تتداول الوسائط الاجتماعية هذه الأيام أخبارا سيئة عن طالباتنا المبتعثات لا تخرج عن خبر لطالبة تعرضت للتحرش وأخرى عصت أباها فتزوجت من أجنبي وثالثة تسببت في إدخال والدها السجن، حينما تعرض لها بالضرب مخالفا بذلك قوانين البلد الذي تدرس فيه ويعتبر ضرب الآباء لأبنائهم جريمة يعاقب عليها القانون. وإذا ما عرفنا أن هذه الأخبار يتم الترويج لها وتداولها في نفس الفترة التي تتعالى فيها بعض الأصوات مطالبة بالتوقف عن ابتعاث الطالبات كان بإمكاننا أن نعرف السر وراء ترويجها، بل واختلاقها كذلك، فما ذلك سوى دعم لمن يسعون إلى إغلاق باب الابتعاث دون الطالبات انطلاقا من أوهام يتخيلونها، ومخاطر يبنون عليها مواقفهم. وإذا ما عرفنا أن هناك عشرات الآلاف من بناتنا المبتعثات أصبح من الطبيعي ومن المتوقع أن تقع واحدة في الخطأ أو تشذ ثانية عن الطريق السليم، ولا أحد يستطيع أن ينكر أن من بين عشرات الآلاف من بناتنا المقيمات في منازلهن واللاتي لم يبتعثن واحدة تقع في الخطأ وأخرى تشذ عن الطريق المستقيم، وعلى من ينكر ذلك أن يراجع ضبطيات هيئة الأمر بالمعروف، وجلسات المحاكم لكي يدرك أن الإقامة داخل البلد لن تجعل من بناتنا جميعهن مجتمعا من الملائكة، وأن الابتعاث لا يمكن له أن يحولهن إلى مجتمع من الشياطين. وهؤلاء الداعون إلى الانغلاق والمخوفون من الابتعاث يجهلون أو يتجاهلون أن كثيرا من النساء اللاتي يتولين مناصب كبيرة تؤهلهن للمساهمة في التطوير والتنمية، وأن كثيرا من الطبيبات اللاتي لا يستغني أحد عن خدماتهن، بمن فيهن نسوة المنكرين للابتعاث وأطفالهم إذا عرض لهن عارض صحي، هؤلاء الطبيبات هن ثمرة من ثمار الابتعاث إلى الخارج. وإذا كان كثير منا يعرف زيف دعاوى دعاة الانغلاق ومحاولة وفودهم إعاقة مسيرة التنمية والتطوير فإن علينا أن ندرك أن كثيرا من القصص التي تتداولها مواقع التواصل الاجتماعي لا تخرج عن محاولة التشويه بتكريس الأخبار السيئة أو اختلاق أخبار أكثر سوءا.