العرب القطرية في مقطع مصور تبثه الجزيرة، يظهر رجل فلسطيني مُعمّر، في مخيم اليرموك المحاصر من قبل شبيحة الأسد، وهو يتألم من شدة الجوع ويقول بصوت مقهور: ودّوني عند اليهود!! ولمن لا يعرف لهجة المشارقة، فمعنى ودوني عند اليهود أي خذوني إليهم. وبالطبع فإن الرجل يقصد خذوني إلى «إسرائيل» فهي أرحم بي من بشار الأسد. أدركُ أن الرجل الفلسطيني ما قال ذلك إلا على سبيل المقارنة وحسب، وذلك بعد أن رأى من بطش الأسد ما رآه، ولا يقصد أن يثني على الصهاينة الذين اغتصبوا بلاده وشردوه من أرضه. لا يستطيع أحد أن يزايد على موقفنا من العدو الصهيوني على الإطلاق، إذ لا يمكن لنا حتى اليوم ومع كل ما نراه من «سياسات الواقع» أن نعترف بملكية هذا الكيان الغاصب لأرض فلسطين أو أن نتجاهل حق العودة، أو أن نخرج القضية الفلسطينية من وجداننا وضميرنا. لكننا نجزم في الوقت نفسه أن هذا الكيان مع كل إجرامه لم يبلغ درجة إرهاب الأسد. وعليه فإنني أجزم أن صاحبنا الذي أنهكه الجوع والمرض وطول الحصار، ما قال إلا الحق. إذ إنني لا أشك أن الصهاينة، على إجرامهم ووحشيتهم، أرحم من نظام المقاومة والممانعة في دمشق. بنظرة بسيطة على الأحداث الجارية في البلدين، سورياوفلسطين، نلاحظ أن الأسد يستخدم صواريخ سكود ليدمر بها البلاد، ويفرغ المدن من ساكنيها فيملؤها بالإيرانيين وميليشيات حزب الله. أضحكني أن سياسات نتنياهو تقوم على إخراج السكان العرب من بيوتهم ليتم استيطانها بعد عدة سنوات، على نتنياهو هذا أن يتعلم من بشار الأسد الحكمة في استخدام البراميل، فهي تفرغ البيوت من أهلها بدقائق معدودة دون عناء، ولا يتبقى من سكانها الأصليين إلا رائحة الدم وبعض أشلاء متناثرة. وعند إجراء مقارنة بسيطة بين مذابح دير ياسين وكفر قاسم من جهة، والمذابح التي تجري في أنحاء سوريا كلها من جهة أخرى، نجد أن بشار الأسد قتل في مجزرة واحدة في الغوطتين 1300 شخص استشهدوا جميعاً في أقل من نصف ساعة من خلال استخدام السلاح الكيماوي. لا أستطيع أن أتصور أن يقوم أي مسؤول صهيوني بإطلاق صواريخ متوسطة أو بعيدة المدى على يافا أو تل أبيب، حتى في حال وجود «إرهابيين حقيقيين» في تلك المدن، إذ قد يقع صاروخ سكود على بعد خمسمائة متر من الهدف الذي وجه إليه، بما يعني ذلك تدمير الحي بأكمله وإسقاط كل أبنيته وإهلاك المزارع المحيطة به. ولا أستطيع أن أتصور أن تقوم الطائرات الصهيونية بإلقاء البراميل الغبية على حي يهودي في القدس فلا تبقي فيه طفلاً ولا عجوزاً، وأعتقد جازماً أن الصهاينة ما كانوا ليضحوا بصهيوني واحد، حتى لو كان الأمر يتعلق بمحاربة عدو داخلي أو خارجي. في كثير من الأحيان أنظر إلى الصور التي تبثها الفضائيات من فلسطين، حيث نرى الجنود الصهاينة يطلقون قنابل الغاز المسيلة للدموع على الفلسطينيين، وأقارنها بقصف الطائرات اليومي على مدن سوريا كلها دون تفريق بين مدني وعسكري أو بين صغير وكبير. لا شك أن شارون وإيهود باراك وإسحاق شامير وكذلك مناحيم بيجن وجولدا مائير يشعرون بالخجل أمام بشار الأسد، الذي استطاع في ثلاث سنوات فقط قتل مائتي ألف شهيد واعتقال نصف مليون وتشريد عدة ملايين سوري. قبل أيام، بثت الجزيرة مقطعاً اعتبَرته صادماً يُظهر أحد الجنود الصهاينة وهو يقتحم متجراً فلسطينياً دونما سبب ويسرق خمسمائة شيكل. استوقفني المقطع وذكرني كيف يدخل جنود الأسد وشبيحته إلى ديار السوريين فيغتصبون النساء أمام أزواجهم وأبنائهم ثم يذبحون الأطفال أمام أعين ذويهم. أطلق السوريون على بشار الأسد اسم بشارون، وكنت على الدوام ضد هذه التسمية، إذ إنني مقتنع أن شاورن خير من بشار الأسد لشعبه، إذ لم نسمع عنه أنه قتل صهيونياً في الأراضي المحتلة منذ عمله في الجيش الصهيوني حتى هلاكه مروراً بتسلمه منصب رئاسة الوزراء. وبينما سعى المسؤولون الصهاينة على الدوام لتمكين المستوطنين في أرض فلسطين واستقدامهم من بلاد العالم المختلفة، سعى بشار الأسد إلى تهجير السوريين وإفراغ سوريا من أهلها. لقد اتهم شعبه بالإرهاب ووجه أسلحته كلها لقتله. أعتقد أنه لا خجل على الإطلاق في تفضيل شارون على بشارون، مع التأكيد على إجرام ودموية الاثنين. [email protected]