مكة أون لاين - السعودية بعد تصريح صاحب السمو الملكي الأمير/ خالد الفيصل عن اختطاف التعليم، كان المنطقي أن نطوي الصفحة ونبدأ فوراً بالعمل على (تغيير) الوضع لأن الإصلاح الواقعي أنفع وأبقى من تحديد المسؤول عن الحال المزرية التي وصلنا إليها في كافة الأصعدة التربوية والتخطيطية والإدارية! ولكننا ما زلنا نرفع شعار (التطوير)، ومعناه بقاء الأخطاء أو بعضها لخمس سنوات قادمة على الأقل، وما زالت بعض القيادات من المخضرمين والمحنَّطين في الوزارة هي المسؤولة عن المستقبل الموعود، والفكر المتشدد لم تزده السنون إلا تمرُّساً على طأطأة الرأس ريثما تمر العاصفة وتعود حليمة لعادتها القديمة! ما وصل إليه المعلم اليوم من امتهان وهوان حتى على تلاميذه المراهقين هو نتيجة حتمية لتخطيط الفكر المتشدد لتجهيل الأجيال (بالتعليم) ليتمكن من السيطرة عليها، وذلك منذ بداية عام (1406ه/ 1985م) حيث أقرت وزارة المعارف آنذاك نظام التعليم الثانوي الشامل بعد أن نجحت تجربته في ثلاث مناطق في المملكة مدة عشر سنوات، وبعد ستة أشهر فقط عدلت عنه دون سابق إنذار وعادت إلى النظام القديم الذي ما زالت الأجيال ترزح تحت بؤسه واكتئابه! ذلك العام كان ما يسمى ب(تيار الصحوة) في أوج مجده، ونظام التعليم الشامل يتعارض مع أجندته تماماً؛ إذ الطالب هو المسؤول الأول والأخير عن تصميم حياته الدراسية بكامل إرادته، فهو الذي يختار التخصص الدقيق، والوقت المناسب له من الثامنة صباحاً إلى العاشرة مساءً، وكان المعلم ثابتاً في قاعة خاصة وشُعَبُ الطلاب هي التي تأتي إليه بعد أن اختارته هو بالذات وفضلته على عددٍ من زملائه المعلمين! طالب يتدرب ثلاث سنوات على تحمل المسؤولية هل تسمح شخصيته بعدها أن يغسل (التطرفُ) دماغَه ويبرمجه قنبلة موقوتة يزود بها (القاعدة)؟!! ولكن الكارثة هي ما خرَّجه ذلك النظام ولا يزال من معلِّمٍ غير كفؤ من إفرازات (خدمات الطالب)، وتلميذٍ إمَّعة يعتقد أن ذلك (الإفراز) هو المسؤول عن نجاحه وفشله!!