وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال11 لمساعدة الشعب السوري الشقيق    استقرار أسعار النفط مع تراجع المخزونات الأمريكية ومخاوف الطلب العالمي    "عِلم" تبرم مذكرة تفاهم مع "كدانة للتنمية والتطوير" لتعزيز سبل التعاون المشترك    بهدف الارتقاء بخدمات الحجاج والمعتمرين.. اتفاقية تعاون بين مجموعة فقيه للرعاية الصحية وشركة أشرقت    المملكة وسنغافورة توقعان مذكرة لإنشاء مجلس الشراكة الاستراتيجية    الأقل بين دول ال20.. التضخم السنوي في السعودية يتباطأ إلى 1.9%    اقتصادي / "مدن" و "اكتفاء" توقعان مذكرة تفاهم للتعاون في توطين سلاسل إمداد قطاع الطاقة    مجمع الملك سلمان العالمي للُّغة العربيَّة ووزارة الحج يُطلقان "معجم مصطلحات الحاج والمعتمر"    لماذا تتوقف الرسائل الصوتية عند تقريب الهاتف من الأذن؟    «وزارة الصناعة» توقع مذكرات تفاهم مع 6 دول لتطوير قطاع التعدين والمعادن في المملكة    استشهاد خمسة فلسطينيين في قصف إسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بمدينة غزة    «إثراء الضيافة القابضة» تدشن هويتها الجديدة بحضور وزير الحج والعمرة    حسابات السومة    «التعليم»: الفحص اللياقي.. شرط لقبول الطلاب المستجدين العام القادم    حج آمن    فيصل بن بندر يطلع على أعمال أمن المنشآت    الأهلي يصطدم بالخلود.. وصراع «الوسط» ب «ديربي الرياض»    الشباب ينهي عقد كويلار    الاتحاد يتخلى عن صدارته    أمير القصيم يدشن مشروعات محافظة أبانات    المتحدث الأمني لوزارة الداخلية يؤكد أهمية تكامل الجهود الإعلامية بمنظومة الحج    أمير الشرقية يتسلم تقرير الملتقى العلمي    فيصل بن نواف يطلق ملتقى «جسور»    سعود بن بندر يستقبل مدير الالتزام البيئي ورئيس «رياضة الأساتذة»    المملكة والسَّعي لِرفع العقوبات عن سورية    "سلامة الأغذية" بالرس يحصل على "الأيزو"    البروتين البديل    سعود بن خالد يشهد اتفاقية «الفاحص الذكي»    مستشفى المذنب يُجري 1539 عملية جراحية    «أمن الدولة»: انتقلنا من مرحلة توفير الأمن إلى صناعته    مفتي الطائفة العلوية ل«عكاظ»: السعودية محل ثقة.. ودورها محوري في سورية    مدير الجوازات: أجهزة ذكية لقياس مدة بقاء الحجاج في «الكاونتر»    "سلمان للإغاثة" يحلق عالمياً    صراع «الفاشنيستا» تديره فَيّ فؤاد    الدبلوماسي الهولندي ما رسيل يصف بعض جوانب الحياة في قنا حائل    ابو قلبٍ مريح    أمريكا والتربية    م ق ج خطوة على الطريق    زمن السيارات الصينية    بايدن يرفع كوبا عن اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب وهافانا ترحب    يا رجال الفتح: كونوا في الموعد    مفوض الإفتاء في جازان يحذر من خطر الجماعات المنحرفة خلال كلمته بالكلية التقنية بالعيدابي    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. نائب أمير منطقة مكة المكرمة يفتتح» مؤتمر ومعرض الحج 2025»    رونالدو يقترب من تمديد عقده مع النصر    مجلس الوزراء: تشكيل لجنة مركزية دائمة للجهات الأمنية في المنافذ الجمركية    من أعلام جازان.. الشيخ الجليل ناصر بن خلوقة طياش مباركي    الآثار المدمرة بسبب تعاطي المخدرات    «الغذاء والدواء»: الجنسنغ بجرعات عالية مضر بالصحة    هل انتهت كرة السلة في المدينة المنورة ؟!    ألمانيا.. بين دعم السلام والأسلحة الفتاكة!    الدكتور علي مرزوق إلى رتبة أستاذ مشارك بجامعة الملك خالد    أفكار قبل يوم التأسيس!    انطلاق فعاليات معرض مبادرتي "دن وأكسجين" غدًا في جازان    نائب أمير تبوك يتسلم التقرير السنوي لانجازات واعمال فرع وزارة التجارة    أمير الشرقية يقدم التعازي لأسرة السماري    إنجاز علمي جديد.. «محمية الملك عبدالعزيز الملكية» تنضم للقائمة الخضراء الدولية    أمير الجوف يشيد بدور "حقوق الإنسان"    برعاية الأمير فيصل بن خالد.. إطلاق جائزة الملك خالد لعام 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خجل ماركيز
نشر في أنباؤكم يوم 24 - 04 - 2014


العربي الجديد اللندنية
رحل، إذن، أحد أشهر أصدقاء الثقافة العربية، المولعين بسحر موروثها الأدبي، من دون أن ندعوه لزيارة بلاد العرب، أو نقدم له، أو باسمه، مهرجاناً أو فعاليةً أو جائزة، على كثرة مهرجاتنا الثقافية وفعالياتنا الثقافية وجوائزنا الأدبية واحتفالاتنا القومية، في طول البلاد العربية وعرضها.
