مكة أون لاين - السعودية اليوم يكون قد مضى على اعتماد خادم الحرمين الشريفين للمخطط الشامل لمكةالمكرمة سنتان كاملتان، حيث تم اعتماده بتاريخ 16 رمضان 1433ه. هذا المخطط بدأ العمل عليه بواسطة الهيئة العليا لتطوير مكةالمكرمة والمدينة المنورة برئاسة سمو الأمير متعب بن عبدالعزيز عندما كان وزيرا للشؤون البلدية والقروية، ثم آل إلى هيئة تطوير مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة برئاسة سمو الأمير خالد الفيصل الذي أبدى اهتماما خاصا بالمخطط، برغم أن قناعته كانت في بداية توليه إمارة منطقة مكةالمكرمة بأن منطقة مكة متخمة بالمخططات وأنه آن الأوان للعمل والتنفيذ، إلاّ أنه أكمل المسيرة وتابع حتى استصدر في إحدى ليالي رمضان المباركة اعتماد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله للمخطط. وبرغم احتجاجي المتكرر على عدم إشراك المكيين - أهالي ورسميين - في وضع المخطط، ومطالبتي بإشراكهم في مراجعته وتصويبه، إلاّ أنني فرحت بانتهاء المخطط واعتماده من أعلى سلطة في البلد وهو ما لم يحصل عليه مخطط أي مدينة أخرى؛ ولكن، كما يُقال: يا فرحة ما تمت.. إذ ما لبث أن دخل في دهاليز البيروقراطية واستقر على الرفوف ولم يتم تفعيله وإلزام الجهات العاملة في مكة بمحدداته حتى الآن، وكأنك «يبو زيد ما غزيت» .. وهو ما يثير دهشتي من زاويتين، الزاوية الأولى هي فارق حماسة القائمين على المخطط بين فترة إعداده واعتماده، وحلول وقت تطبيقه! وأما الزاوية الأخرى فهي أن يتم تجاهل الجهات المعنية تطبيق مخطط اعتمده خادم الحرمين الشريفين وهو، بالمناسبة، من أمر بوضعه أصلا عندما أمر بتأسيس هيئة عليا لتطوير مكةالمكرمة والمدينة المنورة، وكذلك سكوت الجهات الرقابية عن ذلك.. إن عناية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بمكةالمكرمة منذ أن كان وليا للعهد لا تخفى، فقد كان وراء صدور أمر بتأسيس الهيئة العليا لتطوير مكةالمكرمة في عام 1422ه، ثم أمر بتأسيس هيئة مكة والمدينة، ومن قبلهما أمره بمشاريع الخيام المطورة وجسر الجمرات .. ولذلك لا يليق بالجهات الحكومية عدم مواكبة هذا الاهتمام وتعطيل تنفيذ أهم المشاريع وأكثرها تأثيرا على مستقبل مكةالمكرمة، وهو المخطط الشامل .. فالمخطط يغطي شؤونا استراتيجية مهمة لمكة، تتعلق ببيئتها وتاريخها وتراثها وبالتنمية الاجتماعية والاقتصادية وبمستقبلها بشكل عام وعلى مستويات عديدة.. وهو يحدد ارتفاعات البناء حول المسجد الحرام بما يمنع التطاول على عمران المسجد الحرام ويحفظ قدسيته وروحانيته التي أكّد خادم الحرمين على حمايتها في كلمته الشهيرة أثناء الاطلاع على مجسم توسعته، وكذلك يحدد المخطط ما هو مسموح به من تسوية للجبال ومن القطع الصخري .. وهذان المحددان في رأيي السبب وراء تعطيل تنفيذ المخطط، سواء من قبل الجهات المعنية أو من المتنفذين من المستثمرين والرأسماليين المتوحشين الذين لا يرقبون في مكة وبيئتها وتاريخها، وحتى سلامة واطمئنان سكانها وزوّارها إلاً ولا ذمة؛ وذلك لأنهم يريدون إكمال مشاريعهم التي تتطاول على بيت الله وينسفون الجبال بأكملها من أجل مشاريعهم دون النظر لآثارها السلبية على مكة وأهلها و زوارها وتاريخها وبيئتها.. وعليه فإنني أضع هذا تحت أنظار كل من يهمه الأمر، وبالأخص ديوان خادم الحرمين والجهات الرقابية لمتابعة تطبيق المخطط الشامل لمكةالمكرمة وإلزام الجميع بمحدداته الاستراتيجية، بما فيها الارتفاعات حول المسجد الحرام وبما في ذلك المشاريع الجاري تنفيذها، وتكسير الجبال، وإن اقتضى تعويض من تثبت خسارته جراء الالتزام بمحددات المخطط.