمل الأحكام الصادرة ما يدعو للحيرة والقلق، خاصة عندما أحاول الفهم وعقد المقارنة بين عقوبة الاحتفال بليلة الفالنتاين والأخرى الداعية لخروج مواطنين للقتال في مناطق النزاع، فكيف تكون الأولى عقوبتها بين 5 و10 سنوات مصحوبة بآلاف الجلدات، والثانية في أقصاها 3 سنوات. وكيف يعقل أن يحكم أحدهم حدا تعزيريا لارتكابه الفاحشة أو ممارسة أعمال السحر أو تهريب المخدرات، فيما يعاقب من ارتكب جريمة اللواط وتصوير المجني عليهم وابتزازهم، بالسجن لمدة عام واحد مع غرامة مالية بسيطة وعدد محدود من الجلدات. حقيقة لا أفهم ما الرسالة التي يمكن أن يستنتجها رجل الشارع البسيط من هذه الأحكام، وهل يمكن منع النفس من الربط بين شدة العقوبة والمحاكم الصادرة عنها؟ الأكيد أن مجلس الوزراء عندما أصدر في أغسطس 2002 قرارا يقضي بتدوين الأحكام القضائية، كان يهدف من ذلك إلى دعم الثقة بأحكام القضاء، وإقناع الناس بتجرد المحاكم وحيادها والتزامها بالقواعد الشرعية. غير أن الأمر وبعد مرور 12 عاما لا يزال يراوح مكانه، فكل ما يستطيع الباحث الحصول عليه هو 3 مدونات تم رفعها على موقع وزارة العدل الالكتروني، في مجمل 1026 صفحة، مع توصية بتوزيعها على جميع القضاة وكبار المسؤولين في الدولة وعلى السفارات بالخارج ووزارات العدل في الدول العربية والإسلامية وكذلك على المهتمين والمختصين في مجال القضاء، دون الإشارة إلى متى وأين وكيف ستدخل حيز التنفيذ.. فهل ستدخل حيز التنفيذ فعلا؟! alnowaisir@