رحل غابرييل غارسيا ماركيز، فلم ينعه زعيم عربي واحد، وربما لم يقرأ أحد منهم سطراً من سطور رواياته العظيمة التي فاقت شهرتها شهرتهم أجمعين، وفاق أثرها أثر أعمالهم، بأنواعها، على العالم، مجتمعين.
تعليقاً على خبر رحيل هذا الروائي الأشهر في العالم، الأسبوع الماضي، كُتبت عدة تغريدات احتفائية به، وردت في واحدة منها عبارة لماركيز من بيانه الشهير، والذي نشره في موقعه الإلكتروني في العام 2002، تأييداً منه للقضية الفلسطينية، وتعليقاً على أخبارٍ راجت، كما يبدو، آنذاك، عن نيّة مؤسسة نوبل منح جائزتها للسلام في ذلك العام لأرييل شارون. العبارة: "أُعلن عن إعجابي غير المحدود ببطولة الشعب الفلسطيني الذي يقاوم الإبادة، على الرغم من إنكار القوى الأعظم، أو المثقفين الجبناء، أو وسائل الإعلام، أو حتى بعض العرب لوجوده. بشكل منفرد إذن، أنا أوقّع على هذا البيان باسمي: غابرييل غارسيا ماركيز".
ومع انتشار تلك التغريدة في أجواء "تويتر" يومها، وجدت مَن شكّك بها، أو بنسبة تلك العبارة إلى ماركيز، حتى إن أحد المتابعين طالبني برابط إلكتروني لبيان ماركيز، باللغة الإسبانية أو الإنكليزية بالذات، "حتى نتأكد من صحته، وأنه ليس ملفّقاً من قبل القومجيّة"، كما كتب ذلك المتابع حرفياً.
ليس البيان ملفقاً من "القومجية"، بل هو معروف ومنشور، وبأكثر من لغة فعلاً، إلا أنني ألتمس العذر لكل مَن شكّك به، أو حتى استغربه. فكثيرون من القراء، الشباب، لا يعرفون ماركيز إلا من رواياته المترجمة إلى اللغة العربية، وفيها، لم يرشح موقف ماركيز بوضوح من القضية الفلسطينية، على الرغم من انحيازه المبدئي، روائياً، في كل ما كتب، لكل القضايا الإنسانية، ومنها قضية العرب الأولى، بالإضافة الى إشاراتٍ كثيرةٍ بثّها بين ثنايا ما كتب عن تأثّره بالحضارة العربية عموماً، ولو من خلال بعض أسماء شخصياته الروائية الساحرة.
كان ماركيز قد تسلّم جائزة نوبل للآداب في 1982 عندما نشر، في صفحة اشتراها إعلاناً مدفوع الثمن، من إحدى صحف الإكوادور، بيانه الشهير الذي ندد فيه بمجزرة صبرا وشاتيلا بأقسى العبارات، وبأوضح الكلمات، ومن دون خشية من أحد ممّن يسيطرون على مسرح الإعلام العالمي.
وعلى الرغم من أن السنين، والأحداث التي جرت في إهابها، طوال ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته، غيّرت مواقف كثيرين من غير العرب، بل ومن العرب أنفسهم، تجاه القضية الفلسطينية، إلا أن مواقف صديقنا "غابو" لم تتغيّر إلا وضوحاً مضطرداً تجاه هذه القضية تحديداً. ففي العام 2002، عندما أعاد الصهاينة احتلال مدن فلسطينية في الضفة الغربية مجدداً، بعد مذابح بشعة تعرّض لها سكان تلك المدن، كرّر الروائي العظيم كتابة بيانه القديم بصورة أخرى. وعندما أراد نشره، لم يجد وسيلةً إعلاميةً واحدةً من الوسائل التي طرق أبوابها ترحّب ببيانه، لا كمادة تحريرية، ولا كإعلان مدفوع الثمن، خوفاً من أية ملاحقات قضائية متوقعة من إسرائيل. فلم يكن أمام سيّد الواقعية السحرية من بد سوى اللجوء إلى ما بدأت التكنولوجيا توفيره للكتاب وغيره، من وسائل سحرية للنشر الحر. يومها، نشر بيانه على موقعه في الإنترنت، بالإنكليزية والإسبانية، بعنوان موجع: أوقّع هذا البيان منفرداً.
لم يذهب بيان ماركيز المنفرد أدراج التجاهل والنسيان، فقد تُرجم إلى لغات عديدة، وتناقلته مواقع الإنترنت بحماسة، ثم نشر باللغة العربية في صحيفة "العربي" المصرية، ترجمة أحمد يونس. وكان أثره الأكبر قد ظهر بتداعي بعض زملاء ماركيز، من كتّاب العالم الكبار، للتوقيع عليه، لكي لا يبقى كاتبه منفرداً، ثم ذهبوا إلى أبعد من مجرد التوقيع عندما شكلوا وفداً، ضم أسماء أدبية كثيرة شهيرة، كالنيجيري وول سوينكا، والبرتغالي ساماراغو، الذي زار الأراضي العربية المحتلة، مبدياً تعاطفه مع القضية الفلسطينية، ومعيداً لها بعض وهجها المفقود عالمياً.
يبيّن البيان حجم خسارتنا، نحن العرب، برحيل غابرييل غارسيا ماركيز، الكاتب الكولومبي الذي آمن بقضيتنا العربية، كما لم يفعل بعضنا، فقط لأنه آمن بالحق وبالحقيقة. ويستحق البيان الخالد أن نهديه لكل "المستثقفين" العرب الذين تخصصوا، في الأونة الأخيرة، بشن الحروب الخاسرة حتماً، ضد الحق والحقيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.