الاقتصادية - السعودية كثر النقاش والاختلاف حول ضرورة فرض رسوم الأراضي البيضاء داخل المدن الرئيسية، فالمؤيدون لها يرون أنها الحل الناجح والوحيد لإنهاء أزمة السكن، وذلك لإجبار ملاك تلك الأراضي على بيعها أو تطويرها، كما أنهم يرون أن فرض الرسوم على تلك الأراضي سيتسبب في انخفاض أسعار الأراضي، وبالتالي ستحل أزمة الإسكان، مبررين نجاح ذلك الحل بالفرضيات التالية: 1- أن مساحات الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني تزيد عن 70 في المائة من مثيلاتها المعمورة، وبالتالي الحاجة لبيعها تعني وفرة هائلة في المعروض من الأراضي السكنية وبالتالي نزول أسعارها. 2- أن هناك مجموعة محدودة من التجار يملكون تلك العقارات بغرض الاحتكار ويرفضون البيع بسبب عدم وجود أي تكاليف عليها. 3- أن تلك الأراضي البيضاء جاهزة للتطوير والسكن وبالتالي سيكون هناك معروض سريع ومناسب من الأراضي المخصصة للسكن في حال الحاجة لتصريفها بسبب تلك الرسوم. وهنا لن أكتب عن وجهة نظري عن جدوى ذلك الحل، كما أني لست ضد حل أزمة السكن في السعودية، ولا أعتقد أن هناك شخصا ضد حلها، ولكني أود أن أبين أنه من الخطأ أن يكون الحل قاصرا على فكرة واحدة مبنية على فرضيات قد تكون صائبة وقد تكون خاطئة، كما أن من خبرتي الطويلة في السوق العقارية أعلم أن الأزمة لدينا أزمة نقص وحدات سكنية أكثر منها أزمة ارتفاع أسعار، فالارتفاع جاء نتيجة طبيعية لذلك النقص في المعروض من الوحدات السكنية، والدليل على ذلك أن أزمة السكن في السعودية كانت موجودة حتى قبل الارتفاعات الأخيرة في الأسعار، فأنا كمواطن متضرر من عدم تملكي منزلاً أو أجد صعوبة في الحصول على سكن يناسبني لن يهمني إذا نزلت أسعار الأراضي البيضاء الكبيرة والتي لا تصلح للسكن أصلا، فهي غير مخدومة وبالتالي هي لا تعنيني، وإنما الذي يحل مشكلتي بالدرجة الأولى هو حصول طفرة بناء وتطوير لمساكن جديدة بمستويات مناسبة، وبمنافسة عدد كبير من المشاريع الإسكانية لتوفير مسكن ملائم لي ولقدرتي على الشراء، وذلك لن يحصل إلا بوجود سوق جاذبة لدخول مطورين عقاريين، وليس بحلول تخيفهم أو تؤخر دخولهم، حيث إن تلك النداءات والحلول المطروحة قد تجعل المطورين العقاريين يفكرون ألف مرة قبل دخول السوق، بسبب تخوفهم من احتمالات نزول الأسعار كما يشاع. أكرر أنني مقتنع بأن هناك أزمة سكن وأن الأسعار مرتفعة، ولكني أفضل أن لا أحجم الحل وأعلقه على رأي واحد أو حل مبني على فرضيات بنيت على مشاهدات قاصرة أو مراجع غير مهنية، ونترك أي حل آخر ونخالفه ونشكك في نوايا مطلقيه. وأختم بأن حل أزمة السكن لن يتم إلا بوجود وفرة في المساكن بمستويات مختلفة عبر خلق طفرة بناء وتشييد أحياء وضواحي متكاملة، وذلك بتذليل كل المصاعب التي تواجه التطوير والبناء وخلق أرضية جاذبة لدخول عدد كبير من المطورين العقاريين من داخل المملكة وخارجها.